عمرو موسى: التدخل التركي في ليبيا ودعمها لحكومة الوفاق عليه علامات استفهام كثيرة

ليبيا – قال الأمين العام السابق للجامعة العربية عمرو موسى إنه خلال فترة توليه منصب الأمين العام لها لم تمنح قوات حلف شمال الأطلسي (الناتو) مظلة شرعية لدخول ليبيا عقب سقوط نظام العقيد معمر القذافي في فبراير 2011، وتساءل:” ممن يأتي الاتهام بالضبط؟ثم استطرد ممن كانوا يعادون الانتفاضة في ليبيا من أنصار العقيد القذافي بالطبع”.

موسى وفي حوار مع صحيفة “العرب” اللندنية اليوم الثلاثاء أوضح أن الجامعة العربية لم تسمح بهذا ولم تطالب الناتو بالتدخل كما أنها لا تملك منح الشرعية لحلف أجنبي ليحتل دولة،وهذه الشرعية التي يتم الحديث باسمها قائمة على التزييف والمزايدة وبث أخبار كاذبة.

وأضاف:” الجامعة العربية وقتها طلبت حماية المدنيين في ليبيا بقرار من مجلس الوزراء العرب بتصويت الغالبية وحظر جوي على طائرات نظام القذافي التي كانت قد بدأت في ضرب المدنيين إذ كان هناك اقتناع كبير بضرورة حمايتهم، ويتوجب على  مجلس الأمن أن يعطي هذه الميزة المتمثلة في حظر جوي لعدم استخدام الطيران ضد المدنيين، لكن ما حدث لاحقا هو ابتعاد قرار مجلس الأمن عن مطالب الجامعة العربية وبناء عليه حدث تدخل الناتو، وجرى استغلال الموقف العربي المهم الذي اتخذ لإنقاذ المدنيين على أنه لا يوجد سبب للاعتراض أو التصويت ضد طلب حماية المدنيين في ليبيا، لاسيما أن التقارير الواردة آنذاك أفادت بأن هناك المئات بل الآلاف من القتلى المدنيين بفعل استهدافهم بالطائرات”.

وتابع:” ما طلبناه هو الحماية،لكن مجلس الأمن والدول العظمى استغلا هذا المطلب وحرفا أهدافه وهو ما شرحته ضمن الجزء الثاني من مذكراتي الذي سوف يصدر في غضون شهرين وقد قاطعت الاجتماعات الدولية المتعلقة بتنفيذ قرار مجلس الأمن بعد ذلك وأعربت عن رفضي تدخل الناتو في ليبيا، وأبلغت الكثير من القادة الأوروبيين بأننا لم نتحرك لحماية المدنيين من القذافي كي نعرضهم لقاذفات غربية من الناتو أو غيره، فغايتنا حماية هؤلاء من كل ما يأتي من نار من الجو وكان هذا موقفي الواضح والمعلن”.

وأكد موسى أن ثمة وثائق دامغة على أن الجامعة لم تسمح أو تطالب بتدخل الناتو ومنها الاتصالات التي جرت بينه شخصيا وبين الوفد الليبي في الأمم المتحدة،قائلا:”ما حذرتهم منه هو ما أكده مندوب ليبيا الدائم في الأمم المتحدة عبدالرحمان شلقم الذي قال بالحرف ‘كنا خائفين من عمرو موسى ونحاول إرضاءه بكل الطرق إذ تمسك بعدم دخول أي جندي أجنبي واحد إلى ليبيا وحرص على احترام السيادة الليبية وأن يكون التدخل لحماية المدنيين الليبيين”.

وكشف أن الوفد الليبي في الأمم المتحدة وليس الجامعة العربية هو من طلب عقد جلسة لمجلس الأمن للنظر في الوضع السياسي في ليبيا،مؤكدا اصطدامه مع الوفد الليبي المعارض للقذافي ورفضه التدخل الأجنبي وكل ذلك موثق، بحسب قوله.

وقال الأمين العام السابق للجامعة العربية:” إن الصراع في ليبيا هو صراع دول لأن هناك قوى كبرى (رفض تسميتها) لها مصالح استراتيجية ولها تابعون وحلفاء يتدخلون معها وتحت جناحها ما أدى إلى تداخل وارتباك الأوضاع في ليبيا”.

وأشار إلى أن التدخل التركي في ليبيا ودعمها لحكومة الوفاق عليه علامات استفهام كثيرة، شارحا:”هو حركة استراتيجية ضخمة ولا أعتقد أن تركيا قامت به دون علم دول ودعم من من قوى عظمى ومن المؤكد أن هذه الدول لم تمنح أنقرة الضوء الأخضر مباشرة لكن غضت الطرف وأشاحت بوجهها عما تقوم به تركيا وهذا يفتح أمامنا عددا من الاحتمالات لدراسة هذا الموقف والمقصود به”.

ورأى رئيس هيئة الحكماء بمفوضية الاتحاد الأفريقي أن حل الأزمة الليبية من الضروري أن تسهم فيه دول الجوار والاتحاد الأفريقي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي وليس دولة أوروبية بعينها وليس حلف الناتو بحيث يمكن طرح حل سياسي يطمئن الليبيين ويمنع التدخلات الخارجية السلبية التي أتت بعناصر داعش والميليشيات إلى ليبيا ومدتها بالأسلحة وتلك مسائل ينبغي توقفها لكونها أحد الأسباب الرئيسية في الفوضى العارمة الراهنة.

وحول دور الاتحاد الأفريقي في الأزمة مستقبلا، قال:” الأدوار التي لعُبت حتى الآن لم تكن فاعلة للاتحاد الأفريقي الذي يستطيع بالفعل أن يخدم القضية، ويتفهم مصالحها أكثر من مجموعات أخرى”.

وشدد موسى على أن ليبيا دولة مدنية وينبغي أن تظل هكذا لأن كل المحاولات لإقامة دول دينية في الدول العربية باءت بالفشل ولا يصح تجربتها مرة أخرى في ليبيا وينبغي أن تكون دولة تحتضن الجميع وتشمل كل مواطني ليبيا ويتوجب أن ينتهي الشد والجذب بين طرابلس وبنغازي لأن بعض الأطراف المتصارعة تتدخل بناء على تعليمات تتلقاها من الخارج وليس على أساس وطني ويشعر الليبيون الآن أنهم بلغوا نقطة فاصلة تتحتم فيها المصالحة.

Shares