هولندا – ذكر د. ستيف روناليس، مؤلف كتاب «متى؟»، دراسات عدة خلصت إلى تأكيد نظرية أن اختيار موعد إجراء أي عملية جراحية او فحص طبي يجب ألا يجري من دون تفكير مسبق.
ونصح المؤلف بتفادي القيام بأي عملية جراحية خلال فترة بعد الظهيرة. واعتبر الفترة التي تمتد ما بين 2 الى 4 عصرا كمنطقة الضعف والخطر، التي تقلل تمسك الشخص بالأخلاق والتركيز والانتاجية.
ويرجع ذلك جزئيا الى انخفاض مستوى اليقظة والتركيز تبعاً لانخفاض بعض الهرمونات والنواقل العصبية خلال فترة بعد الظهيرة. وإليك أمثلة علمية عدة أوردها المؤلف في كتابه:
1 – التخدير راجعت أبحاث جامعة دوك الطبية 60 ألف عملية جراحية أجريت في مستشفى دوك الكبير، وذلك لتحديد نسبة الآثار الجانبية ومضاعفات التخدير (ناتجه عن تهاون او خطأ من دكتور التخدير).
واكتشفوا ان احتمال حدوث مشكلة في التخدير في الساعة 9 صباحا لم يزد على %1، أما بين الساعة 3 الى 4 فتضاعف الاحتمال الى %4.2. مما يدل على ان احتمال حدوث مضاعفات وخطأ في التخدير يتضاعف الى اربع مرات ان أجريت العملية خلال فترة بعد الظهيرة. أما نسبة الألم لدى المريض فلم تزد على %0.3 عند اجراء العملية في الساعة 9 صباحا، بينما تضاعف ذلك الى أربع مرات (%1.2) خلال فترة العصر.
2 – منظار القولون يفضل أخذ موعد مبكر في اليوم لإجراء منظار القولون، حيث اشارت دراسة، راجعت اكثر من ألف عملية منظار القولون، الى أن الاطباء يكونون اقل فرصة لاكتشاف اللحميات مع تقدم الوقت خلال اليوم. وقدرت أن دقة الطبيب في اكتشاف لحميات القولون تقل بمعدل %5 مع كل ساعة تمر من اليوم.
وعلى سبيل المثال، وجد ان الطبيب يكتشف ما لا يقل عن لحمية واحدة في كل حالة يجري لها منطار القولون خلال الساعة 11 صباحا.
أما بعد الساعة الثانية ظهراً، فيقل معدل اكتشاف اللحميات بشكل كبير (يقل عن النصف)، بالرغم من ان تشابه حالات بعد الظهيرة مع الصباح.
3 – الوقاية من العدوى حللت دراسة في عام 2015 سجلات 36 مستشفى أميركياً، وأظهرت انخفاضاً ملحوظاً في التزام الممرضين بغسل اليد خلال فترة بعد الظهيرة مقارنة بالصباح. وقدرت ان هذا الانخفاض في مستوى النظافة هو السبب في حدوث 7500 حالة عدوى وإصابة بالالتهابات سنوياً، وبتكلفة تقدر بـ150 مليون دولار في هذه المستشفيات فقط.
4 – حوادث بعد الظهيرة أظهرت السجلات البريطانية ان الحوادث التي يكون سببها الإنهاك والتشتت الذهني والنوم أثناء القيادة تتضاعف في فترتين خلال اليوم، الفترة الأولى من الساعة 2 الى 4 ظهراً، والثانية من الساعة 2 الى 5 فجراً.
ويتوافق ذلك مع النتائج التي كشفتها سجلات حوادث السيارات في اميركا وفرنسا وفنلدا وفلسطين ودول اخرى.
5 – دراسة تحدد أسوأ وقت أظهرت دراسة إحصائية في بريطانيا أن أكثر وقت تسوء وتنحدر فيه انتاجية الموظف وتركيزه هو بالتحديد الساعة 2.55 ظهراً، حيث ينخفض مستوى الاحتراف والدقة، ليصبح الموظف أكثر عرضة للضعف والخطأ.
وأشار الباحثون الى ان هذا الوقت قد يكون الوقت الأنسب لرشوة الموظف أو تحريضه على خطأ مهني او تعدٍّ أخلاقي.
الحل في الاستراحة والقيلولة أكدت دراسات إدارية عدة ضرورة أخذ الموظفين قسطاً من الراحة وتعمد أخذ قيلولة (النوم لمدة 10 – 20 دقيقة) خلال فترة بعد الظهيرة.
وأثبتت أن ذلك يعيد شحن الدماغ ويتفادى حدوث الانخفاض في الانتاجية والتركيز والدقة. ومنذ سنوات عدة، بدأ جهاز صحي في اميركا يسمى «فترانز للإدارة الصحية» بتطبيق هذه الاستراتيجية في 170 مستشفى عبر الولايات الاميركية، حيث درّبوا الفريق الطبي في هذه المستشفيات على اتباع خطه تحافظ على التركيز واليقظة، مع أخذ قسط من الراحة والقيلولة خلال فترة بعد الظهيرة.
وبعد سنة من هذا التدخل الاداري، ثبت حدوث انخفاض في معدل الوفيات التابعة للعمليات الجراحية بمعدل %18، كما تحسّن مستوى الخدمات الصحية والوقاية من انتشار العدوي أيضا.
وكالات