تقرير | الليبيون يستذكرون بمرارة الذكرى السابعة لإنتخاب المؤتمر العام

ليبيا – تحل اليوم الذكرى السابعة لإنتخابات المؤتمر الوطني العام ، كأول عملية إنتخابية مباشرة في ليبيا منذ عهد المملكة الليبية ، إلا أن هذه التجربة ورغم نزاهتها كعملية إنتخابية بصرف النظر عن تحايل الكثير من مرشحيها وخاصة من الإخوان المسلمين المتكتلين والمترشحين على قوائم المستقلين لم تأتي ثمارها المرجوة بسبب سلوكيات وعنجهية وتعصب الإسلام السياسي الذي تسلل إلى هذا المؤتمر أفراداً وجماعات وكان له فيه ماكان .

وفقاً للإعلان الدستوري ، أُنتخب المؤتمر بولاية سنتين وأُنيطت به مهام محددة ألا وهي الإنتقال بالبلاد إلى مرحلة دستورية مستقرة ، إنهاء المراحل الإنتقالية ، إنتخاب رئيس مباشر من الشعب والرقابة على أجهزة الدولة التنفيذية خلال هاتين السنتين ، ولغاية في نفوس من سيطر على هذا الكيان الذي ظفر بلقب صاحب أطول برلمان منتخب في السلطة ، فقد انتخبت في تونس مثلاً في عده برلمانيين وإنتخبت مصر ثلاثة بل وحتى سوريا قد إنتخبت إثنين خلال ذات الفترة .

ولكن سرعان ما تحول المؤتمر إلى حلبة نزال كانت الغلبة فيها للإسلام السياسي وحلفائهم خاصة من جماعة الإخوان المسلمين  سواء بالكيد  أو الإبتزاز المالي أو حتى باستخدام السلاح والإستقواء على الآخرين به تحت قبة المؤتمر ومن هذه الحوادث مثلاً الإستقواء بغرفة ثوار ليبيا لفرض قانون العزل السياسي أو إعتداء صلاح بادي بالضرب على زميلته نجاح صالوح وغيره الكثير من الحوادث  .

كما أن المؤتمر إستهل باكورة أعماله بتكريس نظام المحاصصة الجهوية الذي تعاني منه البلاد حتى الآن على حساب معيار الكفاءة  عندما سن بدعة تقسيم المناصب السيادية وفق نظام الأقاليم التاريخية الثلاثة ( طرابلس – برقة – فزان ) ولا يمكن بطبيعة الحال أن يُغفر له جريمة القرار 7 لسنة 2012 ضد مدينة بن وليد وبموجبه إستحلت المدن والقبائل دماء بعضها البعض بتكريس مفهوم ( المنتصر والمهزوم في الثورة ) علاوة على أن القرار صدر بغير نصاب دستوري أو قانوني في تجاوز واضح كل اللوائح والنظم المنظمة لعمل هذا الجسم يضاف لكل هذا وذاك إصرارهم على حرمان الليبيين من إنتخاب رئيس مباشر من الشعب لثقتهم بعدم فوز أي مرشح منهم بهذه الإنتخابات  .

لم يكن القرار رقم 7 لوحده وصمة العار والدم في جبين هذا المؤتمر بل لحقه أيضاً الإعتداء على الأعضاء بالضرب وإقتحامه بالسلاح من قبل موالين لهذا أو ذاك على حساب الآخر وغيرها الكثير مروراً بتمويل الإرهاب متمثلاً في مليشيات الدروع المتحالفة مع تنظيم أنصار الشريعة وتمويل غرفة عمليات ثوار ليبيا بل وحتى بدعم التنظيم بشكل مباشر .

إلى ذلك إستمرت القرارات المعيبة في الصدور منها إحالة الآلاف من ضباط الجيش والشرطة للتقاعد الإجباري وحل وحداتهم وإستبدالها بمليشيات مدنية ومحاولة تشكيل الحرس الوطني كمليشيا موازية للجيش النظامي يضاف لذلك التستر على عمليات الإغتيال في درنة وبنغازي وطرابلس والزاوية وصبراتة وعلى حادثة سرقة عشرات ملايين الدولارات من قبل تنظيم أنصار الشريعة في سرت كانت أحد مصادر تمويله خلال طور تحوله لتنظيم داعش وأخيراً وليس آخراً رفضه الإعتراف بانتهاء ولايته .

وعقب جهد جهيد وبعد محاولة لتعيين أحمد معيتيق رئيساً للحكومة بالتزوير والتدليس في عمل أحبطته المحكمة العليا ،  وافق هذا المؤتمر على الخروج من المشهد – يقول مراقبون – بأنه كان سيكون خروج غير المأسوف عليه إلا أن المؤتمر سرعان ماعاد وإنعقد منقلباً على نتائج إنتخابات مجلس النواب حتى قبل صدور حكم المحكمة العليا المختلف على تفسيره بشأن شرعية البرلمان ، وذلك طبعاً عقب سفك الدماء وإستعمال العنف من خلال عملية فجر ليبيا التي حددها مجلس الأمن والخارجية الأمريكية كسبب للإنقسام السياسي الذي طال البلاد ومؤسساتها حتى اليوم .

لم يكتفي بذلك بل خاض حواراً تلاعبت به الأمم المتحدة من حوار بين النواب المنقطعين إلى حوار مع المؤتمر الذي كان قد شكل حكومة موازية أهدرت المليارات ودعمت مختلف أشكال المتطرفين بلسان رئيسيها ولسان نوري أبوسهمين آخر رئيس لهذا الكيان ، الذي لا يستطيع بعيداُ عن الدسائس والإنقلابات عنددما إنقلب على نفسه وإنبثق عنه مجلس الدولة الإستشاري الذي تزعمه عبدالرحمن السويحلي قبل أن ينقلب عليه أصدقائه في جماعة الإخوان المسلمين ليصعد عضو الجماعة خالد المشري إلى الرئاسة في دورتين متتاليتين .

اليوم تمر على البلاد وهي في ظروف دقيقة للغاية الذكرى السابعة لإنتخاب هذا المؤتمر سيئ الصيت والذكر بكافة وجوهه عدا تلك التي آثرت الإنسحاب من هذه العملية السياسية المشوهة وإعترفت بإنتهاء الولاية ووجوب تسليم السلطة وعادت إلى أعمالها وسابق حياتها ، كما لا يمكن أيضاً نسيان التلاعب الذي قام به ” المؤتمر المتحول ” بعد الإتفاق السياسي بتضمينته عضوية أشخاص لم يكونوا يوماً بين أعضائه عقب 6 سنوات من خوضهم الإنتخابات وخسارتهم علاوة عن إنعقاده أصلا بالمخالفة للإتفاق السياسي نفسه وتكريسه لما يسمى ” ديمقراطية التوافق غير المنتخبة ” بديمقراطية الصندوق التي مارسها الليبيون وعليهم التمسك بها مستقبلاً قطعاً للطريق على أحلام هؤلاء ومن يقف خلفهم  .

والأهم من هذا وذاك وإذ يستذكر غالبية الليبيون هذه الذكرى بالندم على إختياراتهم في أول تجربة إنتخابية لهم يعبرون عن حسرتهم المضاعفة بإستمرار هؤلاء في المشهد تحت مسمى أعضاء مجلس دولة إستشاري منتخبين بينما الناخب لم ينتخبهم إلا لعامين ولمهمة تشريعية محددة المعالم ، مع إستمرار الهدر المالي على مرتباتهم ومصاريفهم وعلاواتهم وصيانة وتجهيز مقراتهم ومبيتهم التي تجاوزت بعملية حسابية بسيطة خلال 7 سنوات مليار دولار دون أي نتيجة ، هذا هو المعلن ، أما غير المعلن فذاك شأن آخر ، وفي النهاية كانت الحصيلة لكل هذا هو عزوف الليبيين عن الإنتخابات وشعورهم الدائم بأن خاسراً كالإسلاميين سينقلب عليها مجدداً لذى فأنه لا جدوى مرجوة منها .

يقول مراقبون وحتى مواطنون بأنه ” من السخرية أن يتحدث هؤلاء طيلة الوقت وجلهم من خريجي السجون وعقدها النفسية بعد كل هذا المصاب الذي ألحقوه بالبلاد عن الديمقراطية والدولة المدنية والتداول السلمي على السلطة وهم أصحاب أطول فترة في السلطة في كامل أفريقيا وشمالها والمتوسط  وقد باتت هذه الشعارات تملأ صفحات الناس على وسائل التواصل الإجتماعي بالسخرية والتهكم وبتشدد مقابل للأسف مفاده بأن الحكم العسكري هو الحل لإستئصاله ثأراً لإنقلابهم على خياراتهم الديمقراطية وإستبدالهم صناديق الإنتخابات بصناديق الذخيرة ، وهذا كله لا يعفي مجلس النواب الحالي من الإنتقاد أيضاً فيما يؤكد أعضائه بأن أي فرصة مريحة للعمل وممارسة التشريع لم تتاح لهم منذ إنتخابهم بذلك الإنقلاب المشؤوم المسمى فجر ليبيا .

المرصد – خاص

Shares