152 ألف موظف يتقاضون مرتبات بقطاع التعليم منذ سنوات دون بيانات .. من المسؤول ؟

ليبيا – الليلة الماضية أصدر وزير تعليم الوفاق عثمان عبدالجليل جملة من القرارات من بينها القرار ذي الرقم 1127 بشأن وقف مرتبات وقراراً آخر بوقف معلمين عن العمل من المعتصمين المطالبين بعدالة الأجور أسوة بالقطاعات الأخرى  .

وقد جاء هذا القرار صادماً للكثيرين لضخامة ما جاء فيه إذ نص في قوائم بالأسماء مكونة من 1300 صفحة على وقف مرتبات 152 ألف موظف على مستوى ليبيا قال عبدالجليل في قراره أنهم يتقاضون مرتبات دون أن تكون لديهم أي بيانات سواء لدى مكاتب مراقبات التعليم ودواوينها او في كشوفات الإحتياط العام والملاك الوظيفي .

وبينما لاقى القرار ترحيباً في صفوف بعض موالي الوفاق إلا أنه أثار صدمة آخرين ، إذ أن 152 ألف موظف وعلى فرض أن كل منهم يتقاضى مرتباً شهرياً بمتوسط 700 دينار فقط فذلك يعني أن إجمالي المبلغ سنويا يساوي مليار دينار على الأقل مع بضعة ملايين أخرى في ظل العجر الذي تعاني منه الدولة وتضخم باب المرتبات في الميزانية إلى مايقارب 30 مليار دينار  .

 واذا حسب هذا المبلغ على مدى ثلاثة سنوات على الأقل من عمر وزارة التعليم بحكومة الوفاق فسيتضح أنه كان يشكل مالايقل عن ثلاثة مليارات دينار وملايين أخرى بينما كانت الوزارة ذاتها قد اعتمدت الملاك الوظيفي منذ فترة طويلة .

وطيلة السنوات والأشهر الماضية كانت وزارة التعليم بحكومة الوفاق تعلن بين الفينة والأخرى اعتمادها للملاك الوظيفي بقطاع التعليم ومن ذلك مثلاً إقامتها حفلاً يوم 11 مارس 2018 اعتمدت فيه الملاك الوظيفي لعدد 13 مكتب مراقبة تعليم في مختلف مناطق ليبيا وتلى ذلك الحفل قرارات باعتماد ملاك عدد من مراقبات بلديات أخرى.

كما تجدر الإشارة أيضاً إلى أن الامتحانات التي أخضع لها المعلمون كانت جزءًا من خطة تحديد الملاك قبل أن تصدر قوائم الليلة الماضية لتبين بأن آلاف الموظفين  ” الوهميين ” موجودين على قوائم ملاك مراقبات قد تم اعتماد ملاكها سابقاً ومن ذلك مثلاً لا حصراً مراقبة تعليم طرابلس ووادي الشاطئ ، ففي هذه الصورة أدناه قرار عبدالجليل الصادر يوم 20 مايو 2018 بشأن إعتماد الملاك الوظيفي بالقرضة وادي الشاطئ ، هو ذاته الوادي الذي علم الليبيون الليلة الماضية بأن به المئات ممن يتقاضون مرتبات دون بيانات ، فكيف يحدث ذلك في مراقبات تعليم تم إعتماد كادرها الوظيفي سابقاً ؟.

من يتحمل المسؤولية ؟

في الأثناء برزت التساؤلات عن توقيت صدور هذا القرار بهذا الرقم الصادم وطفت معها أيضاً تساؤلات منطقية من قبل البعض عن دور الوزارة في هذا الخلل ، فهل كان حصر كل هذا العدد – إن صح – يحتاج لكل هذه السنوات حتى التوصل له وإعلانه ووقف النزف المالي ؟ ثم أين هو دور لجان الحصر والإدارات المختصة في وزارة التعليم ومكاتب المراقبات من كل هؤلاء ؟

وإذ أن القرار صدر في أوج التوتر بين عدد من المعلمين ومسؤولي القطاع بالمناطق مع الوزارة على خلفية أزمة الإعتصامات وهي بالأساس مشكلة تتعلق بمطالب مادية يراها أصحابها مشروعة وهم بالتأكيد من القوى العاملة الحقيقية ، فهل كان سيصدر وتوقف مرتبات 152 ألف موظف مفترض أنهم وهميون في حال لم يحدث هذا التوتر وهذه الإعتصامات ؟

تساؤلات أخرى طرحها أصحابها ، أين دور ديوان المحاسبة برئاسة خالد شكشك من كل هذه الأرقام ؟ وأين هيئة الرقابة الإدارية برئاسة نصر المشاي الذي ترك منصبه مؤخراً ؟ وأين التنسيق بين وزارة التعليم ووزارة المالية من كل هذا خاصة أن الأخيرة تربط صرف المرتبات بما يردها من بيانات من قبل القطاعات مربوطة بالرقم الوطني ؟ وأخيراً من يتحمل المسؤولية عن كل هذا الهدر ؟

أين موطن الخلل والتسيب ؟ من المسؤول ومن الذي يجب محاسبته عن هذه القضية التي ترقى إلى مستوى الفضيحة ؟ هل تتحملها الوزارة ومكاتبها ؟ أم أجهزة الرقابة ؟ هل سيُجبر من تقاضو هذه الأرقام في حال ثبوت صحتها على إعادتها إلى خزائن الدولة أم ستذهب كغيرها من أرقام متناثرة دون طائل شرقاً وغرباً ؟

وفي حال كانت المسؤولية تقع حصراً على عاتق مدراء مكاتب التعليم بالمناطق عن هذا التسيب والوهم والنهب لماذا لم تصدر في مدراء المكاتب التي بها مخالفات وفقاً لما ورد في القوائم المكونة من 1300 صفحة قرارات وقف عن العمل مثل التي صدرت البارحة من عبدالجليل بحق مدراء مكاتب الإعتصامات في الأصابعة ، الرياينة ، الزاوية الجنوب، الزاوية الغرب ، الزاوية المركز ، العجيلات ، الشقيقة ، مزدة ، زليتن ، زوارة ، تاجوراء ، سبها ، غريان ، صرمان ، رقدالين ؟  ؟ ألا يستحق المدراء المتواطؤون العقاب أسوة بمن تعتبرهم الوزارة يستحقون عقوبة عن اغلاق المدارس ؟ 

كل هذه التساؤلات تبحث عن إجابات ملحة في ظل هذه الأزمة غير المسبوقة التي تعصف بالقطاع التعليمي من إعتصامات وصدامات وملاسنات وقرارات تصدر في الصباح وتُلغى في المساء .

المرصد – خاص

Shares