مركز أصدقاء أوروبا للأبحاث: دعم الاتفاق السياسي الذي أتى بالرئاسي كان خطأ إستراتيجيًا

ليبيا- نشر مركز أبحاث “أصدقاء أوروبا” ومقره العاصمة البلجيكية بروكسل تقريرًا عن الدور الأوروبي اللازم لعبه في ليبيا لإخراجها من أزمتها الراهنة.

التقرير الذي تابعته وترجمت أبرز مضامينه صحيفة المرصد أشار إلى تعامل الاتحاد الأوروبي مع ليبيا على أساس المصالح المتباينة لدوله الأعضاء، وليس وفق المصالح الليبية، مبينًا أن بداية المعالجة لهذا الخطأ تكون من خلال إشراك المراقبين الليبيين من النخب في السياسة والأوساط الأكاديمية والمجتمع المدني في عملية صنع قرار الأوروبيين بشأن بلادهم.

وأضاف التقرير أن عملية إرسال مراقبين عسكريين أوروبيين أو قوات عسكرية إلى ليبيا مختلفة تمامًا عند النظر إليها من منظور ليبي، ففي أوروبا يميل أولئك الذين يدافعون عن مثل هذه العملية إلى مناقشتها من حيث الطموحات الجيوسياسية للاتحاد الأوروبي أكثر من الحقائق أو الاحتياجات الليبية.

وأكد التقرير أن الوجود العسكري الأوروبي لم ولن يكون الحل الذي يحلم به بعض الأوروبيين لمعالجة الأزمة الليبية، في وقت يبقى فيه الانقسام في مواقف الدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي وتنافس بعضها مع البعض الآخر سببًا في عدم تحقيق أي تقدم يذكر في مجال الخروج برؤية موحدة للمعالجة.

وتطرق التقرير إلى وجود عوامل تحول دون نجاعة الوجود العسكري الأوروبي على الأراضي الليبية، أولها فقدان الليبيين الثقة بالمجتمع الدولي وأي تدخل منه؛ لأن “ناتو” ترك بلادهم لمصيرها وتسبب وجود عدد كبير من الأسلحة والجهات العسكرية غير الخاضعة للرقابة بنتيجة بائسة.

وبحسب التقرير فإن ثاني العوامل يكمن بوجود قوات أجنبية مفسدة للسلام، ما يعني أن إرسال قوات أوروبية يمثل شرعنة للوجود الأجنبي غير القانوني على الأراضي الليبية، مبينًا أن ثالث العوامل يتمثل باستغلال تنظيم “داعش” الإرهابي لتواجد الأوروبيين لتكوين تحالفات كبيرة مع المجاميع المتطرفة الأخرى.

وأضاف التقرير أن دول الاتحاد الأوروبي مطالبة بالتركيز على وجود موقف جماعي وموحد بشأن ليبيا وإصلاح عملية “إيريني” لمراقبة حظر توريد السلاح ودراسة الخيارات المتاحة لفرض عقوبات على البلدان التي تنتهك الحظر، بالإضافة إلى الاستفادة من أخطاء الماضي وضمان تمثيل مصالح الشعب الليبي.

وأشار التقرير إلى أن الدعم الحقيقي الذي يحتاجه الليبيون هو في المجالات الإنسانية لا سيما للمهجرين وفي جهود تسهيل المصالحة السياسية والوطنية ودعم الحكم الرشيد والمحلي، فضلًا عن الدعم الفني للتنمية الاقتصادية ومشاريع الشباب والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة.

وأضاف التقرير أن الاتحاد الأوروبي ارتكب خطأين إستراتيجيين في ليبيا، أولهما الاندفاع وراء الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي لتدمير البلاد بحجة التدخل الإنساني، وثانيهما مباركة ودعم توقيع الاتفاق السياسي عام 2015 الذي تم بموجبه تشكيل المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.

ومضى التقرير في التوضيح أن الخطأ الأول قاد إلى خروج ليبيا عن القانون، فيما أدى الثاني لمحاولة إضفاء الشرعية على الفوضى من أجل احتوائها، مبينًا أن تداعيات هذين الخطأين تتردد في أنحاء ليبيا وخارجها ليأتي تدخل الأتراك بقيادة رجب طيب أردوغان ليضيف المزيد من المعاناة.

وشدد التقرير على رفض الليبيين لتدخل الأجانب في شؤونهم وإدارتها عوضًا عنهم أو احتلال أراضيهم، وقد يمهد وجود أوروبي في البلاد لحرب جديدة بين فصائلها، وهو ما يحتم على الأوروبيين الضغط من أجل حظر أسلحة فعال ووقف تدفق المقاتلين الأجانب وتسهيل المصالحة الوطنية الشاملة التي تتجاوز تقاسم السلطة إلى بناء الدولة.

ترجمة المرصد – خاص

Shares