مصر – يكاد فريقا الأهلي والزمالك يتفقان على أن موسم الدوري المصري 2019/2020 قد حُسم بنسبة كبيرة لصالح المارد الأحمر، بعد البداية القوية التي حقق خلالها الفوز في 17 جولة متتالية، قبل أن يضع فريق سموحة حدا لسلسلة الانتصارات بالتعادل الإيجابي 1 -1 في منافسات الجولة الـ18 من بطولة الدوري الممتاز.
إلا أن مباراة الفريقين مساء السبت الماضي في الجولة 21 كشفت أن البطل المنتظر ليس في أفضل حالاته الفنية، وأن كتيبة الشياطين الحمر بها ثغرات يمكن استغلالها متى واجه فريقا شرسا له أنياب هجومية قادرة على الوصول لشباك الحارس محمد الشناوي.
في المقابل بدا الأبيض فريقا منظما متماسكا دفاعيا إلى حد كبير، مع نجاعة هجومية ملحوظة، وتماسك وترابط بين جميع خطوطه، ما يطرح تساؤلات عن كيفية وصول فارق النقاط بين الفرقين إلى 17 نقطة قبل لقائهما.
التركيز على لقاء الدربي بين الأهلي والزمالك لا ينبع من كونه اللقاء الأهم على مستوى البطولة تاريخيا وجماهيريا فقط، وإنما لأنه لقاء كاشف لمستوى الفريقين الحقيقي، سيما وأن فارق الإمكانات هائل بينهما، وبين باقي فرق الدوري باستثناء نادي بيراميدز.
وبعد انحسار المنافسة على الدوري باتت بطولة دوري أبطال أفريقيا المؤهلة لكأس العالم للأندية، هي الهدف الأهم لكلا الفريقين، والتي يلتقي فيها الأهلي بالوداد المغربي، فيما يكون الزمالك على موعد مع الرجاء المغربي أيضا، وقتها سيقف زعيما الكرة المصرية على مستواهما الحقيقي أمام نِدَّين قويين لهما صولاتهما وجولاتهما في الملاعب الإفريقية.
في مباراة السبت وبرغم تفوق مدرب الزمالك باتريس كارتيرون، في مقابل سوء إدارة السويسري رينيه فايلر لتشكيلة الأهلي، إلا أن الأزمة تبدو أعمق من مجرد قراءة المدربين لأحداث المباراة.
الأزمة تظهر جلية في قائمة اللاعبين ومدى جودة كل لاعب في مركزه، فالزمالك مدجج بنجوم يكادوا يكونون الأفضل على مستوى أندية إفريقيا في الوقت الحالي، خاصة على مستوى قلبي الدفاع محمود علاء ومحمود الونش، وخط الوسط الحديدي المكون من ثنائية طارق حامد والتونسي فرجاني ساسي، والمغربي ثابت المستوى أشرف بن شرقي الرواق، والمهاجم الواعد مصطفى محمد.
في الأهلي لا تجد القائمة بنفس القوة وإن كان الأداء الجماعي يميز الفريق ككل، لكن وبعد إعلان رحيل نجم الفريق رمضان صبحي، وخضوع حسين الشحات لإجراء عملية جراحية، وإيقاف محمود عبد المنعم كهربا، تقلصت كثيرا من أوراق الفريق الرابحة، التي اقتصرت على انطلاقات الظهير الأيسر التونسي علي معلول، وبعض الجمل الفنية التي تدرب الفريق عليها مع السويسري رينيه فايلر.
الفقر الشديد في العناصر يظهر جليا في خط الهجوم الأهلاوي، فاللاعب الوحيد القادر على إحداث فارق هو وليد سليمان إلا أنه لا يمكنه اللعب 90 دقيقة كاملة، لذا يحتفظ به المدرب كورقة بديلة رابحة في أوقات معينة من المباريات.
ويبقى مركز رأس الحربة صداعا في رأس جماهير النادي الأهلي، وهو المركز الذي يشغله مروان محسن منذ سنوات، قبل أن يتعاقد النادي مع السنغالي آليو بادجي، الذي لم يتمكن حتى الآن من التألق في هذا المركز رغم إجادته أمام الزمالك.
لكن كيف أثرت جودة العناصر على مستوى الفريقين في لقاء القمة؟
يمكن ملاحظة ذلك عبر مجموعة من اللقطات التي شكلت أحداث المباراة المفصلية، فالفارق الأبرز في المباراة كان في جودة اللاعبين ومستوى التعاقدات التي أبرمها كل نادي.
لك أن تتخيل أن المغربي أشرف بن شرقي قطع مسافة بطول الملعب من الناحية اليسرى، فيما كان الظهير الأيمن للأهلي محمد هاني يكتفي بالمشاهدة، ثم قابله ياسر إبراهيم بتردد بالغ، انتهى بممارسته نفس دور المتفرج لترسل الكرة عرضية زاحفة ويضعها لاعب الزمالك محمد سيد زيزو بسهولة في الشباك الخالية، فيما غابت تغطية الظهير الأيسر للأهلي علي معلول عن المشهد برمته.
اللقطة المعبرة تنذر بخطر على الفريق حينما يواجه الوداد حيث سيشغل اللاعب المغربي المتميز إسماعيل الحداد الطرف الهجومي المقابل لمحمد هاني، في ظل رحيل أحمد فتحي لنادي بيراميدز وعدم اعتماد فايلر عليه، ما يجعل هذه المنطقة مصدر خطر كبير على الفريق.
دفاع الزمالك لم يسمح بحدوث نفس المشهد حينما توغل وليد سليمان لاعب الأهلي هذه المرة ، وأرسل عرضية زاحفة على خط المرمى، لكن مدافع الزمالك محمد عبد الشافي الذي يبلغ من العمر 35 عاما تدخل بفدائية، لينقذ الكرة قبل أن تصل لأقدام جناح الأهلي الأنجولي جيرالدو، ما يكشف عن فروق واضحة في مستوى مدافعي الفريقين ولياقتهما البدنية والذهنية وقدراتهم الفنية.
فارق مستوى العناصر ظهر جليا في الهدف الثاني للزمالك حيث أرسلت كرة طويلة من الظهير الأيمن حازم إمام في عمق دفاع الأهلي، قفز لها المهاجم الواعد مصطفى فتحي، وتسلمها بمهارة على صدره وسددها قوية لتسكن الشباك على يمين الحارس الشناوي، وسط مشاهدة الدفاع الأهلاوي للكرة وهي تسكن شباك حارسهم الدولي، فيما كانت الصورة المقابلة لمهاجم الأهلي مروان محسن وهو يتجاهل تمريرة بادجي مثيرا للاستغراب، ما يؤكد فكرة الفارق الفني بين الفريقين على المستوى الفردي.
في المقابل وقف خط الدفاع الأهلاوي مترددا أمام الجناح المغربي للزمالك محمد أوناجم وهو يتقدم نحو المرمى، ويتمهل كثيرا قبل أن يهدي الكرة للشاب أسامة فيصل ليضعها في المرمى بسهولة.
شن الأهلي هجمات عديدة، ولم يكن محظوظا في بعض اللقطات، لكن سوء الحظ ليس مبررا لضعف المستوى الواضح، فإدارة الأهلي فشلت في تعويض الكثير من اللاعبين المخضرمين الذين رحلوا أو أعلنوا رحيلهم عن الفريق.
نقطة أخرى في غاية الأهمية لم يبذل مسؤولو الأهلي جهدا لحلها حتى الآن، وهي كثرة الإصابات، بشكل يدعو للاستغراب، فالفريق واجه الزمالك وهو يغيب عنه كتيبة من اللاعبين تتغير في كل مباراة وتزيد بشكل مطرد، فرمضان صبحي نجم الفريق الذي أثار رحيله موجة من الغضب الجماهيري، قضى معظم شهور إعارته من هدرسفيلد الإنجليزي التي كلفت النادي أموالا طائلة مصابا بتمزق في العضلة الخلفية، ولم يستفد منه الفريق سوى في مباريات معدودة.
معظم إصابات الفريق يترتب عليها غيابات طويلة، ما يحتم على إدارة الأهلي فتح هذا الملف، وإعادة النظر في الجهاز الطبي للفريق، وكذلك في إرسال اللاعبين للعلاج في ألمانيا، لأن الفريق لا يستفيد من نسبة عالية من التعاقدات التي يبرمها بسبب هذه الأزمة.
الأهلي يحتاج لثورة مبكرة، وتغيير سريع في العناصر التي يعتمد عليها، قبل أن يتعرض لكارثة أشبه بما جرى لبرشلونة الإسباني أمام بايرن ميونيخ في ربع نهائي دوري أبطال أوروبا 2020، وهو أمر غير مستبعد خاصة وأن الفريق تعرض الموسم الماضي لأكبر هزيمة في تاريخه أمام صاندونز الجنوب إفريقي بخماسية نظيفة، بنفس التشكيلة الحالية تقريبا، فالنتائج والبطولات لا تأتي بكثرة الحديث عن تاريخ النادي، وماضيه المجيد، بل تصنع بأقدام لاعبين من الفئة الأولى، يعرفون الطريق لمنصات التتويج.
خلاصة القول أن الزمالك استطاع تحقيق الفوز على الأهلي لأن لاعبيه الأفضل، وما تعرض له الأهلي من خسارة لا تعيب فايلر بقدر ما تعيب إدارة النادي ولجنة التعاقدات في الفريق، وجهازه الطبي، في مباراة كانت الاختبار الأهم للأهلي والزمالك قبل مواجهة الوداد والرجاء، في دوري أبطال إفريقيا.
سكاي نيوز