سعيد: ملتقى الحوار الليبي ليس منافسة أو مبارزة لأي كان لأن الهدف هو الحل السلمي

ليبيا – قال الرئيس التونسي قيس سعيد خلال كلمته بمناسبة الإشراف على افتتاح ملتقى الحوار السياسي الليبي: إنها لحظة تاريخية، بل هو موعد مع التّاريخ، لا شكّ أن لا أحد ينوي أن يتأخّر عنه.

سعيد أضاف بحسب المكتب الإعلامي التابع للرئاسة التونسية: “إنّنا ننطلق بنفس العزيمة الصادقة والإرادة الثابتة في التوصّل إلى حلّ لتجاوز كلّ العقبات مهما تعقّدت ولكل الصّعوبات مهما اشتدت أو تفرّعت. ستجدون أيها الإخوة الأعزاء ما يجد الشقيق عند شقيقه من الأزر في ساعة الشّدة، لأننا نعلم وعلى يقين أنّنا نجد أفضل ما يلقى الأخ من أخيه فيكم أنتم أيها الأشقاء الليبيون. فأفراحنا تفرحكم بالتأكيد وما يفرحكم يفرحنا، والدّم الذي سال في بلادكم هو دم سال أيضًا في بلادنا. نتقاسم معكم أفراحكم وآلامكم. إننا شعب واحد، وأشقاء لن تقدر شق أخوتنا قوى تسعى للتقسيم وعملت وما زال البعض منها يعمل ولكن دون جدوى على الفرقة والشقاق”.

وأشار إلى أنه قد تتناقض الرؤى وتتعارض المقاربات وهو أمر طبيعي في كل الدول، بل في كل المجموعات البشرية. ولكن الحلول يجب أن تكون سلميّة؛ لأن الحروب والمعارك والدماء والآلام لا تخلف سوى الضغائن التي لن تزول إلّا بعد عشرات العقود، وتبقى للأسف ذكراها حاضرة على مرّ التّاريخ في الأذهان وفي الممارسات.

وأردف: “إنّ شعبنا، وأقولها مرة أخرى، شعبنا لأننا شعب واحد، والشعب الليبي من أكثر الشعوب تجانسًا في العالم وهو قادر بإرادة أبنائه على تجاوز كل الصعوبات وعلى تخطي كل العقبات. وهذا التجانس وهذا الانسجام يمكن أن يتحقق بسرعة حينما لا تتدخل قوى من الخارج. ولشعبنا في ليبيا تاريخ سياسي عريق يعود إلى ما قبل الميلاد. وللأسف ليبيا ظلمت كثيرًا حتى في البحوث العلمية المتعلقة بالتنظيمات التي عرفتها على مر الأحقاب والقرون”.

وأكّد على أن هذا اللقاء هو لقاء تاريخي بكل المقاييس، يندرج في إطار الجهود التي تم بذلها منذ أشهر في تونس وفي إطار الأمم المتحدة، وليس هذا اللقاء أو الملتقى منافسة ولا فيه مبارزة لأي كان؛ لأن الهدف هو الحل السلمي ووضع إجراءات واضحة ومواعيد محددة للتوصل إلى هذا الحل.

واستطرد قائلًا: “لقد تعددت، كما يعلم الجميع، المبادرات واختلفت التأويلات والقراءات، وفي الأثناء سقط مئات الأبرياء. إن السعي إلى أن يعقد هذا الملتقى في تونس، لأننا مرة أخرى بلد واحد، يجمعنا التاريخ وتحدونا نفس الإرادة في السلم والأمن. ثمّ إن تونس، وليس هذا مجال الحديث عن العلاقات الثنائية، استقبلت أشقاءها سنة 1911 واستقبلتهم بعد قرن، هكذا أرادت المواقف وهكذا أراد التاريخ. وعدد غير قليل من أشقائنا في ليبيا هم بيننا اليوم. ومن يسعى إلى ضرب هذه الأواصر التاريخية فهو لا يعرف قراءة التاريخ ولا يعرف استشراف الأوضاع، بل من يريد الفرقة والانقسام في تونس فذلك من قبيل أضغاث الأحلام”.

ولفت إلى أن الحل هو أن يستعيد الشعب الليبي سيادته كاملة على ترابه وفي أجواء ليبيا وفي بحرها فله وحده حق تقرير مصيره بنفسه.

وإن تونس التي كانت دعت إلى حل ليبي ليبي منذ سنة تقريبا فخورة بهذا اللقاء؛ لأنه سيكون تمهيدًا لشرعية جديدة نابعة من إرادة الشعب الليبي دون سواه، ولا مجال للوصاية على الشعب الليبي تحت أي عنوان وتحت أي شكل من الأشكال.

وقال: إن التمسك بالشرعية الدولية يحتّمه الإيمان بالقانون، ولكن هذه الشرعية محدودة في الزمن ويجب أن تحلّ محلها شرعيّة نابعة من إرادة الليبيين والليبيات وحدهم.

كما شدد على ضرورة الانتباه في هذه المرحلة الانتباه إلى القانون الانتخابي الذي سيتم وضعه، فأي اختيار يراد منه ترتيب نتائج سياسية محددة، قد لا يؤدي إلى الحل المنشود، بل قد يؤدي إلى مزيد تعقيد الأوضاع.

وتابع: “وأستسمحكم وأنا واحد منكم بأن أقترح عليكم أن يلتزم كل من سيقود المرحلة الانتقالية بنص القانون أو بنص الدستور المؤقت أوالتنظيم المؤقت، كما شئتم أن تكون التسمية، أن لا يترشح، من يتولى إدارة المرحلة الانتقالية للمؤسسات التي ستوضع في الدستور القادم، أي لا للرئاسة ولا لعضوية المجلس النيابي. فمثل هذا المنع القانوني يمكن أن يقي الجميع من توترات طال أمدها ثم حتى لا يستغل أي واحد منصبًا أو مسؤولية لخدمة هذا الطرف أو ذاك. أنتم بطبيعة الحال أحرار في اختياركم ولكن ربّما يكون ذلك من بين الوسائل التي تمكّن من مزيد تهدئة الأوضاع”.

وقال: “كما أستسمحكم أيضًا بالتركيز على أن تكون ليبيا موحّدة ولا مجال لتقسيم ليبيا. البعض يتحدث عن الشرق والغرب ولكن الشعب الليبي واحد. فمثل هذا الخطاب، فضلًا عن الخطر الذي يتضمن بالنسبة إلى ليبيا، قد يكون مقدمة لتقسيم هذا البلد الشقيق. وتونس ترفضه؛ لأن كل الليبيين والليبيات أعتقد أنهم يجمعون على رفضه فضلًا عن أنه خطر على المنطقة كلها، لأنه سيكون مقدمة مقنعة لتقسيم دول مجاورة أخرى”.

ونوّه إلى أنه ومن أسباب النجاح لهذا الملتقى، هو تحديد تنظيم مؤقّت للسلطة العمومية وهذا ليس بالأمر الصعب، حيث سيتم وضع كل الإمكانيات من أجل الخروج بتنظيم مؤقت أو بدستور مؤقت لهذه المرحلة الانتقالية، لتضعوا إثر ذلك الدستور الدائم لليبيا كما أنه من الضروري وضع مواعيد محددة للانتخابات، حتى تخرج إرادة الشعب الليبي من صناديق الاقتراع حرّة بعد أن تم إسكات الرصاص، وبعد جمع الأسلحة حتى لا تبقى أيّ قوة مسلحة خارج الشرعية الليبية.

 

 

 

 

 

Shares