تقرير إيرلندي يسلط الضوء على معاناة المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا

ليبيا- تناول تقرير ميداني أعدته صحيفة “آيرش تايمز” الإيرلندية معاناة المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة مع مختلف الظروف الإنسانية والأمنية الصعبة في ليبيا.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد نقل عن المهاجر غير الشرعي الفار من إقليم دارفور بالسودان المهدي البالغ من العمر 43 عامًا مطالباته العديدة لإجلائه وأسرته من ليبيا، حيث يعيشون منذ العام 2015، فابنته التي توفيت هذا الشهر واسمها مهجة عانت من مرض سرطان العظام ولاقت وجه ربها وعمرها 17 شهرًا.

وأضاف المهدي قائلًا أنه كان يحمل ابنته الراحلة على كتفه وهو يغني لها التراتيل في المستشفى، محاولًا التخفيف عن آلامها إلا أن القدر كان أقوى، مبينًا أن مهجة كانت بحاجة لعملية زرع نخاع عظمي لم تكن متوفرة في ليبيا، لتصبح ضحية لتوقف عمليات الإجلاء بسبب تفشي وباء كورونا.

وتحدث التقرير عن معاناة عشرات الآلاف من المهاجرين غير الشرعيين من حكم جماعات مسلحة وفرص الحياة القليلة في ظل العنف المتنامي وغياب الموارد للعثور على طريق آمن آخر لهم، مؤكدًا أن المهدي قدم في مارس الماضي طلبًا للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لإجلاء ابنته من دون تحقق شيء.

بدورها أشارت المتحدثة باسم بعثة المفوضية في ليبيا كارولين غلوك إلى علمها بقضية المهدي، حيث لا توجد مرافق لزراعة نخاع العظام في ليبيا للتعامل معها، مطالبة بتوفير المزيد من أماكن إعادة التوطين والتأشيرات الإنسانية للأشخاص ذوي الاحتياجات الطبية الخطيرة، وقلة الدول التي تستقبلهم.

وأضافت غلوك أن ما لا يقل عن 11 مريضًا يعانون من ذات وضع مهجة وبعضهم من الأطفال الصغار، في وقت تم التأكيد فيه على استئناف رحلات الإجلاء الإنسانية من ليبيا مؤخرًا، بسبب تفشي وباء كورونا وإغلاق الحدود العالمية، فيما نقل التقرير عن المهدي جانبًا آخر من معاناته في ليبيا حيث يعيش الآن.

وأكد المهدي أن تدهور حالة ابنته الراحلة تزامن مع قيامه بحبس طفليه وأحدهما في سن الـ6 والآخر في الـ4 في المكان الذي قام باستئجاره، لحفظ سلامتهما وليتمكن من الذهاب للبحث عن عمل لتوفير ما يكفي لشراء الطعام لهم ودفع ثمن الأدوية والفحوصات الخاصة بمهجة الراحلة.

وتحدث التقرير عن سوء معاملة واستغلال المهاجرين غير الشرعيين في ليبيا من قبل جماعات مسلحة، وظلوع خفر السواحل الليبيين التابعين للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق بإعادتهم إلى البلاد التي فروا منها عبر البحر الأبيض المتوسط، ليبلغ عددهم بحلول الـ16 من ديسمبر 11 ألفًا تم إجلاء 655 فقط بشكل قانوني.

من جانبها أكدت عضو المنظمة الدولية للهجرة صفاء مشهلي أن عام 2020 واحد من أكثر الأعوام تحديًا للمهاجرين غير الشرعيين في ليبيا، فالأعمال العدائية استمرت معظم العام واشتدت وهددت الأرواح والوضع الإنساني قد تدهور، مع مواصلة الآلاف محاولة عبور البحر والخسائر في صفوفهم زادت في البر والبحر.

وأضافت مشهلي بالقول: “يعيش العديد من المهاجرين في ظروف مزدحمة وغالبًا ما تكون غير صحية في البلاد مع القليل جدًا إن وجد من الحصول على الرعاية الصحية، ويواجه المحتجزون مخاطر متزايدة بسبب الوباء الذي عندما يقترن بمثل هذه الظروف الأليمة يخلق حالة معيشية كارثية”.

واستمر التقرير بالتوضيح أن من بين المتضررين من وقف عمليات الإجلاء أكثر من 2700 مهاجر غير شرعي في مراكز الاحتجاز التابعة للمجلس الرئاسي لحكومة الوفاق، بعد أن تعرض نحو 50 منهم خلال الشهر الماضي لإطلاق النار من حراس مركز احتجاز في مدينة الزنتان بجبل نفوسة والتهديد بالاختطاف.

وأضاف التقرير أن ما تعرض له المهاجرون غير الشرعيون جاء خلال محاولتهم الهروب من مركز الاحتجاز الذي يتواجد بعضهم فيه منذ أكثر من عامين، بعد أن تم نقلهم في سبتمبر من العام 2018 من مركز آخر في العاصمة طرابلس لإبعادهم عن مخاطر النزاع.

ووفقًا للتقرير مات العشرات من هؤلاء في الزنتان خلال سنوات سابقة من بينهم مراهقين، وصبي توفي بسبب التهاب الزائدة الدودية وآخرون بمرض السل والإهمال الطبي وضربة شمس ودخان حريق اندلع داخل قاعة احتجزوا فيها، لتتوقف مفوضية اللاجئين عن زيارتهم في أوائل العام الماضي بذريعة عدم القدرة على الوصول.

وأكد التقرير أن وقف الزيارات زاد حالة اليأس بصفوف المهاجرين غير الشرعيين في الزنتان ناقلًا رسائل وردت للصحيفة الإيرلندية عبر تطبيق واتساب للتواصل الاجتماعي مفادها: “نحن فقط بحاجة للمساعدة، ساعدونا من فضلكم”، في وقت لم تكن الخيارات الإيجابية متاحة لمن تمكنوا من الهرب من مركز الاحتجاز.

أحد الهاربين من الزنتان قال للصحيفة: “المشكلة الآن هي استئجار منزل والمال لدفع ثمن المنازل والطعام وأمننا في خطر، لقد دمرت جسديًا وعقليًا، وأنا أفكر في متى سيتصلون بي؟ وماذا ستكون النتيجة؟ وكيف يمكنني البقاء قويًا حتى ذلك الوقت؟”، ليشير التقرير لوجود خطوط ساخنة لطلب المساعدة الطبية وغيرها.

وأضاف التقرير أن المهاجرين غير الشرعيين يشكون من ندرة الإجابة على اتصالاتهم وصعوبة الحصول على موعد مع لمناقشة قضية إجلائهم، مبينًا أن المهدي لا يزال يأمل بإنقاذ بقية أفراد أسرته وأن زوجته ما زالت تبكي ولا تأكل، وأن الطفلين مضطربان ويستيقظان باستمرار أثناء الليل أو يتحدثان ويمشيان في نومهما.

واختتم التقرير بأقوال المهدي ومفادها: “لقد عانيت كثيرًا هنا لدرجة أنني شعرت بمرارة في حلقي من سوء المعاملة والإهمال، لقد فقدت أحد أفراد أسرتي وأخشى على حياة البقية، أنا منهار وإذا تمكنت من جمع ما يكفي من المال سأضطر لعبور البحر مع ما تبقى من أسرتي لإنقاذهم من خطر الموت هنا”.

ترجمة المرصد – خاص

Shares