فوزي عمار

بقلم فوزي عمّار : حول مؤتمر برلين !

مقال رأي بقلم فوزي عمّار

أتاحت لي الصدفة مؤخرا أن التقي مسؤول الماني سامي
في رحلة من تونس حيت يعمل الي عاصمة أوربية و تجاذبنا أطراف الحديث حول مؤتمر برلين  طوال الرحلة.

كان الرجل شديد الصراحة متفائلاً و لكنه ايضا حَذر في نفس الوقت من توقعات مبالغ فيها فهو كما قال لا يريد لألمانيا الدولة المتعادلة الوقوع في دعم أحد الأطراف على حساب الآخر و طلب مني نقل هذه المعلومة و هي أن الليبين يرفعون سقف توقعات مؤتمر برلين القادم .

فمؤتمر برلين ( حسب قول المسؤول الألماني ) هو فقط لأجل التوافق الدولي حول ليبيا و لن يدخل في الشأن الداخلي الليبي .

وفي هذا الصدد فقد فند ادعاءات خالد المشري التي صرح بها حول مؤتمر برلين في احد القنوات الفضائية بأن المؤتمر سوف يحل المشكل الليبي و وصف تصريحات المشري بأنها بعيدة عن الحقيقة و أضاف أن المشري لن يكون مدعواً و لا أي من الأطراف الليبية للمؤتمر .

ثم اتجه لي بسؤال: كيف تري انت الوضع؟

قلت له: إن المتشائم سيري أن هذا المؤتمر سيكون تقسيم
للكعكعة الليبية دون حضور أهلها ، اما المتفائل فسيري أنها بداية الحل حيث أن المشكل الليبي هو مشكل دولي و صراع بالوكالة كما قال كثيرون.

و دللت له على وجهة نظري قائلا : دعني أولا أبدء من أساس نظري و هو أن المشكل الليبي هو مشكل بنيوي و ليس تشغيلي ما لم نضع منهجية قبل التعامل مع الشأن اليومي فلن نري نتائج مختلفة . أما اعادة نفس المدخلات فلن تنتج الا نفس المخرجات البائسة.

ان استعمال سياسة الغموض البناء التي تستعملها بعثة الامم المتحدة في القضية الليبية و التي افشلت مؤتمر غدامس ؛ سياسة الغموض التي اسس لها وزير خارجية امريكا كيسنجر في اتفاقية السلام بين مصر و اسرائيل قد لا تنفع في الحالة الليبية  لان الحالة الليبية حالة احتراب محلي و ليس بين دول .

أنا اعتقد إن أداء بعثة الأمم المتحدة في ليبيا في السنوات الثمانية أشبه بالمثل الروسي الذي يقول ( نجحت العملية الجراحية لكن المريض مات ) و هي حالة من الاهتمام بالعمليات process و ليس اهتمام بالنتائج .

نحن لدينا حالة احتراب مستمرة و حالة فساد و لدينا مسؤولين علي الفساد مزمنين ، لقد تغير 7 رؤساء حكومات و لم يتغير خازن المال المحافظ ( الصديق الكبير ) في أطول و اكبر عملية فساد في تاريخ ليبيا .

نتمني أن يسقط هؤلاء الأشخاص قبل سقوط أوراق هذا الخريف.

و اضفت اعذر جهلي .. و لكني اتسائل حول مؤتمر برلين
و هو اذا كانت مهمة بعثة الأمم المتحدة في ليبيا هي بعثة دعم فكيف لها أن تقنع الدول الكبري و تغير مهمة البعثة
و تتحصل على new mandate وعلى إجماع في مجلس الأمن خاصة و أن هناك الكثير من اللحم علي شواية مجلس الأمن من سوريا و إيران و العراق و غيرها .

ان استعمال السياسة الناعمة shuttle policy بدلاً من gunboat policy و هي سياسة الحزم و توفر آليات تنفيذها لن تحل حالة الحرب في طرابلس.

و اخيرا لقد قلنا منذ البداية أن اتفاق الصخيرات كان معيبا لانه لم ينص على جمع السلاح المنفلت و لم تحضره كل ألاطراف الليبية .

و ما لم يتم جمع السلاح من يد المليشيات لن نري حلا مهما قامت الأمم المتحدة من مؤتمرات و ندوات  ، كما ان اي لقاء لا يأخذ في الاعتبار أن الأطراف هي من تحدد من يمثلها في الحوار ، فمن غير المنطقي ان تتولى البعثة او اي جهة اخرى تسمية أشخاص وتنسبهم لأطراف لم يتم الاتفاق على ثمتيلهم لهذا الطرف أو ذاك .

اخيرا نتمني أن تكون هذه المرة فرصة حقيقة لمرحلة أولى لحل الأزمة بدلا من إدارة الأزمة و إطالة وجع البسطاء الليبين .

تغيرت ملامح الرجل و انطفأ بريق التفاؤل في عينيه و زاغ بصره ..و أنا آثرت عدم اضافة المزيد .

Shares