الصديق الكبير يكشف عن ” 209 برج خليفة ” في ليبيا !

ليبيا – كشف محافظ مصرف ليبيا المركزي المنتهية ولايته الصديق الكبير يوم أمس عن إنّ إجمالي الإنفاق في فترة حكومة الوفاق خلال الأعوام 2016-2020 بلغ حوالي 241 مليار دينار .

وقال الكبير في إحاطته يوم أمس أمام البرلمان الموازي في طرابلس بأن إجمالي إنفاق الحكومات الإنتقالية المتعاقبة خلال الفترة مابين 2012-2015 بلغ حوالي 211 مليار دينار أنفقت جلها مابين مرتبات ومابين ميزانيات لوزارتي الدفاع والداخلية والدعم .

وبحساب جمع هذه الأرقام يتضح بأن إجمالي ما أُنفق خلال هذه الفترة على يد تلك الحكومات من 2012 وحتى 2020 قد بلغ 425 مليار دينار ليبي فيما بلغ إجمالي الإيرادات النفطية عن ذات هذه الفترة حوالي 200 مليار دولار ! .

209 برج خليفة في ليبيا !

وبالعودة إلى إجمالي إنفاق الحكومات الإنتقالية الذي بلغ 425 مليار دينار أي مايعادل 315 مليار دولار ( بحسب سعر الصرف الرسمي ) وعن مالذي من الممكن أن ينجزه هذا المبلغ فتكمن المفاجأة بأنه يكفي لتشييد عدد 209 برج في ليبيا مطابقة لبرج خليفة في دبي ، وسنستخدمه للمقارنة كونه أعلى مبنى في العالم  .

حيث بلغت قيمة برج خليفة الذي شيدته شركة سامسونج الكورية مع شركة إعمار الإماراتية 1.5 مليار دولار ليكون أعلى وأفخم برج إستثماري في العالم يضم فندقًا ومسجدًا ومطاعم ومحال وإطلالات سياحية، بل أن الجهة المشغلة له قد استردت قيمته بالكامل مع الأرباح من خلال تأجير الغرف والمساحات ورسوم الصعود لأعلى قمته وما إلى ذلك .

إطلالة لبرج خليفة وملحقاته – الإنترنت

واستغرفت فترة تشييد برج خليفة 6 سنوات وهي أقل بسنتين من فترة 8 سنوات حكمتها الحكومات الإنتقالية المتعاقبة في ليبيا منذ 2012 , بداية من المجلس الإنتقالي وحكومة عبدالرحيم الكيب ثم علي زيدان ثم عبدالله الثني ، وعمر الحاسي وخليفة الغويل وأخيرًا فائز السراج .

وبال النظام البرلماني وحكوماته

ومما سبق يمكن للقارئ تخيل مايمكن أن ينجزه هذا المبلغ في ليبيا الغنية المعدمة المتهالكة ، إذ أنه كفيل بتغيير وجهها 360 درجة على مختلف الصعد كافة حتى أن البعض ذهب للقول تهكمًا ” هذا المبلغ يبني ليبيا جديدة على دورين ” كما أنه يقود مثلًا إلى مشروع “محطة بنبان ” للطاقة الشمسية في مصر التي دشنها الرئيس السيسي سنة 2018 لتنتج 1465 ميغاوات من الكهرباء النظيفة لمدة 25 سنة وبقيمة مشروع 2 مليار دولار فيما تحتاج ليبيا فقط إلى 2000 ميغاوات إضافية لحل أزمتها التي أنفقت عليها الحكومات الإنتقالية قرابة 10 مليارات دون تغيير يُذكر.

وإذا مافكك المتابع مشهد المرحلة السابقة بشخوصها ومجالسها والتنظيمات الإسلاموية والمليشيات والمافيات المالية التي سيطرت عليها ، يمكن تحديد الخلل بسهولة ويكمن في مايسمى ” النظام البرلماني ” الحاكم في ليبيا مند 2011 وحتى اليوم .ومنذ ما يسمى ” الربيع العربي ” وقبله بعد غزو العراق أو في لبنان لم تشهد كل هذه الدول أي إستقرار سياسي وبالتالي فشلت في تحقيق أي تغيير إقتصادي أو تنموي بسبب إرتهانها للنظام البرلماني الذي تكون فيه السلطة بيد 200 عضوًا بدلًا من رئيس للدولة ورئيس للحكومة على أن تقتصر مهمة البرلمان على التشريع فقط كلما احتاجت الدولة نصًا تشريعيًا جديدًا .

المجالس التشريعية والتنفيذية الحاكمة منذ 2012 وحتى 2020

وفي تركيا أقدم حزب أردوغان ( إخوان ) سنة 2017 على إجراء تعديل دستوري يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات أكبر ويلغي منصب رئيس الحكومة ويحجم من صلاحيات البرلمان رغم أن الحزب هو المسيطر على البرلمان نفسه وكان ذلك بعد فترة من عدم الإستقرار السياسي الذي أثر سلبًا على الإقتصاد التركي .

إصرار على إستنساخ الفشل !

وفي المقابل يُصر إخوان ليبيا وغيرهم على النظام البرلماني الفاشل متعدد الرؤوس لقناعتهم ودرايتهم بعدم وجود أي سبيل للسيطرة على ليبيا وحكمها من قبل تنظيمهم الإقصائي إلا من خلال هكذا نظام ، لأنهم يدركون عدم وجود أي حظوظ لهم أو لأي من مرشحيهم في رئاسة الدولة وإلا سارعوا لاستنساخ التجربة التركية من خلال نظام رئاسي وبرلمان مُقزم ، ويساعدهم في ذلك هوسهم المرتب لديهم من عقدة السجن ومايسمونه حكم الفرد   .

ورغم ذلك يُلاحظ بأن الإخوان ومن معهم  لا يتورعون عن تكرار ” إسطوانة الديمقراطية والمدنية ” بكل جرأة بينما يصرون على حرمان الليبيين من أبسط حق وهو إنتخاب رئيس لهم يتحمل مسؤولية الدولة ويفرض هيبتها بشرعية الصندوق  وتجاريهم في ذلك بقية المجالس المتمسكة بالكرسي وبدعم من البعثة الأممية التي تصر على نظام التوافقات الفاشلة كما يجري هذه الأيام في جنيف والمغرب بدلًا عن ديمقراطية الصندوق الذي قد يُنتج رئيسًا يسد الباب في وجه وصايتهم وتدخلاتهم في كل شاردة وواردة  .

ومن هنا يأتي إصرار هؤلاء ومن معهم على الإستفتاء على مسودة الدستور كحل للأزمة ، لا لشيء إلا لأن تلك المسودة  ، تنص على نظام هجين مختلط  بين برلماني ورئاسي كالعراق ، وتمنح المجالس الحالية فترة أطول لأن عملية الإستفتاء على الدستور ودخوله حيز النفاذ تحتاج مالايقل عن سنة ونصف منذ يوم الإستفتاء  .

المرصد – خاص

Shares