ليبيا – أكدت صحيفة “SonntagsZeitung” السويسرية بدأ محاكمة الداعية الليبي “صالح رمضان الفيتوري” إلى المحاكمة في سويسرا، وذلك على خلفية ما قاله سنة 2017 من تحريض وكلام مسيء في خطبة الجمعة بمسجد الرحمن في مدينة بيل.
. وبعد هذه الخطبة المليئة بالكراهية قام عدد من الناشطين السويسريين ومنظمات محلية بإقامة دعوى ضده والتي لا تزال منظورة أمام القضاء. ويواجه الشيخ الليبي عدة تهم منها النصب والاحتيال في حصوله على مساعدة إجتماعية، واتهمته الحكومة السويسرية بأنه يجرض على الكراهية والتدمير بينما يحصل على مزايا اجتماعية من سويسرا بألاف الدولارات.
وتعود فصول القضية إلى أغسطس 2017 عندما إتهم التلفزيون العمومي السويسري الناطق بالألمانية إماماً من أصل ليبي يلقي خطباً دينية في أحد مساجد مدينة ” بيل بيان ” السويسرية بإشاعة الكراهية ضد الديانات والمذاهب الأخرى، في الوقت الذي يتلقى فيه منذ سنوات مساعدات اجتماعية من الدولة بلغت حتى الآن حوالي 600.000 فرنك سويسري ما يعادل 621 ألف دولار أمريكي وذلك بحسب ذات التقرير .
وقد حصل برنامج ” روندشاو ” الإخباري واسع لإنتشار حينها على تسجيل خاص ألتقط بعدسة سرية تابعته المرصد و بثته القناة عبر موقعها الرسمي للواعظ أبو رمضان الذي لم تكشف عن إسمه الحقيقي و هو يقول فيه: “اللهم عليك بأعداء الملة والدين ، اللهم عليك باليهود، وبالصليبيين الحاقدين وبالهندوس، وبالروس وبالشيعة الرافضة” و ذلك خلال خطبة ألقاها في مسجد الرحمان بـ ” كانتون برن ” .
وقد نقل عن الإمام أبورمضان بحسب ذات القناة قوله: إن من يصادق كافراً هو ملعون إلى يوم القيامة و أنه يجب ألا يخضع المسلمون إلى القوانين المحلية ” فيما أشار التلفزيون السويسري إلى أن الواعظ يدعو المسلمين إلى عدم الخضوع إلى القوانين المحلية، أفاد بأنه حصل على تسجيل يقول فيه هذا الواعظ: “إذا أخبرتني بأن مسلما سرق أو اغتصب، فهو وشأنه، ولا يجب أن تتحدث أنت عن ذلك”.
وكشف التحقيق الذي أجراه البرنامج التلفزيوني الإخباري “روندشاو” بالإشتراك مع صحيفة “تاغس أنتسايغر” وهي يومية تصدر بالألمانية في زيورخ بأن الواعظ المذكور ظل يتلقى تعويضا عن البطالة ومخصصات مالية أخرى لمدة 13 عاما على الأقل من السلطات المحلية في نيداو، محلّ إقامته ، فيما كان التسجيل Most Watched و تعني أعلى نسبة مشاهدة حققها موقع القناة لتسجيل نشره خلال الـ 24 ساعة الماضية .
وبينما لا يوجد أي دليل للإعتقاد بأنه حصل على هذه المساعدات بشكل غير قانوني، أو أن السلطات التي منحته تلك المساعدات قد انتهكت أي لوائح قانونية، فإن ما أشيع عن دعوته إلى الكراهية دفع السياسيين المحليين إلى النظر في القضية ، وقد اقترح أحدهم طرده من سويسرا.
من جهته، قال كريستيان هوري، رئيس قسم الرعاية الإجتماعية على المستوى المحلّي في تصريح إلى برنامج روندشاو: “نحن لسنا مسؤولين عن حماية الدولة ، وليس لدينا الإمكانيات للتحقيق حول كل شخص من عملائنا”. ومن غير المعروف ما إذا كان أبو رمضان يجري التحقيق معه حاليا بتهمة التحريض على الكراهية أو على العنف تجاه ديانات أخرى. ووفقا لخطاب أرسله إلى برنامج “روندشاو”، نفى هذا الأخير أنه يدعو إلى مهاجمة سويسرا أو العالم الغربي، لكنه أقر بأنه يُعارض إسرائيل بينما أثبت التسجيل الذي سجلته عدسة سرية و هو يهم بالدعاء على المسيحيين الذين يشكلون غالبية سكان سويسرا .
ووفقا لتقارير وسائل الإعلام و منها إذاعة ” سويس إنفو ” الناطقة بالعربية فإن أبو رمضان لا يتقن اللغتيْن الفرنسية والألمانية، كما أنه لا يحسن التحدّث بالإنجليزية، وهو ما يعيق اندماجه في سوق العمل ، و في سياق متصل، اكتشف الإعلاميون أن هذا الواعظ يقدّم دروسا في مدينتي ” بيل بيان ” و ” نوشاتيل ” بالإضافة إلى مشاركته من حين لآخر في برامج تبثها “قناة التناصح” التابعة لدار الافتاء فى طرابلس .
من هو الإمام المكنى أبورمضان ؟
لم تشر التقارير السويسرية و الألمانية الى الاسم الحقيقي لـ أبو رمضان إلا أن المرصد بحثت في هويته ليتضح بأنه صلاح رمضان الفيتوري بن سالم من مواليد 1953 بمدينة درنة و المُقيّد منذ سنة 1998 لدى الأجهزة الامنية الليبية بالنظام السابق على أنه من العناصر الحركية المنظرة للجهاد بل و من أخطرها و بأنه إنخرط في ما كان يعرف حينها بتنظيم الشهداء الإرهابي فى الداخل قبل أن ينتقل الى بريطانيا و منها إلى سويسرا و يطلب اللجوء فيها .
و سبق للفيتوري البالغ من العمر حاليا 64 سنة أن أوقفته أجهزة الأمن المصرية منتصف أبريل 2013 أثناء زيارته إلى مصر إبان حكم الرئيس المصري الإخواني المخلوع محمد مرسي قبل أن يتدخل أعضاء من المؤتمر العام من كتلتي العدالة و البناء أبرزهم منصور الحصادي و الوفاء التي تشكلت لاحقاً لإخلاء سبيله و قد تم ذلك بالفعل و قيل حينها أن سبب التوقيف هو ورود إسمه فى قوائم المطلوبين لليبيا إبان التعاون بين الاجهزة المصرية و الليبية فى النظام السابق .
و فيما يتعلق بموقفه من الأحداث فى الداخل الليبي ، يقول أعضاء من الجالية الليبية فى جنيف و رواد لمساجد فى طرابلس منها مسجدي القوزقو و القرافي أن أبورمضان الذي تحصل على اللجوء فى سويسرا منذ سنة 1998 عرف بتأييده للجماعات الجهادية لا سيما فى بنغازي و درنة و ذلك خلال خطب كان يلقيها بهذه المساجد بتنسيق مع دار الإفتاء و برعاية إعلامية من فضائية التناصح أثناء زياراته إلى طرابلس و كان آخرها خطبة فى مسجد القرافي بمنطقة السبعة يوم 24 فبراير 2017 دعا خلالها الله بمدد من عنده و بفك حصار المحاصرين فى بنغازي و هي ذات الفترة التى إشتد فيها الخناق على مقاتلى تنظيمي القاعدة و داعش و شورى بنغازي فى محاور غربي المدينة .
أما عن علاقته التنظيمية بهذه المجموعات التي تقاتل فى بنغازي ، فلا يوجد أي مؤشر معلن لعلاقته بهم إلا أن الفيتوري له شقيق يدعى ناصر كان من أبرز منظري كتيبة شهداء أبوسليم فى درنة بقيادة سالم دربي كما أن له إبن شقيق آخر يدعي الزبير منصور الفيتوري كان يقيم بجواره فى سويسرا قبل أن يلتحق بـ ” مجلس شورى ثوار بنغازي ” و يصبح من قادة المجلس و يلقى حتفه يوم 15 أكتوبر 2015 فى معارك ضد الجيش الليبي .
كما يؤخذ على الداعية الليبي محل الجدل فى الاوساط السويسرية غرابة فى أطروحاته و بعض آرائه و منها على سبيل المثال تأييده لعزل آلاف الليبيين عبر تطبيق العزل السياسي و دعوته فى إجتماع مع الجالية الليبية فى سويسرا لإطلاق إسم ” ثورة 14 ربيع الأول ” على ” ثورة 17 فبراير ” و ذلك لأن الرسول الكريم محمد ولد فى ذات التاريخ الهجري الذي وافق تاريخ 17 فبراير 2011 ، و ذلك وفقاً لتسجيل تحصلت عليه المرصد للإجتماع .
القضية تتفاعل على أعلى المستويات فى سويسرا
و استمرت قضية أبورمضان فى التفاعل الى اليوم الخميس و قال موقع ” سويسرا بالعربي ” التابع للحكومة السويسرية فى تقرير تابعته المرصد ” : يُحتمل أن تتخذ السلطات في مدينة ” بيل بيان ” وفي ” كانتون برن ” بعض الإجراءات العقابية بحق أبو رمضان الذي يُشتبه في استخدامه لعبارات مثيرة للبغضاء والكراهية في سياق خطب ألقاها في أحد مساجد المدينة. وفي هذا السياق، تدرس السلطات إمكانية رفع شكوى جنائية ضده أو التدخل بشكل مباشر في المسجد المعني بهذه القضية. وبعد أن فقد أبو رمضان بداية الشهر الحالي صفة اللاجئ، تتجه السلطات المعنية للنظر في إمكانية إلغاء ترخيص الإقامة الدائمة الممنوح له وترحيله من البلاد ” .
و من جهته، صرح آريخ فيهر، عمدة مدينة ” بيل بيان ” في تصريحات أدلى بها إلى القناة الرئيسية الناطقة بالألمانية للتلفزيون العمومي السويسري، أن الإمام يستغل المجتمع الليبرالي من أجل “بث الشقاق”. وفي رده على سؤال حول ما إذا كان الأمر يتطلب سحب ترخيص الإقامة الممنوح له، أجاب المسؤول المنتخب من الحزب الإشتراكي : “نحن جميعا مقتنعون بذلك”، وأضاف أن تكويناً في سويسرا موجهاً لفائدة الأئمة والخطباء يُمكن أن يُعيد ارتباط بعض الأئمة بأوضاع المسلمين الذين يعيشون فيها.
و في الأثناء، أدان رولاند لوتز، عضو مجلس بلدية نيداو ومسؤول الشؤون الإجتماعية فيها، ممارسات أبو رمضان وصرح لصحيفة 20 دقيقة السويسرية ” أن ما يقوم به هذا الرجل غير أخلاقي، فنحن نعطيه المال وهو يدوسنا بالأقدام”. أما أدريان امشتوتز، النائب البرلماني عن حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) فأعرب لنفس الصحيفة عن استغرابه من “إعطاء دعاة الكراهية مساعدات اجتماعية من الأموال الضريبية المكتسبة بشق الأنفس”. وطالب أمشتوتز بسحب تصريح الإقامة فورا ووقف المعونات الإجتماعية عن كل من يدعو إلى العنف والكراهية.
و على صعيد آخر، أفادت بلدية كانتون برن أنه سبق لأمانة الدولة للهجرة أن منحت الإمام صفة اللاجئ في عام 2001، إلا أنها قررت يوم 3 أغسطس الجاري إلغاء القرار وسحب صفة اللاجئ عنه لأنه توجه في العديد من المناسبات إلى ليبيا ، كما يبدو أنه تحصل على جواز سفر ليبي. ومذ اللحظة التي يدخل فيها قرار كتابة الدولة حيز التطبيق، فلن يكون الرجل خاضعا لقانون اللجوء بل لبنود القانون الفدرالي الخاص بالأجانب. وعندها، تعتزم السلطات المعنية في كانتون برن البحث في “التدابير اللازمة”. وللعلم، فإن الإمام المعني متحصل على ترخيص إقامة طويلة الأمد من صنف ” سي ” .
المصادر : وسائل إعلام و تقارير سويسرية + خاص
الترجمة و إعداد التقرير : المرصد – خاص