تقرير دولي: جهود لاحتواء آثار جرائم جماعات مسلحة بحق المهاجرين غير الشرعيين في طرابلس

ليبيا – سلط تقرير ميداني نشرته بوابة “ويب ريليف” الدولية الضوء على معاناة المهاجرين غير الشرعيين الموجودين في ليبيا وحاجتهم للدعم بمختلف أشكاله.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد تطرق إلى حاجة هؤلاء للدعم النفسي والاجتماعي بعد معاناتهم لسنوات من الصراع وانعدام الأمن لتعمل مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين بالتعاون مع شركائها الدعم اللازم بهدف تغيير الحياة الصعبة لهؤلاء عبر متابعة شؤونهم اليومية.

ونقل التقرير عن ضحايا تم استخدام أسماء مستعارة لهم بهدف حمايتهم من البطش والتنكيل والانتقام تأكيدهم أن الحياة اليومية في العاصمة طرابلس ليست سهلة على الإطلاق فالمهاجرة غير الشرعية يسرى البالغة من العمر 32 عاما أم لـ4 أطفال وتعمل كمدبرة منزل لإعالة أسرتها وتتعرض في الغالب للتمييز والمضايقة.

وأضافت يسرى أن زوجها أعيد إلى المنزل في نوفمبر الماضي بعد العثور عليه والدماء تلطخه وجسمه نصف عار في الشارع فهو قد تعرض للتعذيب والاحتجاز من قبل الجماعات المسلحة في منشأة مغلقة قبل أن يتم تركه لحال سبيله حاملا كدمات وجروح في كافة أنحاء جسده مؤكدة أن الزوج بات بالكاد يتكلم أو يغادر المنزل خوفا من المجهول.

وأكدت يسرى أن هذه التجربة المريرة جعلتها تشعر بالرعب وبإحساس طويل الأمد بالرهبة مخافة تعرضها وأسرتها بالكامل للخطر ما جعلتها تتصل بمركز مجتمعي في العاصمة طرابلس تديره مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين طالبة المساعدة لتكمل كلاما قائلة:”كنت في وضع سيء للغاية وهنا تلقيت الكثير من المساعدة والدعم لقد كنت في الحضيض عندما جئت”.

وأضافت :”الآن أشعر وكأنني قد ولدت من جديد كنت عند نقطة الصفر والآن أصبحت أقوى بكثير” ليضيف التقرير قائلا أن يسرى تمثل واحدة من أكثر من 200 مهاجر غير شرعي تلقوا دعما نفسيا واجتماعيا من شريك المفوضية منظمة “سي سفي” الإيطالية خلال العام 2020 بضمنها جلسات فردية واستشارات جماعية لهم.

وأشار التقرير إلى أن سنوات الصراع وعدم الاستقرار في ليبيا جعلت الطلب على خدمات الصحة النفسية مرتفعا في ظل وجود نقص فيها ناقلا عن منظمة الصحة العالمية تأكيدها أن ما يصل إلى خُمس إجمالي السكان قد يعانون من حالة صحية نفسية في وقت يعاني فيه المهاجرون غير الشرعيون من الإتجار بالعديد منهم والعنف الجسدي والجنسي والاحتجاز لفترات طويلة في ظروف قاسية.

وأضاف التقرير أن زوج يسرى يتلقى حاليا استشارات فردية لمساعدته على التعافي من محنته القاسية جدا التي لا يمكن مشاركتها في جلسات الاستشارات الجماعية لتؤكد زوجته استفادتها من هذه الجلسات بعد تشخيص إصابتها باضطراب الكرب ما بعد الصدمة مبينة أنها تطلق من خلالها الطاقة السلبية والمشاعر الأخرى فمشاركة الخبرات والتجارب مع الطبيب المعالج والآخرين يشعرها بالأمل.

واستمرت يسرى في التوضيح قائلة:”ما تعلمته من الطبيب المعالج هو أن ما حدث في الماضي قد حدث وبالطبع لن ننسى ذلك ولكن لا ينبغي أن نتعمق فيه نحن نستخدمه كدرس لأننا قد نواجه صعوبات أخرى بحياتنا ونحتاج للتفكير فيما سيأتي به الغد فالاستشارة حسنت علاقتي في المنزل مع أطفالي ففي السابق كنت أبكي أو أغضب منهم لكن نوبات الغضب هذه توقفت الآن لقد أصبحت مختلفة الآن”.

وتحدثت حميدة الأخصائية النفسية السريرية بالمنظمة الإيطالية لمعدي التقرير قائلة أن استشارات الصحة العقلية والنفسية الاجتماعية يمكن أن تكون مفيدة للغاية للمهاجرين غير الشرعيين ممن واجهوا العديد من التحديات أثناء السفر إلى ليبيا والعيش لتقول:”بالتأكيد يحتاج معظم هؤلاء لمساعدتنا لقد مروا بمواقف صعبة للغاية وحتى لو لم يتعرضوا للعنف فقد رأوه إنه يؤثر على سلوكهم وطريقة تفكيرهم”.

وأعربت عن رضاها بشكل خاص عن التقدم الذي تم إحرازه خلال الجلسات الجماعية التي تنظمها بعناية من خلال الجمع بين الأشخاص من جنسيات وأعمار مماثلة ممن واجهوا مواقف مماثلة في حياتهم اليومية مشيرة إلى أن تفشي وباء كورونا جعلها تقسم جلساتها السابقة لمجموعتين لضمان التباعد الجسدي في حين تم توفير الكمامات وقياس درجات الحرارة ومعقمات لليدين لهم.

وأكدت حميدة أنه وبغض النظر عما يعاني منه هؤلاء سواء كان خفيفا أو شديدا فمن الأسهل التعامل مع الألم أو الحزن إذا كان مشتركا في مجموعة فهو يساعد المستفيدين على التخلص من التوتر والقضايا الأخرى التي يواجهونها من خلال محاولة منحهم المهارات اللازمة لمنع الانتكاسات لأن الكثير منهم في مواقف محفوفة بالمخاطر وهذا ينعكس في ما يفكرون فيه.

ومضت في التوضيح أن الكثير من هؤلاء على سبيل المثال يفكر في عبور البحر الأبيض المتوسط وصولا إلى أوروبا لأنهم يعتقدون أنهم موتى على أية حال وهو ما يعكس اضطرابا شديدا يحتم القيام بكل ما هو ممكن ومن شأنه لمساعدتهم فالأمر ملح وعاجل فيما تحدث التقرير عن إمرأة أخرى تم مساعدتها أيضا وهي من السودان وتدعى شادية وتبلغ من العمر 38 عاما.

وأضاف التقرير أن شادية تعاني من الصرع الصرع والاكتئاب الشديد وصعوبات في الزواج وكانت منعزلة للغاية حتى أنها حاولت الانتحار عدة مرات ناقلة عنها قولها:”يمكن أن تروا الاختلاف في داخلي منذ هذه الجلسات في السابق ، كنت مريضة ومرهقة ومتوترة وكنت أفكر دائما في إنهاء حياتي وكان لدي العديد من النوبات والآن لا أعاني من نوبات ولم أعد أتناول أي دواء ومتفائلة وراضية”.

وتحدثت شادية قائلة:” أصبحت الآن امرأة نشطة وواثقة وبدأت العمل مؤخرا فالجلسات جعلتني أنظر للمستقبل بتفاؤل والفضل للجلسات فشخصيتي تغيرت لقد أصبحت قوية وتمكنت من المشاركة في المجتمع فمثل هذه الشهادات الإيجابية من الذين تلقوا المساعدة شجعت الآخرين أيضا على طلب الدعم من أخصائيي الصحة العقلية”.

ترجمة المرصد – خاص

Shares