بوشناف يتخذ إجراء بشأن قرار باشاآغا بمنح مواليد إقليم أوزو التشادي جوازات ليبية

ليبيا  – وجه وزير الداخلية بالحكومة المؤقتة المستشار إبراهيم بوشناف تعليماته لرئيس مصلحة الأحوال المدنية ورئيس مصلحة الجوازات والجنسية وشؤون الأجانب بعدم الالتفات لكتاب وزير داخلية الوفاق فتحي باشاآغا بشأن منح أرقام وطنية ليبية لمواطني إقليم أوزو بجمهورية تشاد.

وأكد كتاب بوشناف إلى أن منح مواطني إقليم أوزو أرقاما وطنية يعتبر مساسا بالهوية الوطنية كون أن الإقليم خاضع لسلطة دولة أخرى هي تشاد وفقا للقانون وأحكام القضاء المحلي والدولي.

وأشار الوزير إلى أن أن محكمة العدل الدولية أصدرت في 3 فبراير 1994 حكمها في النزاع بتبعية أقليم أوزو إلى تشاد وأن الدولة الليبية قبلت الحكم واتخذت إجراءات تسليم الإقليم التزاماً بما نصت عليه المادة 94 من ميثاق الأمم المتحدة.

وكان فتحي باشاغا، قد قرر منح جوازات سفر لمواليد إقليم أوزو ممن يحملون أرقامًا وطنية، مشيرًا إلى أن الرقم الوطني شرط أساسي لاستحقاق الوثائق والمستندات الدالة على المواطنة ، دون أن يوضح كيفية حصولهم على الرقم أصلاً وهم مواطنون لبلد آخر قائلاً في لقاء تلفزيوني حديث بأن النظام السابق كان يعاملهم معاملة عنصرية   .

ومن جهتها طالبت  لجنة الدفاع والامن القومي بمجلس النواب عن طريق رئيسها طلال الميهوب، بفتح تحقيق في التجاوزات التي يمارسها وزير الداخلية المفوض بحكومة الوفاق غير الدستورية فتحي باشاغا بشأن منح جوزات سفر ليبية لسكان أقليم أوزو التشادي ، وفقاً لبيان أصدرته اللجنة .

وإستند باشاغا في قراره الصادر بصبغته التنفيذية يوم 11 سبتمبر الجاري من خلال مدير مكتبه و الذي لم تنشره الوزارة عبر صفحتها الرسمية لكنه تسرب عبر موقع فيسبوك على رأي قانوني قال أنه يجيز لمن يحملون أرقاماً وطنية من مواليد أوزو الحصول على جواز سفر ليبي مهيباً برئيس مصلحة الجوازات إتخاذ مايلزم لوضع قراره موضع التنفيذ .

عقب النزاع العسكري الحدودي الذي إندلع بين ليبيا وتشاد لسنوات طويلة لم يعد قطاع أوزو أرضاً ليبية في النهاية بأي شكل من الأشكال ، فقد إختار سكانه أن يكونوا جزءً من تشاد فلجأ البلدين إلى محكمة العدل الدولية كون النزاع أصله حدودي وقد حكمت بدورها مطلع التسعينات لصالح أنجامينا  وإعترف البلدان بالحكم ووقعا إتفاقية للصداقة وأُعيد ترسيم الحدود بينهما  .

 

أوزو تشادية وليست ليبية .. أرضاً وسكاناً

منذ الحكم الدولي الصادر في فبراير 1994 لم يعد لليبيا أي علاقة بأوزو ولم يعد سكانه ليبيين بأي شكل من الأشكال وقد إنسحبت القوات الليبية أصلاً من المنطقة وكان وللمصادفة أن الذي أنزل الراية الليبية من على سارية العلم هناك تنفيذاً لقرار المحكمة وبناءً على تعليمات القيادة السابقة بالإتفاق مع تشاد هو اللواء مبروك الغزوي آمر مجموعة عمليات المنطقة الغربية حالياً عندما كان حينها عاملاً بالقطاع العسكري الحدودي الجنوبي  .

في حوار سابق مطول مع المرصد ، روى الغزوي تلك التفاصيل وشعوره بالمرارة على إنزال راية بلاده من أرض إختار سكانها الإنضمام لدولة تشاد مؤكدين بأن لا علاقة لهم بليبيا  ، لا أرضاً ولا تاريخاً ولا لغة رغم أن قادة الحركة السنوسية قد تمسكوا بهم وكذلك من بعدهم النظام السابق .

لاحقاً إعترف مؤتمر الشعب العام ( البرلمان السابق ) بحكم المحكمة الدولية التي نزعت سيادة ليبيا على قطاع أوزو وأكدت حق تشاد فيه وإتخذت اللجنة الشعبية العامة ( الحكومة ) منذ أغسطس 1996 الإجراءات العاجلة اللازمة التي تنص على أن مواطني القطاع ، سكاناً ومواليد ، سواء كانوا مقيمين فيه أو في داخل ليبيا ، هم مواطنون أجانب لايحق لهم إطلاقاً ما يحق للمواطن الليبي كونهم جزءٌ من بلد آخر وأعادت الحكومة الليبية التأكيد على قرارها هذا سنة 2006 ولم يصدر لاحقاً منها أو من ” حكومات فبراير ” حتى اليوم ما يخالف هذا الأمر .

 

لا سند قانوني ولا تشريعي ولا قضائي !

ومن كل ماسبق يعني وبطبيعة الحال أنه لايحق لأي من سكان أوزو أو مواليدها أن يكونوا ليبيين ولا يجوز أصلاً حصولهم على الرقم الوطني الليبي بأي شكل من الأشكال سواءً كان صحيحاً أو مزوراً  ، مما يطرح علامة إستفهام حول القاعدة القانونية التي إستند عليها باشاآغا في منح جوازات سفر لمن يملك منهم أرقاماً وطنية لا يحق لهم حملها بحكم القانون والجغرافيا ، بل ويقود للسؤال حول كيفية حصولهم عليها أصلاً وهم غير ليبيين بحكم القانون الدولي والمحلي وبأنهم لازالو خاصعين لسيادة دولة أخرى هي تشاد وهم مواطنوها وحاملون لجوازات سفرها بحكم القانون التشادي !؟

وفي أغسطس 2016 حكمت المحكمة الليبية العليا في طرابلس في الطعن المقدم بشأن نزع ليبيا حق المواطنة عن سكان قطاع أوزو  ، وكان حكم المحكمة ( الذي تحصلت المرصد على نسخة منه وتنشره كاملاً أسفل هذا التقرير كأول وسيلة إعلام ليبية وقد أشار له بوشناف في بيانه ) واضحاً في نصه وذاته وأكد على أن القطاع هو أرض تشادية بحكم حكم المحكمة الدولية ، وبحكم توافق حكومة البلدين لم تعد تلك الأرض وسكانها تابعة لليبيا مؤكدة أن إجراءات ( مؤتمر الشعب العام والحكومة السابقة )  بشأن نزع كل ما يتعلق بليبية الإقليم وسكانه بما في ذلك رخص القيادة وبطاقات الهوية الليبية هي إجراءات سيادية صحيحة لا يحق للقضاء أصلاً التدخل فيها ، بما في ذلك إلغاء بطاقات هوية سكان أوزو التي صدرت لهم عندما كان ليبيا تحتله بالقوة العسكرية ، معتبرة الأمر قراراً سيادياً يمس الأمن القومي ، فكيف لوزير مفوض أذاً لم تنل حكومته الثقة أصلاً ولم تتخذ قراراً بالإجماع بشأن هذا الموضوع مع عدم وجود ما يلغي قرارات الحكومات السابقة ، أن يتدخل منفرداً في شأن كهذا بناءً على مجرد رأي من مكتب قانوني في وزارته يخالف حكم القضاء الأعلى مرتبة  ؟  .

دوافع خفية

ومما تقدم ، فأن قرار باشاآغا ومهما إستند على آراء قانونية من مكتبه القانوني بوزارة الداخلية ، فهي ليست سوى آراء أقل مستوى بكثير من المحكمة العليا وأحكماها ولا يحق إتخاذ أي إجراءات وفقاً لتلك الآراء في مثل هكذا مواضيع سيادية بتجاوز أحكام السلطة القضائية الأعلى في ليبيا وبالتالي فهو قرار غير سليم ولا هو بصحيح البتة لكون الرقم الوطني الليبي والجنسية وجواز السفر لا تُمنح ولو بأثر رجعي لشخص وُلد في أرض باتت أرض غير ليبية بعد نزاع مسلح وحكم قضائي دولي وبات من مواطني دولة أجنبية بحكم الجغرافيا والقانون المحلي الذي ينص على أن كل من هم في أوزو أو منحدرون منها سواء يعيشون فيها أو في خارجها هم مواطنون  أجانب خاضعون لسيادة دولة أخرى هي تشاد التي بادرت بدورها على الفور منذ صدور الحكم الدولي في منحهم أوراق ومستندات تشادية.

جدير بالذكر أن غالبية سكان قطاع أوزو ينحدرون من قبائل التبو التشادية ، أو ما يعرف في الجنوب الليبي باسم ” تبو رشادة ” وجلهم لا يتحدثون العربية كما أنهم قد تدفقوا إلى ليبيا بعشرات الآلاف منذ سنة 2011 مستغلين الفوضى والفراغ الأمني ويتهمون بالعبث بالنسيج الليبي ومحاولة تغيير ديموغرافيا البلد وتزوير الأرقام الوطنية وحمل السلاح وكان آخر فصول هذه الإتهامات مشاركتهم في تهجير أكثر من 2000 عائلة عربية من مرزق خلال الشهر الماضي ، قبل أن يأتي باشاآغا الآن ويزيد الطين بلة  – وفقاً للجنة الدفاع النيابية  – بمنح المولودين منهم في أوزو جوازات سفر بزعم إمتلاكهم أرقاماً وطنياً لا يحق لهم أصلاً إمتلاكها كونهم مواطنون أجانب بل أنه يجب مسائلة من حصل عليها منهم عن كيفية ذلك ، ضارباً بذلك عرض الحائط بحكم المحكمة العليا الليبية ، التي أيّدت إجراءات الدولة الليبية سابقاً ولاحقاً بشأن نزع كل ماهو ليبي عن سكان تلك المنطقة الأجنبية ، وفقاً لإتهام ذات اللجنة  .

المرصد – خاص

فيما يلي تنشر المرصد صورة ضوئية من حكم المحكمة العليا الصادر سنة 2016 بشأن تأييد إجراءات ليبيا السيادية منذ سنة 1992 بشأن نزع كل ماهو ليبي عن قطاع أوزو التشادي وسكانه مع عدم صدور أي حكم قضائي يخالف هذا الحكم  ، لعدم إختصاص القضاء أصلاً بالنظر في هذا الموضوع السيادي الذي فصلت فيه محكمة العدل الدولية منذ ذلك التاريخ بحكم معروف إعترف به طرفي النزاع في طرابلس وأنجامينا بل وفي أوزو نفسها :

 

 

Shares