تفاعل محلي مع مطالبة زعماء الجوار بشرعية محلية في ليبيا يقابله رفض الإخوان المسلمين

ليبيا – ” الشرعية الدولية لا تدوم ولا يعني أن تكون سيفًا مسلطًا على رقاب شعوب من يدعي أنه يستمد وجوده وقوته منها ” هذا لسان حال دول جوار ليبيا وآخرهم الجزائر بل وحتى بعيدًا عن الجوار في مشارق الأرض ومغاربها وإن كان على إستحياء من بعض الدول المعنية .

يوم أمس قالها الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون صراحة : ” الحل في ليبيا يتمثل في العودة للقاعدة الشعبية وإيجاد سلطة شرعيتها محلية ،  حكومة الوفاق تجاوزتها الأمور ويجب أن تكون هناك مؤسسات منتخبة تمثل كل الليبيين “.

كانت هذه رسالة مزدوجة من تبون ،  يتعلق شقها الأول بالشرعية بالدولية التي تسلطها حكومة السراج سيفًا على الداخل والخارج   وكأنها ” كتاب مُنزل ” أما الثانية فهي أن هذه الشرعية وإن كانت دولية فهي لا تمثل كل الليبيين وبالتالي فأن الحاجة تتطلب سلطة منتخبة من الشعب وأن يعود القرار له .

تطابق رئاسي تونسي جزائري 

كانت رسالة تبون متطابقة تقريبًا مع رؤية الرئيس قيس سعيد رئيس الجارة الأخرى تونس الذي أكد هو الآخر : ” بأن السلطة القائمة في طرابلس تقوم على شرعية دولية مؤقتة لا يمكن أن تستمر ويجب أن تحل محلها شرعية جديدة تنبع من إرادة الشعب الليبي  ” .

وأثارت تصريحات سعيد موجة غضب في طرابلس لدى دوائر الوفاق وخاصة حزب العدالة والبناء بزعامة محمد صوان الذي اتهم رئيس تونس بعدم المعرفة بواقع الوضع في ليبيا وقد حاول الحزب من خلال نظرائه في جماعة الإخوان المسلمين بتونس الضغط على الرئيس لسحب تصريحاته ، فيما قوبلت على الصعيد الشعبي بتفاعل مرحب يرى أن سعيد وتبون قد وضعا يديهما على مكمن الداء .

وهو ما أكده الغنوشي بنفسه في تسجيل مسرب تحصلت عليه المرصد وكان الغنوشي ينقل فيه وجهة نظر إخوان ليبيا أعداء الإنتخابات على أن رأيهم هو رأي الشعب الليبي الغاضب من تصريحات قيس سعيد بشأن الشرعية الدولية .

مصر أيضًا

وبالتوجه شرقًا إلى الجارة مصر ، فليست وجهة نظرها بالخصوص بعيدة عن رؤى رئيسي تونس والجزائر ، حيث تؤكد القاهرة رئاسة وحكومة وبرلمانًا بأن الشرعية الدولية القائمة في طرابلس ” عرجاء ” بل ومخالفة حتى للإتفاق السياسي الذي قامت عليه وامعنت في اغتصاب بنوده بشكل انتقائي ليس بأقله مخالفة بند الإجماع الذي يقوم عليه هذا الإتفاق أصلاً ناهيك عن عدم إجماع الليبيين عليها  .

وبالتالي ترى القاهرة أنه لا بد من إيجاد سلطة جديدة تنال إجماع الليبيين سواءً بصياغة عقد جديد يقود في النهاية إلى الإنتخابات أو التوجه إلى الإنتخابات مشكلة لإنهاء هذه الأزمة .

تركيا وإستغلال شماعة الشرعية الدولية

في المقابل تستغل تركيا مصطلح الشرعية الدولية للعربدة طولًا وعرضًا وتوقيع الإنفاقيات المشوهة وتستخدمه كمن يستخدم ( لا تقربوا الصلاة ) حيث تتغنى بالديمقراطية ومحاربة الدكتاتورية وتتجاهل حقيقة أن هذه السلطة ليست منتخبة وهي أبعد مايكون عن هذه الشعارات بينما تناقض تركيا نفسها في معاداة أنظمة دول أخرى لها شرعيتها الدولية بل والمحلية معًا .

في هذا الصدد كانت القاهرة أكثر تفصيلًا عندما استندت على ” الشرعية الدولية ” نفسها في التأكيد على بطلان ما تم توقيعه بين السراج وأردوغان نهاية العام الماضي وترتب عنه مشاكل في شرق المتوسط وتدخل عسكري غير مشروع ذلك لأن الصخيرات الذي صاغ هذه الشرعية ينص وبلا شك على أن كل ما جرى توقيعه باطل تمامًا .

يقول بعض الدبلوماسيون العرب والغربيين أن تجربة منح ” الشرعية الدولية ” وإطلاقها على عوانها كما حدث في ليبيا كان من أكثر التجارب سوءً على الاطلاق ، فقد تحولت من وسيلة لحل أزمة إلى أزمة كبرى في حد ذاتها وجب الخروج منها في أسرع وقت والإتعاض منها وعدم تكرارها مستقبلًا في مواطن أخرى .

إخوان ليبيا والإنفصال عن الحقيقة

في المقابل يواصل حزب العدالة والبناء وذراعه الإعلامي ليبيا بانوراما ومن فوقهما الجماعة الأم المسيطرة على مجلس الدولة الإستشاري عن طريق مندوبها خالد المشري الإنفصال عن الواقع والحقيقة ، فهذه الجماعة لا ترى في غير هذه الشرعية الدولية أنبوبًا تتنفس منه وتشبع به خياشيمه بهواء السلطة .

كيف لا وقد امتدت هذه الخياشيم من الحكومة الى المصرف المركزي الى الإستثمارات  بل وإلى درجة إختلاق برلمان موازٍ في طرابلس يعج بأعضاء منتمين لها انضموا لهذا البرلمان بعد 5 سنوات من انتخابهم ومنهم حتى من تناسى بأنه عضو منتخب بعد مقاطعتهم مجلس النواب الشرعي في طبرق .

السراج بدوره لا يستطيع الإستدارة بوجهه بعيدًا عن مطلب الإنتخابات وكل ماضاقت هذه الدائرة ذهب كالعادة واستدعى رئيس مفوضية الإنتخابات عماد السايح لينشر مكتبه كالعادة نفس الصيغة الخبرية المتكررة منذ سنة 2017 وهي “ أن اللقاء يأتي للاطلاع على مدى جاهزية المفوضية لتنظيم الإنتخابات والاستحقاقات القادمة بما تتطلبه من ميزانية ” ميزانية كان هو ذاته قد عطلها في سنة 2018 مماطلة في تنفيذ اتفاقي ابوظبي وباريس حتى تفجرت الحرب في أبريل 2019 .

لقاء السراج ورئيس مفوضية الإنتخابات 5 يوليو 2020

أما حزب العدالة والبناء وإخوانه فيستعد لسن سيوفه ووضع العراقيل طبعًا وقبل حتى أن يكشف أوراقه فمن الممكن التكهن بها ، وهي أولاً سيتحجج بأن أي قانون انتخابات يجب أن يضعه البرلمان الموازي في طرابلس كونه سلطة شرعية بالتشاور مع مجلسهم للدولة وفقًا لإتفاق الصخيرات وهذا ما سيفجر جدلاً لا منتهي .

 ثم ستنتقل الجماعة للخطة الثانية وهي خلق خلاف حول القاعدة الدستورية أو القانونية التي يجب أن تجري بها الإنتخابات وهنا ستتمسك بالإستفتاء على الدستور أولًا وهذه العملية تستغرق سنة على الأقل بين استفتاء وبين أن يصبح الدستور حيز النفاذ وفقًا لأحد مواده  .

https://www.facebook.com/1707659659469302/posts/2148122705422993/?d=n

وبعد كل ذلك سيعقب كل هذا الوقت المهدور دعوى قضائية تنص على بطلان هذا الدستور غير المتفق عليه أصلاً لوجود خروقات قانونية في آلية إقرار المسودة صدرت فيها أحكام سابقة أصلاً ، لتدخل البلاد في دائرة مفرغة من الصراع والجدال بين صد و رد لن تنتهي قبل عامين كما حدث في 2017 – 2018 .

هذه هي حيل وأحاجيج هذه الجماعة المتحجرة المعادية لصندوق الإنتخاب كما كانت ولازالت لعلمها بانعدام فرصها فيه مهما حاولت تجميل نفسها او استقوت بالسلاح كما فعلت في إنقلاب فجر ليبيا الذي انتهى بالبلاد إلى هذه النتيجة السيئة التي لم يستفد منها أي طرف سياسي كما استفادت منها جماعة الإخوان المسلمين ، هذا إن صح وصفها وتنظيمها السري بأجنحته المختلفة منعدمة الشعبية كطرف سياسي أصلًا .

المرصد – خاص

Shares