المقهور: 5 هواجس تحيط بالمرحلة الانتقالية المقبلة.. ولا أرى نجاحًا لإتفاق سياسي دون الأخذ بالبعدين العسكري والاقتصادي

ليبيا – كتبت عضو المجلس الوطني الليبي لحقوق الإنسان الحقوقية عزة كامل المقهور مقالا بشأن تطورات الأوضاع المتسارعة في البلاد على كافة الصعد.

المقال الذي نشره موقع بوابة الوسط الإخباري وتابعته صحيفة المرصد حمل عنوان “هواجس مخاض المرحلة الحالية” (ما قبل المرحلة الانتقالية الخامسة في ليبيا) تطرقت خلاله المقهور إلى استعداد ليبيا لهذه المرحلة التي تديرها الأمم المتحدة بعد أن بلغ الصراع فيها مبلغا دمويا لم يسبق له مثيل.

وأشارت المقهور إلى أن الانقسام السياسي بلغ مبلغا أضعف من مؤسسات الدولة وأضر بالمواطن وأهان كرامته الإنسانية واستقوت في ظله القوى المتصارعة بالدول الأجنبية وسمحت لها بالتدخل المباشر في ليبيا وهو ما يعني أن هذه المرحلة مصيرية لوضع قواعد تحافظ على الدولة من التفتت.

وأضافت أن مسألة المحافظة على مؤسسات البلاد مهمة وتأتي من خلال لسعي إلى وحدتها وإعادتها إلى المسار الديمقراطي لتستعيد شرعيتها لأن أضعف ما يميز هذه المرحلة هو غياب الشرعية المؤسساتية وفقدان الثقة بين الطرفين المواطن ومؤسسات الدولة.

وتستمر سطور المقال في التوضيح بشأن وجود التماسك الجغرافي والاجتماعي الواضح في خارطة ليبيا لأنه بقي قائما رغم ضعفه وكل الإخفاقات والنزاعات ومحاولة تسييسه واستغلاله لتؤكد المقهور في مقالها أهمية أن تكون المرحلة الانتقالية المقبلة محدودة السلطات.

وتضيف المقهور أن الهدف الأساسي للمرحلة الانتقالية المقبلة يجب أن يكون العودة إلى المسار الديموقراطي واستعادة المؤسسات لشرعيتها والحفاظ على مؤسسات الدولة وتخفيف حدة التدخل الدولي والأهم ضمان الأمن وحاجيات المواطن الليبي في ظل وجود 3 مسارات تتميز بها هذه المرحلة.

وبينت أن هذه المسارت أتت تأسيسا على مخرجات برلين والخطة المرفقة لبعثة الأمم المتحدة لليبيا والتي اعتمدها مجلس الأمن الدولي بموجب القرار رقم 2510 لسنة 2020 وهي المسار العسكري الأمني والمسار الاقتصادي والمسار السياسي.

وقالت أن هنالك 5 هواجس تحيط بهذه المرحلة أولها ما يخص المسار العسكري الأمني أو لجنة “5+ 5″ اللجنة العسكرية الذي حقق تقدما ملحوظا يتجلى في التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار وبدء الاجتماعات في داخل ليبيا والاتفاق على تأمين الحقول والموانئ النفطية.

وأضافت أن هذا الاتفاق يتم من خلال توحيد وضبط حرس المنشآت النفطية لتصف المبعوثة الأممية بالإنابة ستيفاني ويليامز المسار العسكري الأمني بالمهني لتستدرك المقهور في مقالها بالإشارة إلى أن هذا المسار يرتبط أساسا بما سينفذ على الأرض وهو مقياس نجاح المسار العسكري.

واستمرت المقهور في التوضيح أن المسار العسكري الأمني يحتاج لينجح إلى تقدم في المسارين الاقتصادي والسياسي أو مواجهته الانهيار وأن يقوده المساران أن فشلا إلى الفشل أو أن يتمكن هذا المسار من النجاح وينقلب عليهما وبهذا فإن مسؤولية كبيرة تقع على عاتق المسار السياسي بالذات.

وأضافت أن على المسار السياسي  الشعور بالمسؤولية لأنه لا يعمل بمفرده بل يعمل بالتوازي مع مسارين آخرين وأن مسألة التوازن بينهما دقيقة وبالغة الأهمية فضلا عن أهمية أن يبين من الآن ويظهر جديته ومدى مسؤوليته فالمسار السياسي لا يملك شرعية دستورية تضعه في مصاف أعلى من المسارين الآخرين.

واستمرت المقهور في مقالها لتقول أن على المسار السياسي أن يحقق قبولا شعبيا مستمدا من جدية عمله ونزاهته لتبقى الخشية منتتداخل المسارات وتضاربها أو أن يُضعف أحدها الآخر خاصة ذاك الذي قد يفشل منها مبينة في ثاني الهواجس أن المسار السياسي تقوده الأمم المتحدة واختارت أعضاءه ووضعت جدول أعماله.

وأضافت أن المسار السياسي مطالب بأن يعي المسارين الآخرين وأن ينفتح عليهما لأن جميع المسارات تكمل بعضها البعض وعلى السياسي فيها ألا يعمل بمعزل عن المسارين الآخرين قائلة:” فمعنى أن يكون الحوار ليبيا ليس أن يتحاور الليبيون على المستوى السياسي فحسب بل على المستويات الأخرى أيضا وفيما بينها.

وتابعت :”وفي وقت ما أتمنى أن يكون قريبا أن تلتقي المسارات فلا أرى نجاحا في اتفاق سياسي دون أن يأخذ البعدين العسكري والاقتصادي في الحسبان” متطرقة إلى أحد مهام المسار السياسي الأساسية وهو اختيار مجلس رئاسي وحكومة موحدة وهو ما يحتم عليه أن يعي تماما أن الاختيار مقيد بمعايير أساسية.

وأضافت أن مسألة الاختيار حساسة ولو فشلت سيخسر المسار السياسي 6 ملايين ليبي يتأملون منه الكثير داعية منتدى الحوار لأن يقيد صلاحياته ولا يشتط فيها وأن يجد مخرجا لكي يتماشى مركزه مع التشريعات الليبية لأنها مسألة في غاية الأهمية عبر وضع معايير محددة لتولي الوظائف في المؤسسات القادمة.

وأشارت إلى أن أهم هذه المعايير يتمثل في ألا يكون المترشح متورطا في الفساد أو في انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان أو القانون الدولي الإنساني وعدم التسرع في اختيار الشخصيات التي ستتولى مهمة إدارة أو رئاسة المؤسسات المقبلة وأن يتم التخاطب مع مكتب النائب العام بالخصوص.

وقالت أن ذلك يأتي لمعرفة ما إذا كانت هناك تحقيقات مفتوحة أو دلائل جدية بالتورط في قضايا فساد أو بانتهاكات حقوقية جسيمة أو جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية مشيرة إلى أهمية التخاطب مع اللجنة المعنية بالعقوبات التابعة لمجلس الأمن ولجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة والمحكمة الجنائية الدولية.

وتأتي المخاطبة الثانية بحسب المقال للتحقق من كل ما ورد من معلومات عبر المخاطبة الأولى وبعد أن أصدرت هذه الكيانات الدولية تقارير بناء على تحقيقات ووقائع ولجان تقصي الحقائق ولديها وثائق وأدلة مهمة بهذا الخصوص وهو أمر يمكن أن تتولاه البعثة الأممية.

وتمضي المقهور في مقالها لتؤكد أنه سيكون من المسيء للبعثة الأممية وللأمم المتحدة عموما أن تؤسس حكومة بها أعضاء متورطين في هكذا قضايا مشددة على وجوب أن لا يعتمد أعضاء مجلس الحوار على تزكية أو خيار إقليمي ويعقدوا جلسات استماع مباشرة مع المترشحين أشبه بجلسات منح الثقة للحكومات لتقييمهم.

وتحدثت المقهور عن ثالث الهواجس الذي يمثل وجود اتجاه دولي لنقل إدارات الدولة إلى مدينة سرت يعززه اتفاق المسار العسكري على أن يكون مقر اللجنة العسكرية في مجمع “واغادوغو” مشيرة إلى أن هذا الأمر يعزز ما يتداول في الأخبار من نقل مقر المجلس الرئاسي والحكومة والإدارات السيادية إلى مدينة سرت.

وأضافت أنه من المهم في حال الوصول إلى هذا القرار عدم المساس بمركز العاصمة لأن نقل الحكومة أو الإدارات يجب أن لا يطال صفتها التي لا يملك منتدى الحوار أن يطالها لأنها منصوص عليها في المادة الأولى من الإعلان الدستوري وهو أمر متروك لسلطة منتخبة في ظروف مستقرة نسبيا.

وتطرقت المقهور لحساسية مسألة نقل المؤسسات والخوض فيها في هذه المرحلة خاصة بعد الحرب الأخيرة وآثارها على مدينة طرابلس وهو الأمر الذي سيؤدي إلى مزيد من الشقاق والخلاف مشيرة إلى أهمية النص على نقل مقر المجلس الرئاسي والحكومة والإدارات السيادية كمؤسسات أو إدارات.

وأضافت أن النقل يجب أن يتم من دون التعرض لمصطلح العاصمة ولو كان مؤقتا وعدم تكرار ما حدث في بنغازي عام 2011 لدى انتقال المجلس الوطني الانتقالي والمجلس التنفيذي وكل الإدارات والسفارات إلى طرابلس وترك بنغازي فريسة للجماعات المسلحة والإرهابية والاغتيالات الممنهجة.

وأكدت أن هذا الأمر سيتكرر بالنسبة إلى طرابلس في حال عدم تأمين خطة أمنية لها وتفكيك الجماعات المسلحة فيها استنادا للمادة الـ12 من مخرجات برلين فغياب مؤسسات الدولة التي كانت تفرض حمايتها بحكم وجودها سيمكن هذه الجماعات من التغول والسيطرة على العاصمة.

وتحدثت المقهور عن وجوب عدم نقل المؤسسات إلا في حال وجود خطة أمنية شاملة وبهذا يكون للمسارين العسكري الأمني والسياسي لقاء واتفاق على تأمين العاصمة في حال نقل المؤسسات منها لتتكلم لاحقا عن الهاجس الرابع المتمثل بتعدد الهيئات في مسار انتقالي قصير نسبيا في ظل غياب المعلومات والخطة المقبلة.

وتناولت أيضا مسألة تزاحم المؤسسات خلال قادم المراحل في حال تحول منتدى الحوار السياسي إلى مؤسسة واستمرار المؤسسات القائمة مجلس النواب ومجلس الدولة مبينة أن هذا التزاحم مرده وجود المجلس الرئاسي والمجلسين وحكومة الوحدة الوطنية ومنتدى الحوار الوطني واللجنة العسكرية.

وأضافت أن المتعارف عليه هو تقليل المؤسسات خلال المراحل الانتقالية فيما عرف عن الحالة الليبية التضخم في المؤسسات التي تضاربت صلاحياتها وشهدت تنافسا وتفككا وعدم تنسيق فيما بينها ظهر جليا في تصرفات رؤساء المجالس الـ3 كرؤساء طوال المرحلة السابقة وهو ما يحتم عدم تكرار هذا الأمر مستقبلا وضبطه.

وبشأن خامس الهواجس قالت المقهور أن المسألة الدستورية مهمة والاستهانة بها باتفاق الصخيرات ساهمت في تقويض مؤسسات الدولة وإضعافها وولدت مؤسسات جديدة ضعيفة تشبثت بقرارات مجلس الأمن وحدها التي منحت الرئاسي الاعتراف الدولي لا الوطني تأسيسا على الإعلان الدستوري والتشريعات الوطنية ذات العلاقة.

وأضافت أن هذه المرحلة صعبة وأدت لإضعاف المسار الدستوري وتضارب أحكام القضاء بشأنها وهو ما يحتم أهمية الاستعانة بخبرات قانونية ليبية لإيجاد مخرج لهذه المعضلة وجمع المسارين الوطني والدولي معا بدلا من هذا التنافر والتضاد التي شهدته المرحلة السابقة.

وإختتمت المقهور مقالها بالتأكيد على ضرورة أن يتأسس أي مُخرج من مخرجات منتدى الحوار السياسي على قاعدة دستورية وأن يتبع الإجراءات الدستورية ويصبح جزءا من التشريع الوطني مؤكدة أن هذه الهواجس الـ5 تظل في ظل غياب المعلومات الكافية ولن تنقشع إلا بتوافر المعلومات بشفافية عن المسارات الـ3 وتبديدها من الجهات ذات العلاقة.

Shares