ليبيا – أكّد وزير الخارجية المالطي إيفاريست بارتولو أنّ بلاده لن تسمح بأن تُستعمل ضدّ أيِّ دولة أخرى، مشدّدًا على الحلّ للأزمة في ليبيا يكمن في أن تكون ليبيا لليبيين، مشيدًا بالدور المصريّ في الحفاظ على استقرار المنطقة.
بارتو لو وفي حوار خاصّ مع “سكاي نيوز عربية” أوضح أهمية ليبيا بالنسبة إلى بلاده بالإشارة إلى قربها جغرافيًا، قائلًا: “نحن قريبون جدًا من ليبيا، فالرحلة تستغرق 40 دقيقة بين مالطا وطرابلس، لذا من مصلحتنا أن تكون ليبيا في سلام ومزدهرة وموحّدة. ليبيا في أيدي الليبيين”.
كما أشار إلى أنّ الأوضاع السيئة التي يعيشها الليبيون تستدعي التوصّل إلى حلّ بصورة عاجلة، مضيفًا: “الليبيون يمرّون بأوقات عصيبة جدًا، ليس بسبب النزاع فحسب، ولكن ليس لديهم الكهرباء ولا الماء، وأسعار السلع الأساسية مرتفعة وعملة الدينار ضعيفة”.
ورأى إيفاريست بارتولو أنّ أفضل طريقة لمساعدة الليبيين تكمن في جمعهم معا للحوار، مشيرًا في الوقت نفسه إلى أنّه أمر ليس سهلًا.
وتابع: “أنا أعلم أنّ هذا صعب، لأنهم تصارعوا كثيرًا وهناك انعدام للثّقة بينهم. علينا أن نعيد بناء الثقة بينهم حتى يتحدّث أهل الشرق مع أهل الغرب، ويتحدثوا أيضًا مع أهل الجنوب”.
وأردف: “من المهمّ أن نجعلهم يتحدثون مع بعضهم البعض، حتى يعود تدفّق النفط مرة أخرى، وحتى تصل الأموال التي تُجنى من النفط إلى الجميع، لأنّهم بحاجة للحصول على حاجياتهم الأساسية، خاصّة وأنّ فيروس كورونا جعل حياتهم أصعب”.
كما نوّه إلى أنّ جيران ليبيا ليسوا منخرطين في الصراع هناك، قائلًا: “انظر إلى مصر ومالطا وتونس والجزائر،نحن لسنا منخرطين في الصراع، لم نتسبّب في هذا. من مصلحتنا ومصلحة ليبيا أن نساعدهم للاجتماع معًا”.
وفي هذا الصدد، أشاد وزير خارجية مالطا بالدور المصري في محاولة حلّ الأزمة الليبية،مردفًا: “نحترم كثيرًا موقف مصر فهي دولة معتدلة ومستقرّة وتعمل لاستقرار المنطقة، وقد لاحظنا الخطاب الحذر الذي تستعمله. نحن نفهم أهميّة ليبيا بالنسبة لمصر، بسبب الحدود الطويلة بين البلدين”.
وواصل حديثه قائلًا: “حتى حينما تحدّثنا مع حكومة طرابلس، فإنّها أيضًا تحترم إعلان القاهرة وأهمية الجمع بين الجانبين من طرابلس وطبرق للعمل معًا. لقد عقدنا آمالًا كبيرة، حينما أعلن رئيس المجلس الرئاسي فائز السراج عن وقف إطلاق النار، وأعلن رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح عن وقف إطلاق النار، وبدا أنّ القتال قد توقّف. كانت هناك بعض الحوادث من الجانبين، ولكن عمومًا كان وقف إطلاق النار متماسكًا”.
وأكّد بارتولو على أهمية الانتقال الآن إلى ما بعد وقف إطلاق النار لجعله دائمًا.
وعما إذا كانت مالطا مقرّبة لأحد أطراف الصراع في ليبيا بما في ذلك تركيا، شدّد بارتولو على أنّ بلاده تدعم ليبيا موحّدة وأنّها ليست عضوًا في نادي أيّ دولة.
وأكمل: “مالطا تتحدّث مع الليبيين من الغرب ومن الشرق. نحن دولة صغيرة من حيث عدد السكان، فعددنا 450 ألف نسمة، بينما عدد سكان القاهرة وحدها على سبيل المثال هو 22 مليونًا. إذن، نحن دولة صغيرة، ولا نريد إيذاء الآخرين ولا نريد أن يؤذينا الآخرون”
وتابع: “نحن دولة محايدة، وهذا مهم جدًا من أجل استقلالنا الذي استغرق قرونًا من الزمن، ولنكون جزيرة بلا قوّات برية أو بحرية أو جوية، ولن نرجع للوراء. لن نسمح بأن تُستعمل مالطا ضدّ دول أخرى”.
واستطرد بالقول: “نحن لسنا عضوًا في نادي أيّ دولة، فنحن دولة ذات سيادة، والحلذ الذي نراه لليبيا هو أن تكون ليبيا لليبيين، ومن الليبيين، وبأيدي الليبيين”.
وفيما يتعلّق بالأزمة المشتعلة في شرق المتوسّط، بين تركيا واليونان وقبرص، فقد علّق وزير خارجية مالطا عليها بالقول إنّه على الناتو أن يفعل أكثر، لأنهم حلفاء في نهاية المطاف.
واعتبر أنّ أحد التعقيدات هو أنّ كل دولة تستجيب للشعور الداخلي للشعب، وبالتالي فإنّ المرء يتّخذ موقفًا وهو يفكّر كيف سيحاكمه الناخبون عليه؛ لذا، كلُّ تلك الدول تعتقد أنّها على صواب وأنّ الآخرين مخطئون.
وأضاف: “أعلم أنّ الأمر صعب، ولكن علينا أن نبقى مصرّين ونتواصل ونقول: حسنًا، هل يمكنكم أن تتخيّلوا ماذا سيحدث لو اندلعت الحرب؟ إذا اندلعت الحرب في شرقيّ المتوسّط فستضرُّ الجميع. لن تضرَّ تركيا وحدها، أو اليونان وحدها أو مصر وحدها”.
ونوّه وزير خارجية مالطا إلى استطلاعين للرأي أجريا في كلٍّ من تركيا واليونان، حيث أكّد أغلبية المشاركين في البلدين أنّهم لا يريدون الحرب، داعيًا سياسييهم أن يجلسوا معًا ويتفاوضوا.
وتابع:”ما نحتاجه أولا هو تخفيف التصعيد، وأن نكون حذرين في ما نقوله عن بعضنا البعض ولنر ما يمكن أن نفعله. إذا كانت هناك حرب، فماذا ستفعل بعد ذلك؟ لا يمكن أن تواصل الحرب إلى الأبد. لذا علينا أن نجد طرقا وسبلا لإيجاد حل”.
وعن الموقف الذي تتّخذه مالطا إزاء إمكانية فرض الاتحاد الأوروبي عقوبات على تركيا، قال بارتولو: إن بلاده ما زالت تناقش الأمر، مضيفًا: “سنرى ما سيحدث، فالنقاش ما يزال جاريًا، وكما قلت: ما هو مهم جدًا هو أنّ المسار والأدوات التي سنستعملها ستكون أيضًا جزءًا من النهاية، لأنّ علينا أن نقرر أيضًا أين تكمن مصلحة المنطقة؟ هل بقطع العلاقات تمامًا مع تركيا؟ هل نجعل الموقف أصعب مع تركيا؟ وربما جمع روسيا وتركيا معًا؟ أو جعل هذه العلاقة أصعب مما هي عليه اليوم؟ إنه نقاش صعب جدًا، الأمر ليس واضحًا تمامًا، ولكن سنرى كيف ستتطور الأمور”.
وتابع: “ما علينا أن نفعله حسب اعتقادي، أن نأخذ في عين الاعتبار ما سيحدث، لا يمكن أن نفكر في خطوة واحدة فقط، بل علينا أن نفكّر في خطوتين وثلاث خطوات، لأنّه في حالة عدم حصول ذلك وعدم التفكير باستراتيجية يمكن أن يتكرر سيناريو ليبيا، انظر إلى ما حدث في ليبيا، ما حدث هو أنّه كان هناك قرار بمهاجمة ليبيا وإسقاط القذافي، ماذا حدث بعد ذلك؟ نحن ما نزال نحاول حل المشكلة التي اختُلقت؛ لذلك نقول: نرجوكم، قبل التسرّع بأعين مغمضة بشأن ما سنفعله، دعونا نفكّر في العواقب؛ لأننا حين نتحدث أحيانا عن الحوار وخفض التصعيد، البعض يظن أننا سُذّج! دعونا نفكّر برويّة وتمعّن في ما يمكن أن نفعله”.
أما بشأن ملف الهجرة غير الشرعية، قال وزير خارجية مالطا: “نحن لا نفعل ما يكفي. نحترم كثيرًا ما تقوم به مصر، حيث يوجد 5 أو 6 ملايين مهاجر، وهي تحصل فقط على 60 مليون يورو، كما وُعدت، ولم تصل منها سوى 30 مليونًا، لذلك نحترم كثيرًا ما فعلته مصر وما تفعله”.
وشدّد بارتولو على أنّه ينبغي على الاتحاد الأوروبي أن يفعل أكثر على ثلاثة مستويات، موضّحًا: “أولًا علينا أن نحلَّ مشكلة أو قضية الهجرة غير الشرعية من الجذور، لماذا أفضل الشباب يريدون الخروج من الوطن الذي ولدوا فيه؟ هناك مناطق فيها حروب ونزاعات؛ لذلك هم يغادرون وهم طبعًا من طالبي اللجوء، وينبغي أن تتمّ مساعدتهم لطلب اللجوء وقبولهم”.
وأضاف: “هناك الكثير من المهاجرين الاقتصاديين، إنهم يغادرون لأنه لا وظائف لهم حيث ولدوا وترعرعوا، والوضع سيصبح أسوأ بسبب كورونا”.
ولفت إلى أنه لهذا السبب فإنّه من المهمّ أن تكون هناك اتفاقيات تجارية عادلة مع الدول الإفريقية، ومن ضمنها مصر ودول مثل تونس وليبيا ودول جنوب الصحراء، حتى يتمّ استحداث الوظائف حيث يولد هؤلاء الناس ويترعرعون.
واختتم وزير خارجية مالطا حديثه بالإشارة إلى العامل الثالث الذي يجب أن تتمّ مواجهته بحزم لوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين، وهو مكافحة الاتّجار بالبشر، مختتمًا: “علينا أن نكافح المتاجرين بالبشر والمهربين، الذين يصبحون أثرياء على حساب مصائر هؤلاء الذين يحاولون عبور الصحراء والبحر المتوسط”.