تقرير | معادلة ” الفساد والفشل ” تُغرق العاصمة وجوارها في الظلام مجدداً

ليبيا – كما جرت العادة ، ما أن تكاد تختفي أزمة من أزمات طرابلس ومحيطها وجوارها حتى تبرز أخرى رغم عشرات الإجتماعات الرسمية والتقابلية وورش العمل والأهم من ذلك مئات الملايين المرصودة دون جدوى .

مع إرتفاع حرارة الطقس وملامستها سقف 40 درجة مؤوية تنقطع الكهرباء عن طرابلس كما جرت العادة في مثل هذا الوقت من السنة مابين 15 ساعة و حتى 20 ساعة في بعض المناطق مما دفع بالسكان بالخروج للحدائق والشواطئ فراراً من جحيم المنازل حيث لا صوت يعلو على صوت أزيز محركات المولدات .

يوم أمس كرر رئيس مجلس الرئاسي فائز السراج مطالبته بالتوزيع العادل للأحمال مابين طرابلس والمناطق والمدن الأخرى التي ترفض هذا الأمر ، وقد جاء ذلك في إجتماع عقده مع لجنة الأزمة التي يترأسها وينوب عنه فيها عثمان عبدالجليل وزير التعليم  ووزير الحكم المحلي ميلاد الطاهر .

ولكن في المقابل ، يبدوا أن دعوات السراج المطالبة بمجرد عدالة طرح الأحمال لا تجد طريقاً للتنفيذ لدى بعض المدن خاصة التي تقول بأنها ” تدافع معه عن طرابلس ضد حفتر ” فيما أعلنت الشركة العامة للكهرباء بأن عدد ساعات الإنقطاع عن العاصمة سيكون طويلاً دون أن تحدد قدره بالتحديد.

وفي الأثناء ينحي البعض باللوم أيضاً على عضو المجلس الرئاسي أحمد معيتيق كونه رئيس الجمعية العمومية للشركة العامة للكهرباء وذهب البعض إلى الحديث عن فساد يضرب أطنابه في هذه المؤسسة لعدم ظهور أي تحسن رغم المليارات المخصصة لها سواء في عهد الرئاسي أو الحكومات التي سبقته وهنا تجدر الإشارة إلى تقارير ديوان المحاسبة التي قدمت عدة ملاحظات وأبرزت عدة مخالفات جسيمة في ملف التعاقدات بشركة الكهرباء .

أما القمامة فتلك رواية أخرى يحكى فيها أن بلدية يكاد أن يتواجد رئيسها في مقر الرئاسي أكثر من مقر عمله وتتقاضى مخصصاتها بإنتظام من الحكومة وتمارس في كثير من الأحيان العمل السياسي وقد عجزت هي الأخرى عن حلحلة هذه الأزمة ولو بشكل جزئي يخفف من إنبعاث الروائح العفنة ومشاهد التلوث وسط مخاوف السكان من إنتشار الذباب الناقل للمرض لاسيما مع تسجيل حالات مشابهة خلال الأشهر الماضية .

وإلى الأزمة القديمة الجديدة ، ألا وهي أزمة السيولة المالية حيث يقف الناس في طوابير تمتد لعشرات الأمتار علّهم يتحصلون على بعض من مذخراتهم ، في وقت حققت فيه عائدات النفط أرقام قياسية لم تٌسجل منذ سنة 2013 وفقاً لما أعلنته المؤسسة مطلع هذا الشهر علاوة على جني المصرف المركزي للمليارات خلال الفترة الماضية من الرسوم المفروضة على بيع النقد الأجنبي ، مما يطرح تساؤلات كبرى عن مصير هذه الأموال وسبب إستمرار الأزمة .

وبالتوازي مع طوابير المصارف ، تمد الطوابير الأخرى أمام محطات الوقود هي الأخرى بعشرات الأمتار دون سبب واضح لنقص الإمدادات فيما ترصد العدسات إستمرار عمليات التهريب من مصفاة الزاوية إلى تونس عبر الجبل الغربي ومناطق أخرى جهاراً نهاراً .

وفي المقابل ، لا يجد بعض مسؤولي حكومة الوفاق حرجاً من القول بأن ” الحرب على طرابلس ” هي السبب في هذه الأزمات الأمر الذي لم يثر رجل الشارع البسيط فقط بل أثار حتى حفيظة بعض الموالين للوفاق لأن هذه الأزمات ليست جديدة ولا هي بوليدة اللحظة ويشترك الجميع في الحديث عن معادلة ( الفساد + الفشل ) .

في المجمل ومهما قرع الصحافي أبواب وهواتف المسؤولين عن هذه الأزمات العالقة منذ سنوات فلن يجد جواباً عملياً لأسباب إستمرارها أو على الأقل عدم معالجتها ولو بشكل جزئي ودائماً ما تركز الإجابات على أن الأزمة مالية أو أنها نتيجة تراكمات للعقود  السابقة .

لكن رجل الشارع البسيط الذي ينظر بحسرة إلى منجزات دول الجوار والإقليم رغم محدودية دخلها ، يدرك تماماً بأنها ليست سوى إستمرار لأزمة سوء الإدارة والفشل والفساد و ” الكولسة ” حتى في عقود جمع القمامة من أمام منازل السكان .

Shares