وزير الخارجية المصري الأسبق: يجب العمل على إجهاض وصول القوات التركية إلى ليبيا

ليبيا – إعتبر وزير الخارجية المصري الأسبق وعضو مجلس النواب محمد العرابي أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يهدف إلى إعادة الإسلام السياسي إلى شمال أفريقيا عبر محاولة احتلال ليبيا.

العرابي قال في حوار أجرته معه صحيفة “اندبندنت عربية” أمس الأحد إن هناك متغير استراتيجي في المنطقة يهدد مصر هو الوجود التركي في ليبيا إذا حصل، مؤكداً أن أنقرة تظن خطأً أنها ستذهب إلى نزهة عسكرية.

وأشار إلى أن التعامل المصري مع الأزمة لن يكون بتلاحم عسكري وإنما بتصعيد دبلوماسي مثل الاجتماع الخماسي لوزراء خارجية مصر وفرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص في القاهرة والمباحثات الهاتفية بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وعدد من زعماء العالم.

وأعرب عن ارتياحه لتعامل مصر مع الأزمة عبر التصعيد المحسوب لأنه من المهم وضع أنقرة دولياً في خانة الدول الداعمة للإرهاب بحسب قوله.

أما عن ردود فعل العواصم الأوروبية على قرار إرسال قوات تركية إلى ليبيا فلم يكن على قدر الحدث حيث أبدى عدم رضاه عن المواقف الأوروبية التي تعاملت بنفس البطء الذي تفاعلت به تجاه الاجتياح التركي لشمال سوريا.

وشدد أنه على أوروبا إدراك أن تفاقم الأزمة في شمال أفريقيا يشكل تهديداً صريحاً لها من ناحية تدفق اللاجئين والهجرة غير الشرعية واستقدام إرهابيين حال حدوث فراغ سياسي في ليبيا خصوصاً تأثير الإرهاب على دول الساحل والصحراء التي تشكل أهمية كبيرة لفرنسا التي تحارب الإرهاب في مالي.

وذكر أنه من المهم استصدار قرار من مجلس الأمن بوجود قوة مراقبة أممية بحرية وجوية لكل ما يدخل ليبيا على غرار ما حدث في 2011 أو قوة بحرية متوسطية تراقب الوضع في الساحل الليبي من دون التفويض بالاشتباك مع الأخذ في الاعتبار صعوبة استصدار قرار من مجلس الأمن بسبب احتمالية استخدام إحدى الدول حق النقض (الفيتو).

كما استطرد حديثه:”الغموض حول كيفية دخول القوات التركية إلى ليبيا في ظل البعد الجغرافي يعيه جنرالات الجيش التركي الذين تعرضوا لإهانات كبيرة على يد أردوغان لأنه لا يوجد سوى سبيلين البحر والجو للوصول إلى ليبيا مع عدم تأمين طريق بري لوصول قواته حتى الآن على الأقل ما يمثل نقطة ضعف للموقف التركي”.

وكشف أنه جرى إرسال 4 طائرات مدنيِّة تركية إلى مطار معيتيقة محملة بمسلحين سوريين وخبراء عسكريين أتراك ما يدل على أن أردوغان سعى إلى تأمين مطارات لاستقباله وبالتالي على قوات الجيش إخراج تلك المطارات من الخدمة.

وأضاف “من الضروري العمل على إجهاض وصول القوات التركية إلى ليبيا وأن يحدث ذلك عبر توافق دولي خصوصاً مع وجود قرار أممي بحظر تزويد الأطراف الليبية بالسلاح بخلاف محاولة أنقرة احتلال الأراضي الليبية ومن ثمّ يجب العمل على استصدار قرار أممي لوقف التحركات التركية ولكن للأسف لا توجد إرادة دولية لعرقلة أنقرة في ظل النظام الدولي الرخو وغياب سلطة الأمم المتحدة والدليل هو السماح لتركيا بأن تفعل ما إن فعلته دولة أخرى ستُدان مثلما حدث حين أغارت مصر على مواقع إرهابية داخل ليبيا بعد قتل أقباط على يد داعش لأن الواقع الدولي مليء بسياسة الكيل بمكيالين إلى جانب امتلاك أنقرة قدراً كبيراً من (البلطجة السياسية) والمهارة الدبلوماسية في استغلال أي ثغرة لصالحها”.

وأكد على أن الأتراك انتهكوا سيادة سوريا عبر تدخل عسكري وعندما لم يُواجَهوا بالموقف الدولي اللازم ظنوا أنه من السهل تكرار الأمر في ليبيا من خلال ما يعتقدون أنه سيكون نزهة عسكرية ولذلك فإن دور مصر مهم في وضع المجتمع الدولي أمام مسؤولياته لكبح جماح تطرف الرئيس التركي.

العرابي بيّن أنه من غير المقبول الترويج لفكرة نشوب ولو مناوشات بين الجيشين المصري والتركي على الأراضي الليبية لكن مصر إذا فُرض عليها الرد ستفعل بالتأكيد، مشيداً بالجهود الدبلوماسية المصرية التي ستؤدي إلى النتيجة المطلوبة حتى لو استغرق الأمر وقتاً مع عدم التعويل على مواقف الدول الكبرى لأنها لا تدرك خطورة الوضع وهو ما يكرر سيناريو التعامل مع تنظيم داعش الإرهابي حين استُخِف به قبل اكتشاف خطورته والقضاء عليه بعد سنوات.

ورأى أن الأمر في ليبيا أبعد ما يكون عن مساندة حكومة يراها الأوروبيون شرعية بل سيؤدي إلى تشكيل حزام من الجماعات الإرهابية يمتد من حركة الشباب الصومالية حتى بوكو حرام في نيجيريا مروراً بكافة دول الساحل والصحراء الأفريقية كما أن أردوغان لن يستطيع الخروج من الساحة الليبية بسهولة حال تدخله عسكرياً.

وحول أهداف أردوغان من التدخل في ليبيا قال العرابي إن أهم أهدافه إعادة الحياة إلى الإسلام السياسي في شمال أفريقيا باعتباره زعيماً للإخوان المسلمين حيث وجد الرئيس التركي في فائز السراج رئيس المجلس الرئاسي ثغرة يمكن استغلالها لتحقيق هذا الهدف كما حاول التسلل إلى ليبيا عبر تونس والجزائر لكنهما رفضتا طلباته إذ كان متوهماً أن فرصته سانحة للاقتراب من مصر والإضرار بأمنها القومي وإعادة حكم الإخوان إليها والسيطرة على ثروات الغاز الطبيعي في شرق المتوسط.

وأوضح أن الجامعة العربية أصيبت بقدر من الضعف ليس بسبب أداء أمانتها العامة وإنما لغياب الإرادة السياسية للدول الأعضاء في منح الجامعة القوة اللازمة لأداء الدور المطلوب إذ يجب أن تكون هناك استراتيجية عربية موحدة لمواجهة تدخلات الدول الإقليمية لكن هذا لن يحدث نظراً إلى وجود تجاذبات كثيرة وحالة استقطاب بين الدول العربية.

Shares