وقالت الوزارة في بيان، إن “ميزان الطاقة في بلادنا منخرم إلى حدّ كبير، وهو على ذلك يتقاطع مع اختلال الموازين التجارية الوطنية، الشيء الذي ما فتئ يتسبب في تعاظم حجم الفواتير غير المسدّدة لصالح مزوّدينا من الغاز، في الداخل أو بالخارج، والذين بدأوا وللأسف يلوّحون بقطع الامداد عن بلادنا، أو بملاحقتنا في المحاكم الدّوليّة لمطالبتنا بسداد ما علينا من التزامات”.

ودعت الوزارة إلى تعليق الاحتجاجات في البلاد، نظرا للأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد. وأضافت “بالرّغم من هذا الوضع الخطير أصلاً، يأتي توقف إنتاج النفط والغاز بحقول الجنوب التّونسي، على هامش اعتصام الكامور المتواصل منذ أسابيع، ليؤزم المسألة ويضعنا أمام خطر محدق بنفاذ امدادات الغاز عن محطّات الإنتاج الكهربائي التي تعتمد بشكل شبه كلّي على الغاز الطبيعي لتزويد البلاد بالكهرباء، وفي الوقت الذي تقترب فيه نسب الاستهلاك فترة الصّيف من مستوياتها القصوى”.

وقالت الوزارة إنها “تهيب بالحسّ الوطني لدى الأهالي في مختلف الجهات، تعليق الاحتجاجات الحاليّة في أقرب وقت ممكن، وإعادة نسق الإنتاج إلى مستويات معقولة، ريثما تتسلّم الحكومة الجديدة عهدتها، على أن يكون ذلك في ظروف معقولة، تمكّنها من النّظر في كمّ الملفّات العالقة.”

ويطالب محتجون في ولاية تطاوين، جنوب شرق البلاد، منذ أسابيع بتطبيق اتفاق وقّع مع الدولة عام 2017 عقب احتجاجات، ينصّ على توظيف آلاف العاطلين من العمل في المنطقة وتخصيصها صناديق استثمار.

وتوقفت عمليات ضخ النفط والغاز، بصفة كلية، في 17 يوليو، من منشآت بترولية بمنطقة الكامور، وذلك بعد أن أقدم المحتجون بغلق محطة رئيسية، والاعتصام في محيطها.

الحراك الاجتماعي مستمر

من جانبهم، يصر معتصمو الكامور على مواصلة حراكهم حتى تحقيق مطالبهم. وفي هذا السياق، صرح مصدر من تنسيقية اعتصام الكامور، لــ “سكاي نيوز عربية” أنه ” لا يمكن تحميل حركتنا الاحتجاجية العجز الحكومي في توفير حاجيات البلاد، لأن هذا العجز كان آخذا في التصاعد منذ سنوات. واليوم تأتي الحكومة لتعلق فشلها على تحرك بدأ منذ شهر فقط”.

وتابع: “لذلك فنحن مصرون على مواصلة اعتصامنا وإغلاق أجهزة الضخ، حتى تطبق الحكومة الاتفاق الذي وقعته معانا عام 2017 كاملاً دون قيد أو شرط. وبالرغم من حجم الترهيب والقمع الذي تعرضت له احتجاجتنا، وبالرغم من فراغ الولاية من شبابها، الذين سلكوا طريق الهجرة في قوارب الموت، إلا أننا لن نفض اعتصامنا هذه المرة إلا بنيل مطالبنا في العمل والتنمية”.

وكان وزير الطاقة، منجي مرزوق أعلن، الأربعاء الماضي، عن ترحيل ملف الكامور إلى الحكومة الجديدة، التي كُلف وزير الداخلية، هشام المشيشي، بتشكيلها، الأسبوع الماضي.

وقال مرزوق، في تصريحات نقلتها وكالة الأنباء الرسمية، إن “اللجنة المكلفة بملف اتفاق الكامور أعدت كل الدراسات وشخصت الصعوبات والحلول الممكنة، وقدمت ورقة عملها للحكومة، وذلك لعدم قدرة الحكومة الحالية إقرار التزامات مالية هامة لحكومة جديدة، مفضلة تقديم توصيات ستنطلق الحكومة الجديدة في تفعيلها حال مباشرتها لأعمالها”.

من جانبه  يرى الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، حمزة المدّب، أن البلاد دخلت في أزمة طاقة حادة مرجحة للتفاقم، ويمكن أن تؤثر على عملية التزود.

وقال المدّب في تصريح لـ “سكاي نيوز عربية”: ” يبدو أن قطاع الطاقة يمر بأزمة حقيقية. في جزء منها، مرتبط بالاحتجاجات الاجتماعية في منطقة تطاوين، وانعكس هذا على عدد من الشركات التي قررت غلق الحقول التي تستغلها. ولكن في جزء آخر هذا مرتبط بمناخ عام للاستثمار غير مشجع لهذه الشركات في ظل انخفاض أسعار النفط وتراجع الاستهلاك العالمي بسبب وباء كورونا. هذا مثلا ما يفسر إقدام شركة شال على إغلاق الحقول التي تستغلها في خليج صفاقس (شرق)”.

ووفقاً لبيانات نشرتها، وزارة الطاقة التونسية على موقعها الإلكتروني، فإن  تزويد السوق المحلية بالغاز الطبيعي سواء لإنتاج الكهرباء أو للاستهلاك في قطاعي الصناعة والسكن من أكبر الرهانات، باعتبار أن الإنتاج المحلي للغاز الطبيعي لم يغط سوى نسبة 31% من الاستهلاك خلال سنة 2019، في حين أن الكميّة المتبقية متأتية من مصدر وحيد وهو الجزائر.

ورغم تقلص عجز ميزان الطاقة في تونس، بأكثر من 70 في المئة، بحسب أرقام نشرتها وزارة الطاقة بداية شهر يوليو، إلا أن هذا التحسن لم يكن حصيلة ارتفاع في الإنتاج، وإنما نتيجة تحسن سعر صرف الدينار مقابل الدولار، وكذلك بسبب تراجع الطلب على الطاقة خلال فترة الحجر الصحي، بسبب أزمة وباء كورونا.