الولايات المتحدة – في الأول من مايو من كل عام، يحتفل العالم بيوم العمال العالمي، وتعتبره بعض الدول يوم عطلة رسمية، وتشهد فيه المدن مسيرات “عمالية” حاشدة.
ويأتي يوم العمال العالمي هذا العام، وسط تفشي وباء “كوفيد-19″، الذي تسبب بأزمة اقتصادية عالمية وتردي أوضاع العمال وتحول الملايين منهم إلى عاطلين عن العمل، فيما يقبع المليارات في منازلهم بسبب إجراءات الإغلاق التي اتخذت كتدبير احترازي لمواجهة تفشي الفيروس.
ومع ذلك، فقد خرج الآلاف في تركيا واليونان في مسيرات بهذه المناسبة، وتميزت مسيرات اليونان بكونها منظمة وتتبع قواعد التباعد الاجتماعي، في حين اعتلقت السلطات التركية بعضا من قادة النقابات العمالية.
وفي الولايات المتحدة، ارتفع عدد العاطلين عن العمل إلى أكثر من 30 مليونا، وفي إسبانيا، وصل هذا الرقم إلى حوالي 4 ملايين، ومثلهم تقريبا في العديد من الدول الأوروبية، ونحو 10 ملايين عامل إندونيسي لم يعودوا يذهبوا إلى العمل أو طردوا منه بسبب الأزمة، إضافة إلى 300 ألف شخص في ألمانيا، كما اختفت ملايين الوظائف في دول مثل بنغلاديش وكمبوديا وميانمار.
وفي أثناء تفشي فيروس كورونا الجديد، قدرت منظمة العمل الدولية، في تقرير لها صدر مؤخرا، أن نصف القوى العاملة في العالم باتت مهددة بخسارة مصادر رزقها، كما انخفض دخل العاملين في المهن الحرة بنسبة تصل إلى نحو 60 في المئة.
وقدرت المنظمة أن نحو 436 مليون منشأة معرضة لخسائر جسيمة، منها 232 مليون منشأة تعمل في تجارة التجزئة، و111 مليون مصنع و51 مليون منشأة تقدم خدمات الطعام، و42 مليون منشأة تعمل في مجال العقارات.
وبدأت فكرة تخصيص يوم للعمال في أستراليا يوم 21 أبريل العام 1856، واستندت أساسا إلى تحديد ساعات العمل بثماني ساعات، وهي الفكرة التي انتقلت إلى الولايات المتحدة وكندا، حيث بدأت تتصاعد المطالب بتحديد ساعات العمل.
في أكتوبر من العام 1884، عقد اجتماع للاتحاد الوطني لنقابات العمال والتجار، حيث تم تحديد الأول من مايو عام 1886 يوم البدء بالعمل 8 ساعات فقط، وفيما كان ذلك اليوم يقترب، أخذت نقابات العمال الأميركية تستعد لتنظيم إضراب عام دعما لتحديد ساعات العمل.
وبالفعل، شهدت العديد من المدن الأميركية، يوم السبت 1 مايو 1886 إضرابا عاما ومسيرات عمالية شارك فيها آلاف العمال، وكان الشعار الذي توحد خلفه جميع العمال الأميركيين في ذلك اليوم هو “8 ساعات في اليوم دون اقتطاع للأجور”.
وفي الثالث من مايو التقى العمال المضربون في شيكاغو قرب مصنع شركة ماكورميك لمعدات الحصاد، حيث منع عمال اللحام من دخول المصنع منذ فبراير، فيما سمح المصنع للعمال الذين رفضوا الإضراب بالعمل بصورة طبيعية، وسط معارضة من العمال المضربين.
وعندما انتهت ساعات العمل في المصنع في ذلك اليوم، قام حشد من العمال المضربين بمحاولة الاعتداء على العمال غير المضربين، فأطلقت الشرطة النار على المضربين، مما أدى إلى مقتل عاملين، وفي روايات أخرى 6 عمال.
وفي الرابع من مايو احتشد العمال في ميدان هايماركت في مسيرة، بدأت سلمية، وبحضور قيادات عمالية نقابية وبمشاركة نحو 3000 عامل، يقابلهم أعداد كبيرة من عناصر الشرطة.
وفي العاشرة مساء، من ذلك اليوم، وصل عدد كبير من رجال الشرطة وتوجهوا إلى سيارة الخطباء العماليين، مطالبين بفض الاحتجاج، وخلال المحادثة المشحونة، انفجرت قنبلة بين الحشود، فقتل 12 شخصا، من بينهم عدد من أفراد الشرطة، فاعتقلت الشرطة 8 أشخاص من ما وصفتهم بـ”الفوضويين”، ووجهت لهم اتهامات بالتآمر، وصدر حكم بإعدام 7 منهم.
وتجاوزت قضية هايماركت حدود الولايات المتحدة وعبرت المحيط الأطلسي، إلى فرنسا وبلغ صداها عمال العالم، وفي المؤتمر الأول للنواب الاشتراكيين الدوليين، في باريس عام 1889، أحيا المؤتمر ذكرى ما بات يعرف بـ”مذبحة هايماركت”، كما وجهت دعوات للتظاهر إحياء لذكرى الضحايا عام 1890، وهو العام الذي شهد اعتبار الأول من مايو حدثا عماليا سنويا.
ومنذ ذلك الحين، أصبح الأول من مايو احتفالا دوليا للإنجازات الاجتماعية والاقتصادية للحركة العمالية.
سكاي نيوز