العلماء يكتشفون كيف تؤدي طفرة شائعة إلى اضطراب النوم المسمى “بومة الليل”

الولايات المتحدة – أظهرت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة كاليفورنيا بسانتا كروز كيف أن طفرة جينية تغير توقيت الساعة البيولوجية، ما يتسبب في متلازمة نوم شائعة تسمى اضطراب طور النوم المتأخر.

ولا يستطيع الأشخاص المصابون بهذه الحالة النوم حتى وقت متأخر من الليل (غالبا بعد الساعة الثانية فجرا) ويواجهون صعوبة في الاستيقاظ في الصباح.

وفي عام 2017، اكتشف العلماء طفرة شائعة بشكل مدهش تسبب اضطراب النوم عن طريق تغيير مكون رئيسي في الساعة البيولوجية التي تحافظ على إيقاعات الجسم اليومية. وكشفت النتائج الجديدة، التي نُشرت في 26 أكتوبر في مجلة Proceedings of the National Academy of Sciences، عن الآليات الجزيئية المعنية وتدل على الطريق نحو العلاجات المحتملة.

وقالت كاري بارتش، أستاذة الكيمياء والكيمياء الحيوية. في جامعة كاليفورنيا سانتا كروز:”هذه الطفرة لها تأثيرات دراماتيكية على أنماط نوم الناس، لذلك من المثير تحديد آلية ملموسة في الساعة البيولوجية تربط الكيمياء الحيوية لهذا البروتين بالتحكم في سلوك نوم الإنسان”.

والدورات اليومية في كل جانب من جوانب علم وظائف الأعضاء لدينا، مدفوعة بالتفاعلات الدورية لبروتينات الساعة في خلايانا. ويمكن للتغيرات الجينية التي تغير بروتينات الساعة أن تغير توقيت الساعة وتسبب اضطرابات مرحلة النوم.

وتؤدي دورة الساعة المختصرة إلى نوم الناس واستيقاظهم في وقت أبكر من المعتاد (تأثير “قبّرة الصباح”)، بينما تجعل دورة الساعة الأطول الناس يسهرون وينامون في وقت متأخر (تأثير “بومة الليل”).

وأوضحت بارتش أن معظم الطفرات المعروفة بتغيير الساعة نادرة جدا. إنها مهمة بالنسبة للعلماء كدليل لفهم آليات الساعة، لكن طفرة معينة قد تؤثر فقط على واحد من كل مليون شخص.

ومع ذلك، تم العثور على المتغير الجيني الذي وقع تحديده في دراسة أجريت عام 2017 في نحو واحد من كل 75 شخصا من أصل أوروبي.

وقالت بارتش إن عدد المرات التي تشارك فيها هذه الطفرة المعينة في اضطراب مرحلة النوم المتأخر ما يزال غير واضح.

ويعد سلوك النوم معقدا، حيث يظل الناس مستيقظين لعدة أسباب مختلفة، وقد يصعب تشخيص الاضطرابات. لذا فإن اكتشاف تباين وراثي شائع نسبيا مرتبط باضطراب طور النوم كان تطورا مذهلا.

وتؤثر الطفرة على بروتين يسمى كريبتكروم CRY1، وهو واحد من أربعة بروتينات رئيسية تنظم الساعة الداخلية. ويشكل اثنان من بروتينات الساعة (CLOCK وBMAL1) مركبا يعمل على تشغيل جينات الاثنين الآخرين (period  وcryptochrome)، والتي تتحد بعد ذلك لقمع نشاط الثنائي الأول، وبالتالي إيقاف تشغيل نفسها وبدء الدورة مرة أخرى. وهذه هي الآلية المركزية للساعة البيولوجية، التي تقود التقلبات اليومية في نشاط الجينات ومستويات البروتين في جميع أنحاء الجسم.

وتسبب طفرة الكريبتوكروم CRY1 في استبعاد جزء صغير من “ذيل” البروتين، ووجد مختبر بارتش أن هذا يغير مدى إحكام ارتباط الكريبتوكروم بمركب CLOCK: BMAL1.

وأوضحت بارتش أن “المنطقة التي يتم اقتطاعها تتحكم فعليا في نشاط الكريبتوكروم بطريقة تؤدي إلى نظام 24 ساعة. ومن دونها، يرتبط الكريبتوكروم بإحكام أكبر ويمتد على طول الساعة كل يوم”.

وتؤثر الطفرة المحددة على مدى ارتباط CRY1 بمركب CLOCK: BMAL1. وأوضح الباحثون أنه في هذه الحالة، يتسبب في ارتباط البروتينات بقوة أكبر، ما يسبب مشاكل في النوم كل يوم.

وهذه الطفرة لها تأثير قوي للغاية على نوعية النوم، وقال الدكتورة بارتش نأمل أن يساعد تحديد آلية عملها في تطوير علاجات من شأنها تحسين نوعية الحياة بالنسبة للكثيرين.

المصدر: ساينس ديلي

Shares