وليامز: خروقات حظر التسليح في ليبيا مستمرّة من قبل عدد من الدول الأعضاء التي شاركت في مؤتمر برلين

ليبيا – أعربت ستيفاني ويليامز الممثّلة الأممية بالإنابة في ليبيا عن تفاؤلها بتراجع خروقات حظر التسلح في ليبيا، مؤكّدةً أنها لم تتوقف.

وليامز شدّدت في حوار مع صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية اليوم الأحد على ضرورة وقف تدفّق المرتزقة الأجانب إلى البلد الذي يزخر بالصراع، مرحبة باتفاق النفط الأخير بين طرفي النزاع ،مضيفةً أنّ البعثة الأممية لم تكن على اطّلاع عليه في البداية، وأبدت تشجيعًا لكلّ ما يخفّف من مأساة الشعب الليبي الذي يعاني منذ فرض إغلاق الحقول والموانئ.

وبسؤالها عن مستجدات الملف العسكري، وبالتحديد محادثات الغردقة وعن أي اتفاقات ملزمة بوقف إطلاق النار، أجابت الممثّلة الأممية التي تمضي الشهر السادس منذ تولّي مهمتها بالقول: “لطالما دفعت البعثة للمُضيّ قدمًا في تثبيت وقف إطلاق النار، وقد ساد المنطقة فعليًا وقف للأعمال القتالية، وإن بشكل غير رسمي؛ ولكنه هشّ وقابل للاهتزاز في أيّ لحظة».

ورأت ويليامز أنّ البيانين المتزامنين من قبل رئيس حكومة الوفاق فايز السراج ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح في 21 من أغسطس حققا تقدمًا ملموسًا على المستوى المحلي واهتمامًا على المستوى الدولي، من أجل البدء في محادثات جدية لتثبيت وقف إطلاق النار، ومن هنا أتت فكرة اجتماع الغردقة، واقترح الليبيون أنفسهم أن يتم عقده في مصر التي أبدت كلّ الاستعداد، وقدّمت كلّ التسهيلات في سبيل إنجاح هذا اللقاء المهم وجهًا لوجه بعد انقطاع طويل بين الطرفين.

وذكرت ويليامز بأنّ بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا رعت المحادثات الأمنية والعسكرية المباشرة بين وفدي الجيش وحكومة الوفاق في الـ28 والـ29 من سبتمبر الماضي في مدينة الغردقة في مصر.

وقالت: “إنّ البعثة ترحّب بهذا التطور الإيجابي ضمن المسار الأمني العسكري، كما نشعر بالامتنان للمشاركين من الطرفين لتحلّيهما بروح المسؤولية والشفافية، مما عزّز الثقة المتبادلة وأكسب المحادثات تقدمًا ملموسًا، توّجت بجملة من التوصيات المهمة التي سوف تعرض لاحقًا للنقاش على طاولة اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5)، والتي نأمل أن تسهم في نهاية المطاف في التوصّل لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار في ليبيا. وتوصيات اللقاء شملت وقف حملات التصعيد الإعلامي وخطاب الكراهية، واستبدال خطاب التسامح والتصالح ونبذ العنف والإرهاب به، فضلًا عن الإسراع في إطلاق سراح السجناء من كلّ الأطراف، وتشكيل لجان مشتركة لهذا الغرض، وفتح خطوط التواصل بين الليبيين”.

وبسؤالها: هل لعبت الأمم المتحدة دورًا في اتفاق النفط الأخير؟ وما هي تطلّعات الممثّلة والفريق الأممي حيال ذلك الاتفاق؟ قالت: “لم تكن البعثة مطّلعة على الاتفاق المذكور”. مشدّدة على أنّ بعثة الأمم المتّحدة للدعم في ليبيا ترحّب بقرار المؤسسة الوطنية للنفط، القاضي برفع القوة القاهرة عن بعض الحقول والموانئ النفطية، واستئناف إنتاج واستيراد النفط في الحقول والموانئ الآمنة؛ لما في ذلك من أهمية في التخفيف من معاناة الشعب الليبي الذي ظلّ يعاني منذ فرض إغلاق هذه الحقول والموانئ.

كما نوّهت إلى أنّ البعثة تشدّد على أهمية تأمين كافّة الحقول والموانئ النفطية تحت إشراف المؤسسة الوطنية للنفط، وإخلائها من المقاتلين والمرتزقة، مما يسمح بإعادة استئناف عملها بصورة آمنة ومستمرة، مضيفة أنّ البعثة تأمل من جميع الفرقاء الليبيين تحييد مقدرات وموارد الشعب الليبي عن النزاع القائم؛ لأنه في نهاية المطاف وحدهم الليبيون من مختلف المناطق والمشارب، من يدفع ثمن الانقسام الحاصل في المؤسسات السيادية.

وواصلت: “كما تشدّد البعثة على ضرورة أن تصرف موارد النفط بطريقة عادلة وشفافة، لذلك تبذل جهودًا حثيثة ومستمرة في المسارات الثلاثة، بما فيها المسار الاقتصادي والمالي. وقد حققت البعثة تقدمًا ملموسًا في هذا المسار، برز في اللقاء الثالث الذي عقد يوم 17 سبتمبر حيث جرى مناقشة التقدم المحرز في المسار الاقتصادي ومراجعة خريطة الطريق الخاصّة بالسياسة الاقتصادية، وجهود الإصلاح الاقتصادي الجارية، بما في ذلك مراجعة حسابات فرعي مصرف ليبيا المركزي، والجهود المطلوبة لمعالجة الأزمة المصرفية المتفاقمة، وتوفير الخدمات الحيوية، وتحقيق اللامركزية، وتلبية الاحتياجات الناشئة عن جائحة (كورونا)”.

وأعربت الممثلة الأممية عن أيمانها بأنّ أغلب الأطراف الليبية باتت مقتنعة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى بأنّ الحلّ في ليبيا يجب أن يكون سياسيًا.

وقالت: “إنّ جميع الوسائل الأخرى خصوصًا الحلّ العسكري والضغط على الموارد، لم تجدِ نفعًا وكانت نتيجتها مزيدًا من معاناة الشعب الليبي؛ ولم يتبقَّ أمام الليبيين سوى الحلّ السياسي لحلّ خلافاتهم وانقسامهم، والانطلاق نحو بناء دولة تتسع للجميع، ويعيش أبناؤها بكرامة”.

وأضافت: “لعلّ الإعلانين الصادرين عن رئيس المجلس الرئاسي ورئيس مجلس النواب في 21 من أغسطس، حين دعا الجانبان إلى وقف إطلاق النار واستئناف العملية السياسية، وكذلك الاجتماعات التي تلت هذين الإعلانين، في كل من المغرب وسويسرا ومصر، مهّدت الطريق أمام عقد جولة ثانية من المنتدى السياسي الليبي، والذي سوف يضم ممثّلين عن كافّة الفئات الليبية السياسية والمجتمعية. وهذا ما تعكف البعثة عليه الآن، ونحن في مرحلة التحضير لعقد هذا المنتدى في الأسابيع القليلة المقبلة”.

وتابعت: “إنّ خروقات حظر التسليح في ليبيا مستمرّة من قبل عدد من الدول الأعضاء التي شاركت في مؤتمر برلين حول ليبيا، ولكافّة الأطراف في ليبيا. قد تكون الوتيرة خفّت في الفترة الأخيرة؛ لكنّ هذا لا يعني أنّها توقّفت. واليوم لدينا فرصة سانحة تلوح في الأفق لتوافق ليبي- ليبي حول إطار سياسي جديد شامل، يفضي إلى انتخابات رئاسية وبرلمانية، وينهي حالة الحرب والانقسام الطويلة في ليبيا وسيكون للمجتمع الدولي دور حاسم في جعل هذا الأمر ممكنًا”.

وطالبت رئيسة البعثة الأممية المجتمع الدولي بأن يفي بمسؤولياته ويساعد على تأكيد احترام السيادة الليبية، والتوقف عن التدخّل في الشؤون الداخلية لليبيا، والتقيد التام بقرارات مجلس الأمن بشأن حظر التسليح الذي تفرضه الأمم المتحدة وإيقاف تدفّق المرتزقة الأجانب من قبل جميع الدول.

وأكّدت أنه يمكن للمجتمع الدولي أن يلعب دورًا مهمًا في دعم منتدى الحوار السياسي الليبي وضمان نجاحه عبر حثّ الأطراف الليبية على المشاركة البناءة والتصدّي للمعرقلين المحتملين للمنتدى، وخصوصًا عبر فرض عقوبات على هؤلاء المعرقلين والعمل بمسؤولية على توفير الدعم اللازم لإنهاء الأزمة الليبية بحلول ليبية وعلى أيدي الليبيين أنفسهم.

وليامز دعت الدول المشاركة في مؤتمر برلين احترام التزاماتها الواضحة بهذا الخصوص وإنهاء خروقات حظر التسليح ووقف الحملات الإعلامية والحملات المضادّة لمنح السلام في ليبيا فرصة حقيقية.

Shares