اليوم العالمي للإذاعة.. هنا “القاهرة/الجزائر/بغداد”

فرنسا – اليوم الخميس 13 فبراير، تحيي اليونسكو اليوم العالمي للإذاعة تحت شعار “نحن التنوع، نحن الإذاعة” لهذا العام، حيث تدعو المنظمة الدولية المحطات الإذاعية إلى دعم التنوع.

وجاء في بيان المنظمة بهذه المناسبة: “تعد الإذاعة وسيلة الإعلام الأكثر وصولا للجمهور في كل أنحاء العالم. وتعتبر وسيلة تواصل واتصال قوية ورخيصة، مناسبة جدا للوصول إلى المجتمعات النائية والفئات الضعيفة مثل: الأميين وذوي الإعاقة والنساء والشباب والفقراء. كذلك توفر الإذاعة منبرا للمشاركة في النقاش العام، بغض النظر عن المستوى التعليمي للناس. فضلا عن ذلك، تضطلع الإذاعة بدور كبير وخاص في التواصل خلال حالات الطوارئ وتقديم الإغاثة أثناء الكوارث”.

كذلك دعت المنظمة المحطات الإذاعية إلى دعم التنوع، سواء في غرف الأخبار أو على موجات البث، وتنمية دورها في لم شمل المجتمعات وتعزيز الحوار الإيجابي من أجل التغيير، والاستماع لأصوات الجماهير والاستجابة لاحتياجاتهم، وإتاحة التنوع الضروري في الآراء والأصوات للتصدي للتحديات التي نواجهها جميعا.

من جانبه علق الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في رسالة لقناة الأمم على موقع “يوتيوب” بهذه المناسبة:

الإذاعة من وسائل الاتصال التي تساهم في التقريب بين الناس. وفي عصر تتطور فيه وسائل الإعلام بصورة متسارعة، تحتفظ الإذاعة بمكانة خاصة داخل كل مجتمع محلي كمصدر يسهُل الوصول إليه لاستقاء الأخبار والمعلومات المهمة.

ولكن الإذاعة هي أيضا مصدر للابتكار حيث كانت لها الريادة في إنتاج برامج التفاعل مع الجماهير وبث المحتوى المستمدّ من المستخدمين قبل عقود من تحوّل هذه الممارسة إلى تيار شائع.

وتزخر المنتجات الإذاعية بتنوع رائع من حيث أشكالها ولغاتها، وهو تنوع يتجلى حتى في صفوف المهنيين الإذاعيين أنفسهم.

وهذا يوجه رسالة هامة إلى العالم كله. ففي خضم سعينا إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة ومعالجة أزمة المناخ، تضطلع الإذاعة بدور رئيسي بوصفها مصدرا للمعلومات والإلهام على حد سواء.

وفي هذا اليوم العالمي للإذاعة، دعونا نعترف بالدور المستديم الذي تؤديه الإذاعة في تعزيز التنوع والمساعدة في بناء عالم أكثر سلما وشمولا للجميع.

عربيا شغلت الإذاعة، وربما لا تزال بدرجة ما ولأجيال بعينها، مكانة فريدة، لم يتمكن التلفزيون، بكل إمكانياته وقدراته ومؤسساته أن يزيحها عنها. ظهرت الإذاعة المسموعة في الوطن العربي بمبادرات فردية من بعض المهتمين بهندسة الراديو، حيث ظهرت في بعض الأقطار العربية على يد القوات المحتلة، التي كانت تهدف من نشرها بالأساس تحقيق مآرب عسكرية أو استراتيجية، في حين لم تظهر في أقطار أخرى إلا بعد الاستقلال.

تعد الجزائر ومصر أولى الأقطار العربية التي عرفت الإذاعة المسموعة عام 1925 تقريبا. وظهرت الإذاعة هناك على يد أفراد، في الجزائر ظهرت على يد أحد المستوطنين الفرنسيين، حيث أنشأ محطة إرسال على الموجة المتوسطة التي لم تتعد قوتها 100 كيلو واط، ارتفعت عام 1928 إلى 600 كيلو واط. ثم أنشئت محطتان للإرسال في قسنطينة، الأولى بقوة 600 كيلو واط، وتبث باللغة الفرنسية، والثانية بقوة 200 كيلو واط، وتبث باللغة العربية. أما مصر، فقد عرفت الإذاعة عام 1925، حينما استصدر هواة اللاسلكي رخصا من وزارة المواصلات لإنشاء محطات إذاعية أهلية في كل من القاهرة والإسكندرية (راديو القاهرة، راديو الأميرة فوزية، راديو فؤاد، راديو مصر الملكية، راديو مصر الحرة، راديو فيولا، راديو أبو الهول، راديو الجيش، راديو مصر الجديدة). كذلك ظهرت الإذاعة في المغرب عام 1928 على يد الاحتلال الفرنسي، ثم توالى ظهور الإذاعات في عدد من الأقطار العربية في النصف الثاني لثلاثينيات القرن الماضي، فظهرت في تونس (1935)، العراق (1936)، لبنان (1938)، ليبيا (1939). في الأربعينيات من نفس القرن انتشرت الإذاعة في السودان (1940)، سوريا (1941)، الصومال (1943)، اليمن الشمالية (1947)، وتأسس النظام الإذاعي في السعودية عام 1949، لكنه اقتصر على استوديوهات إذاعة جدة حتى عام 1965، حتى بدأ البث الإذاعي من الرياض عام 1979، وتم توحيد البث الإذاعي بين إذاعتي جدة والرياض. ثم ظهرت الإذاعة في الكويت (1951)، اليمن الديمقراطية (1954)، موريتانيا (1956)، قطر (1968)، الإمارات العربية المتحدة (1969)، سلطنة عمان (1970).

اليوم، قد يكون جهاز الراديو قد اختفى من منازلنا، أو اتخذ موقعا متحفيا فخما دون وظيفة حقيقية محددة، إلا أن الإذاعة كفكرة من خلال البرامج التي تبث على موقع “يوتيوب” أو من خلال تطبيقات الراديو على الإنترنت، وتطبيقات “بودكاست” وغيرها قد حلت محل الإذاعة التقليدية، وتثبت بما لا يدع مجالا للشك ضرورة الإذاعة حتى مع وجود كافة وسائل البث التلفزيوني والفيديو وعلى الإنترنت.

لا زلنا نحتاج إلى نبرة المذيع (الذي لا نراه)، بينما يبدأ حديثه بـ “هنا القاهرة/بغداد/دمشق/صنعاء/بيروت” وغيرها من العواصم العربية، لنستمع إلى آخر الأنباء (دون أن نراها)، ليسهم خيالنا في تصور تلك الأنباء والأخبار والبرامج، بينما نستمع إليها.

في اليوم العالمي للإذاعة، تؤكد الإذاعة وجودها، وقدرتها الفائقة على الانتصار على أجيال التلفزيون، والفيديو، والإنترنت، وما بعدها.

المصدر: RT

Shares