مستندات | بعد نقل مقره إلى السنغال بالمخالفة .. عجز مالي يهدد بإفلاس مصرف الساحل والصحراء

ليبيا – يعتبر مصرف الساحل والصحراء مؤسسة مصرفية إقليمية تأسست بموجب اتفاقية موقعة من دول تجمع الساحل والصحراء وبمساهمة 14 دولة من دول التجمع.

بدأ المصرف نشاطه برأس مال مُكتتب قدره (700) مليون يورو مدفوع الثمن منه (500) مليون يورو وكانت نسبة مساهمة ليبيا حوالي (70%) مدفوعة نقداً بالكامل .

وباستثناء دولة السودان التي ساهمت بنسبة (10%) فإن ليبيا منحت أغلب الدول المساهمة الأخرى قرضاً حتى تتمكن تلك الدول من دفع حصتها في رأس المال.

أما حالياً فتقوم تلك الدول بدفع أقساط القرض على دفعات البعض منه تمت تسويته والبعض الآخر لم يتم تسويته حتى تاريخ اليوم .

كما أن أغلب تلك الدول لم تتمكن من الوصول إلى نسبة الحد الأدنى (5%) من المساهمة في رأس مال المصرف الذي يُمكنها من الحصول على عضوية بمجلس الإدارة وفق المادة (23) من النظام الأساسي للمصرف بالرغم من تأثيرها المباشر على إدارة المجلس في الوقت الحاضر.

نجاحات في مهب الريح

مر المصرف بمرحلة تأسيس جيدة حيث حقق خلال العشرة سنوات الأولى من عمره نمواً في أغلب مؤشراته المالية وحقق المصرف صافي دخل لا بأس به حتى نهاية سنة 2012.

كما قام المصرف بتأسيس (14 مصرف ) و افتتح مصرفاً بدولة غانا وهي دولة غير مساهمة في رأس ماله ولكنها تمتلك سوق مصرفي واقتصادي جيد بالقارة الأفريقية.

مشروع إنشاء برج إستثماري في الخرطوم من قبل مصرف الساحل والصحراء – أرشيفية

أيضاً قام المصرف بتأسيس شركتين مساهمتين أحداهما بليبيا وهي شركة القافلة للتأمين والأخرى بالسودان وتسمى شركة الصحاري للمقاولات التي قامت بإنشاء برج استثماري بالعاصمة الخرطوم.

أيضاً قامت إدارة المصرف في تلك الفترة بوضع السياسات واللوائح والنظم التي تنظم عمل المصرف في اطار أربعة مناطق مصرفية واقتصادية متنوعة ومختلفة وهي غرب أفريقيا-وسط أفريقيا-غانا وغامبيا-السودان و ليبيا.

بداية الخسائر .. فساد وإختلاسات 

خلال سنة 2013 وكذلك سنة 2014 ووفقاً للمؤشرات ، انخفض الأداء العام للمصرف بشكل ملموس في مختلف أنشطته محققاً خسائر متتالية في ميزانياته المجمعة خلال السنوات 2017-2016-2015 حتى وصلت صافي النتيجة في اخر ميزانية معتمده سنة 2016 مبلغاً وقدره (17) مليون يورو ومن المتوقع زيادة قيمة الخسائر خلال ميزانية 2018-2017 وأهم أسباب تلك الخسائر الزيادة الملحوظة في بند المصروفات العمومية وتعثر أغلب التمويلات الممنوحة الأمر الذي يتطلب زيادة حجم المخصصات.

بالإضافة أيضاً إلى كثرة الاختلاسات والسرقات في مختلف المصارف التابعة وهناك أيضاً الانفاق غير المدروس في اقتناء بعض الأصول مثل المنظومة المصرفية الجديدة وبناء المقرات بالمصارف التابعة.

في المجمل ترتب على الخسائر المالية المستمرة في صافي دخل المصرف تأكل راس مال المصرف وانخفاض ملحوظ في حقوق الملكية مقارنة بمؤشر ايجابي سنة 2011 بقيمة (4) مليون يورو إلى مؤشر سلبي تحقق خلال السنوات 2016-2012بمبلغ حوالى ( -50 سالب مليون يورو ) .

كما تأثرت أصول المصرف من خلال بيع حصة المصرف بشركة القافلة للتأمين والمصرف التابع غانا وحصة الإدارة العامة في البرج الاستثماري في السودان بالإضافة إلى بيع قطعة الأرض الاستثمارية في طريق السياحية /غوط الشعال .

سابقة خطيرة

وفي سابقة خطيرة ومخالفة لاتفاقية تأسيس المصرف واتفاقية دولة المقر أيضاً للنظام الأساسي للمصرف والقواعد القانونية المتعارف عليها وقواعد نظام الحوكمة الدولية قام مدير المصرف على عمر المختار ارحومة بتأسيس شركة قابضة بالسنغال تقوم مقام إدارة جزء كبير من نشاط المصرف وأمواله الذاتية بعيداً عن المركز الرئيسي أو الإدارة العامة بالعاصمة طرابلس  .

وقد تحصلت صحيفة المرصد على نسخة من رسالة وزير المالية بحكومة الوفاق فرج بومطاري بتاريخ 12/09/2019 رقم إشاري م 459/23) موجهة إلى رئيس المصرف علي عمر المختار حيث تشير إلى خطورة هذا الإجراء ورغم ذلك قام مدير المصرف بنقل وظيفة مساعد المدير العام وصلاحياته من المقر الرئيسي طرابلس إلى تونس .

كتاب بومطاري :

مخالفات بالجملة 

وهناك مخالفة أخرى ، وهي زيادة المزايا المقررة له كمدير وتحويل مرتبه من الدينار الليبي إلى عملة اليورو مخالفة لقرار الجمعية العمومية العادية للمصرف المنعقد بتونس بتاريخ 24 مايو 2017  ، كما أن أول ثمار تلك الشركة المؤسسة بالسنغال هي تغيير النتيجة المحققة في ميزانية المصرف التابع ( بدولة بنين) من خسائر إلى أرباح وأول ثمار نقل صلاحيات وظيفة مساعد المدير العام – وفقاً لعاملين – هو حصوله على وظيفة رئيس مجلس إدارة المصرف التابع بالسودان و رئيس مجلس إدارة المصرف التابع غامبيا بالإضافة إلى دفع مصاريف دراسية لأسرته بمبلغ (40) ألف يورو وقد تحصلت المرصد على نسخة من ” السويفت – أي قسيمة التحويل ” توضح حدوث ذلك .

قسيمة تحويل مصاريف دراسة أبناء المدير بقيمة 40 ألف يورو
إستياء

 

وفي ذات السياق ، تتبعت المرصد التسلسل التاريخي للإجراءات التي تمت لتجد أنها تلخصت في بيع أسهم شركة القافلة للتأمين وأسهم المصرف التابع في غانا وقطعة الأرض بطرابلس والتنازل على حصة البرج الاستثماري بالسودان ونقل وظيفة مساعد المدير العام  مما ترك الإدارة العامة بطرابلس في إطار هيكل تنظيمي فارغ من الصلاحيات وموظفين مستائين للغاية وهم يتابعون هذا الصرح وهو يتفتت أمامهم على يد مدير يتهمه الكثير منهم بالإستقواء عليهم بكتيبة معروفة في طرابلس تشتهر بتدخلها في عمل المؤسسات المالية والإستثمارية في البلاد بل وبلغ بها لحد التهديد بقتل أحد الوزراء المعنيين   .

على عمر المختار ارحومة يجاوره وزير مالية الوفاق الاسبق – اسامة حماد

أيضاً ، تبين أنه من الواضح انه كان هناك تعمد في منح فرصة إدارة حوالي (%100) من المصارف التابعة للمصرف الأم في طرابلس بدول غرب أفريقيا من قبل عناصر أفريقية بدلاً من عناصر ليبية كما كان مُتبع في فترة النظام السابق كما ترك مبنى المصرف في طرابلس في شكل مبنى مُهتري ومُتهالك .

كما تبين أيضاً وفقاً لـ” سويفت ” آخر تحصلت عليه المرصد تحويل كافة مبالغ مكافأة نهاية الخدمة لرئيس مجلس الإدارة بحسابه في تونس يوم 2 مايو الماضي تحسباً لإقالته أو تقاعده من المصرف مخالفاً لنص المواد المقررة بلائحة شؤون العاملين بالمصرف وقد بلغت فيمتها الإجمالية 216 ألف يورو سبقه تحويلات أخرى يرجح بأنها لذات الغرض كانت بقيمة 70 ألف يورو ثم 20 ألف يورو !.

في المحصل فأن دولة السودان لن تحتاج بحكم ملكيتها للبرج الاستثماري مستقبلاً الذي تم التنازل عن حصة الإدارة العامة بطرابلس فيه والتي بلغت مصاريف تأسيسه مبلغاً يُقدر بحوالي (22) مليون يورو ، وايضاً لن تحتاج الدول المساهمة في شركة القافلة للتأمين حيث تم بيع حصتها بالشركة .

مقر المصرف في غوط الشعال – طرابلس

وسوف لن تحتج دول غرب أفريقيا، حيث سيتم نقل اسهم المصارف التابعة لدول غرب أفريقيا إلى الشركة القابضة بالسنغال ، كما أن دولة غانا لن تحتج بحكم قيام المصرف ببيع اسهمه بالمصرف التابع بغانا لمصرفين من دولة غانا نفسها  وسوف لن يبقى لليبيا إلا مبنى الإدارة العامة في شكله المتهالك المشار إليه اعلاه ليستمر بذلك مسلسل نزف المؤسسات المالية في الداخل والخارج نتيجة الفساد وضعف الرقابة والمحاسبة وعدم إنفاذ القانون .

تلفت صحيفة المرصد إلى أن حق الرد لكل من ذكر في هذا التقرير مكفول كما تؤكد أنها حاولت التوصل إلى وسيلة إتصال بالسيد على عمر ارحومة للحصول منه على تعليق ولكن إنتهت كل محاولاتها بالفشل 

المرصد – خاص

Shares