تقرير | عقب مقاطعة لخمسة سنوات .. قيادي بارز بالإخوان يلتحق بـ “برلمان المنقطعين” في طرابلس

ليبيا – بعد غياب دام لسنوات عن العمل العلني ، عاد عضو مجلس النواب المنقطع سعد عساكر الجازوي القيادي في جماعة الإخوان المسلمين الليبية المصنفة محلياً كجماعة إرهابية من قبل البرلمان المعترف به دولياً إلى الواجهة مجدداً ولكن هذه المرة من بوابة حكومة الوفاق ومجلسها الرئاسي باهتمام إعلامي بالغ من وسائل الإعلام التابعة والموالية للجماعة من قناة بانوراما والأحرار مروراً بالرائد وموقع عين ليبيا وغيرهم  .

سنة 2014 ترشح الجازوي عن بنغازي لإنتخابات مجلس النواب التي مُني فيها الإخوان المسلمين بهزيمة نكراء أطلقوا عقبها عملية فجر ليبيا التي إنقلبت على نتائج الصندوق وفرضت واقعاً جديداً لازالت تداعياته وآثاره الكارثية ماثلة حتى اليوم . كان ذلك الترشح أول عمل رسمي يقوم به خارج إطار الجماعة منذ خروجه من سجن أبوسليم عقب المراجعات التصحيحية التي جرت بين السجناء والنظام السابق برعاية الصادق الغرياني وعلي الصلابي والسعودي سلمان العودة وآخرين من قيادات الليبية المقاتلة السابقة والحالية .

متظاهرون يدوسون صورة الجازوي في بنغازي عقب تأييده لفجر ليبيا ومجالس شورى ثوار القاعدة

في تلك الإنتخابات تحصل الجازوي على 1057 صوت فقط من إجمالي 140 ألف صوت تنافس عليها 20 مرشحاً من النساء والرجال بينهم زميله القيادي في الجماعة ، الليبي الأمريكي ، علي أبوزعكوك الذي إنقطع هو الآخر عن المجلس وتولى لاحقاً منصب وزير الخارجية في حكومة الإنقسام السياسي بزعامة خليفة الغويل .

وفي أثناء توليه منصب وزير خارجية الغويل ، إرتبط أبوزعكوك أيضاً بأنشطة عناصر ليبية بالتنظيم الدولي للإخوان المسلمين في الولايات المتحدة يتزعمه رفاقه ، عماد الدين زهري المنتصر و عصام عميش ، كما أنهى عمله في خارجية الإنقاذ الموازية بفضيحة مالية تتعلق بتعاقد قام به شركة علاقات عامة أمريكية بهدف الترويج لحكومتهم ولكن دون جدوى.

بالوثائق : علي أبو زعكوك متورط بصفقة فساد مع شركة علاقات عامة أمريكية

وبالعودة إلى الجازوي ، فهو يشغل مهام عضو مجلس الشورى العام للإخوان المسلمين أو كما كان يسمي الهيئة التأسيسية وهو السلطة التشريعية لجماعة الإخوان، وقراراته ملزمة، ومدة ولايته أربع سنوات وتتضمن مهامه الإشراف العام على الجماعة وانتخاب المرشد العام لها سواءً على مستوى البلد أو التنظيم الأم .

يميناً – الجازوي في مؤتمر صحفي سابق لمجلس شورى جماعة الإخوان المسلمين – أرشيفية

كما شغل الجازوي مهاماً قيادية في حزب العدالة والبناء الذراع السياسي للجماعة لكنه سرعان ماغادر الحزب إلى صفوف جماعتهم مجدداً ، وتشير بعض المصادر إلى أن نشوب خلافات لأسباب شخصية بينه وبين محمد صوان كانت سبباً في هذا الإنسحاب ، وزامله في الحزب عدد من قيادات الجماعة منهم عبدالرزاق العرادي ونزار كعوان ومحمود عبدالعزيز وعمر بوشاح وعماد البناني وعبدالله شامية إضافة لنزار كريكش الذي يعرف نفسه هذه الأيام بصفة ( كاتب مستقل ) ينشر مقالاته عبر شبكة الرائد وتعيد قناة الحزب ليبيا بانوراما تدويرها .

قائمة مجلس شورى حزب العدالة والبناء – أرشيفية

يعد الجازوي أيضاً أحد أقرب المقربين للمراقب العام السابق للجماعة في ليبيا بشير الكبتي كما إرتبط لاحقاً بعلاقة وثيقة مع مراقبها التالي أحمد السوقي وعقب مقاطعته لمجلس النواب تفرغ للعمل مع الجماعة مجدداً في مجالات متعددة بعيدة عن وظيفته كنائب منتخب وأقام خلال هذه الفترة مابين طرابلس ومصراتة وإسطنبول حيث تتمركز غالبية قيادات جماعته التي دأبت على نشر بعض الإصدارات المرئية له عبر قناتها الرسمية على يوتيوب وفي مجملها كانت تروح لمنهج وفكر الإخوان .

وفي هذه الفترة مابين 2014-2019 كان يصف مجلس النواب بالمنحل ويصف نفسه بصفة ” أحد نشطاء الثورة في بنغازي ” .

الجازوي يعرف نفسه للقنوات كناشط وليس كنائب – 2016

أيضاً ، يعتبر الجازوي من أكثر قيادات الجماعة تعصباً لتوجهاتها وتشدداً لأفكاره وخاصة في تأييد المليشيات المتطرفة كالتي تسمي نفسها ” مجلس شورى ثوار بنغازي ودرنة ” وهي التي حددتها لجنة عقوبات مجلس الأمن كجماعة مرتبطة بتنظيم القاعدة ومتحالفة مع تنظيم داعش علاوة على أن تنظيم أنصار الشريعة الإرهابي المحظور يعتبر أحد أهم مكونات مجالس الشورى وفقاً لبياناتها التأسيسية .

مقتطفات من تقارير مجلس الامن حول طبيعة مجالس الشورى الإرهابية وإرتباطها بتنظيم داعش

كان الجازوي أيضاً أحد أشد المعارضين للقرار الصادر عن البرلمان في أولى جلساته بشأن مكافحة الإرهاب وهو القرار الذي حدد مجالس الشورى وتنظيم أنصار الشريعة كجماعة إرهابية وقد كتب حينها على صفحته أن القرار لا يمثله وبأنه يمزق الوطن ، وكانت المفارقة الكبرى والعجيبة أن من أصدر القرار يومها في طبرق وتمسك به هم أعضاء يجلسون اليوم مع الجازوي في طرابلس مثل مصعب العابد والصادق الكحيلي وحمودة سيالة وغيرهم ، بل أن أحدهم كان فائز السراج نفسه الذي إنقطع لاحقاً ثم كُلف بطريقة مجهولة لا يعلمها الليبيون حتى اليوم بمنصب رئيس المجلس الرئاسي عقب توقيع إتفاق الصخيرات الموصوف بالفاشل في ديسمبر 2015 .

الجازوي يعارض قانون مكافحة الارهاب الصادر عن البرلمان

عقب العملية العسكرية التي إنطلقت في طرابلس بعد تحرك الجيش نحوها يوم 4 أبريل الماضي ، عاد الجازوي للظهور مجدداً ولكن هذه المرة من بوابة مجلس النواب الموازي المنعقد في طرابلس بدعم من المجلس الرئاسي ورئيسه فائز السراج شخصياً وبإشراف من نواب مقربين منه وتربطه بهم علاقة شخصية وعائلية وأبرزهما حمودة سيالة وأيمن سيف النصر ومن طرف النائب المنقطع فتحي باشاآغا فأن الصدارة في المجلس لمحمد الرعيض .

https://youtu.be/2ycipbKp-9c

ورغم أن المجلس الموازي لم يصل إلى أي نصاب قانوني مع عدم حصوله على الإعتراف الدولي ولا الإجماع الوطني فهو يضم أيضاً أعضاءً من غير الإخوان إلا أن الأغلبية الفاعلة في صفوفه فهي إما من الجماعة أو المواليين أو المتعاطفين أو المتحالفين معها ، الأمر الذي ينبؤ باعادة تكرار مشهد المؤتمر الوطني العام الذي سيطرت فيه الجماعة على قرار المؤتمر بأساليبها وتحالفاتها المختلفة سواءً المشروعة أو غير المشروعة .

https://youtu.be/RcmC_yNcq30

ومع الأخذ في الإعتبار بسيطرة الجماعة وحزبها على مجلس الدولة الإستشاري بزعامة خالد المشري الذي زعم إنشقاقه عنها قبل زيارته إلى الولايات المتحدك إضافة لوجود عناصرها في المجلس الرئاسي وتمتع بعضهم بحقائب وزارية في حكومة الوفاق يضاف لذلك سطوتها بمجلس النواب الموازي ، كل هذا وذاك بات يشير إلى أن السراج قد حاصر نفسه بين كماشات هذه الجماعة التي باتت تواجه حذراً وتوجساً دولياً تجاهها كما لم يحدث من قبل ، حتى أن بعض الصحف الغربية الكبرى باتت تشير لها بـاسم  ” حكومة الإسلاميين في طرابلس ” .

في الولايات المتحدة تستعد إدارة الرئيس دونالد ترامب منذ أشهر لإعلانها جماعة إرهابية ، أما في روسيا والدول العربية الفاعلة كالسعودية ومصر والإمارات فقد صُنفت كذلك بالفعل ، بينما ترى فيها فرنسا ماكرون خطراً ومنبعاً للتطرف والتحريض وشن الحملات الدعائية العنيفة وهي ذات الرؤية التي ترمق بها عديد الدول الكبرى هذه الجماعة وإن لم يكن لها مواقف معلنة بالخصوص .

https://www.facebook.com/ObservatoryLY/videos/2382452888694529?sfns=mo

كل هذا وذاك إضافة لملف المليشيات الثقيل وتورطها في أنشطة تهريب البشر والوقود والمقاتلين وغيرها وإذ إنطوى جميعها مؤخراً تحت سلطة السراج – ورقياً على الأقل – فقد تقدم هذه التحالفات والتركيبة السياسية في طرابلس إجابة عن النفور الدولي تجاه حكومة الوفاق وتراجع غالبية الحلفاء السابقين عن دعمها حيث لم يتبقى لها من دعم واضح سوى من تركيا وقطر وبريطانيا وإخوان تونس والجزائر وهو الأمر الذي أكده وزير خارجية السراج محمد سيالة بنفسه نهاية الأسبوع الماضي أمام المجلس  النيابي الموازي نفسه الذي بات يعرف ببرلمان المنقطعين نظراً لتشكيلهم غالبيته .

المرصد – خاص

Shares