الشحومي: الإصلاح النقدي لا بد أن يلحقه إصلاح مالي كالظل لتخفيف آثاره القاسية على عامة الشعب

ليبيا – أكد المحلل الاقتصادي سليمان الشحومي على أن الإصلاح النقدي لا بد أن يصاحبه إصلاح مالي كظله، ليخفف الآثر على عامة الشعب.

الشحومي قال في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” بعنوان “بيت بلا أبواب”: “عدل سعر صرف الدينار وتم تخفيض قيمته رسميًا أمام العملات الرئيسة، وصفق من صفق لتوحيد السعر لجميع الأغراض، وحزن من حزن للآثار التي ستكون قاسية على الفئات الهشة والضعيفة بالمجتمع، وكلاهما محق فيما ذهب اليه من رأي.

وأضاف: “المصرف المركزي اجتمع عن بعد وبعد انقطاع 6 سنوات وعدل سعر الصرف الرسمي ونقله من 1.4 دينار للدولار الواحد إلى مستوى أعلى بمقدار 220%، ليستقر رسميًا عند 4.48 دينار للدولار، محاولًا تقليص الفارق مع السوق الموازي برغم أنه ترك السوق الموازي طوعًا، ليرتفع بالسعر بسبب سياسته غير المستقرة تجاه عرض النقد الأجنبي بالفترة الماضية مدة طويلة، وعلى الأغلب سيستمر الفارق بين السعر الجديد وسعر السوق الموازي طالما هناك قيود كمية ونوعية، وقد تزيدها أكثر القيود الإجرائية من قبل البنوك بسبب البيروقراطية والفساد وتدخل بعض الجهات الرقابية بالدولة، وعدم القدرة على الاستجابة المناسبة وبالسرعة المطلوبة”.

وأردف: “طبعًا هذا التعديل يستلزم إعادة تقييم كافة احتياطيات المصرف المركزي ويتحقق من خلالها للمصرف المركزي استرجاع كامل الدين العام الذي قدمه للحكومتين مرة واحدة، والفائض يفترض أن يذهب لحسابات الحكومة لدى المصرف المركزي، ولكن المركزي احتفظ بها في حساب احتياطي على أساس أنه سوف يستخدمه عندما يعيد تخفيض سعر الصرف في المستقبل، وبذلك يمنع الحكومة نظريًا من استخدامه مؤقتًا في الإنفاق بالموازنة العامة القادمة، وربما انتظارًا لعودة تدفق إيرادات بيع النفط من العملة الأجنبية إلى البنك المركزي من جديد، وكمحدد لعملية الاستخدام المفرط من الحكومة في تمويل النفقات الجارية”.

وأشار إلى وجود حالة من انعدام الثقة والصراع غير الخافية على أحد بين المركزي وحكومة الوفاق، انعكست في عدم التوافق على مشروع إصلاح مشترك، وذلك يهدد أي فرصة برغم أنها تبدو ضعيفة لإجراء إصلاح اقتصادي شامل، منوهًا إلى أن الإصلاح النقدي لا بد أن يصاحبه إصلاح مالي كظله ليخفف الأثر على عامة الشعب، فالظل لا يمكن أن يستقيم حاله والعود أعوج من أساسه.

كما بين الشحومي أن “فرض قيود على شراء العملة من البنك المركزي وعدم فتح المجال لمختلف الاستخدامات يعكس تخوف المركزي من عدم قدرته على الاستجابة لطلبات شراء العملة، وخصوصًا في ظل عدم وجود أدوات لإدارة السيولة المحلية بالاقتصاد وتعطل سوق الائتمان المصرفي، وتحوطًا من المصرف المركزي لحالة عدم التأكد المحيطة بتصدير النفط وموعد إحالة الإيرادات إليه ونتائج المسار السياسي، وما قد يسفر عنه من توحيد أو استمرار حالة الانقسام والصراع الليبي الداخلي”.

وتابع: “سيبقى ما تم من تعديل سعر الصرف ونقله إلى مستوى جديد بالمستوى العام للأسعار سيناريو متكررًا ولم يقدم حلًا متكاملًا كما يرتجى، فالأوضاع تحتاج معالجة شاملة ورفعًا للقيود مبرمجًا وقواعد لتنظيم الاستيراد بكافة أنواعه، في إطار سياسة تجارية وقواعد لاستدامة المالية العامة للدولة الليبية تحافظ على مستوي مناسب من الإنفاق التنموي وشبكة حماية اجتماعية واضحة وشاملة تحمي من تاثيرات التغيرات الحادة بالاقتصاد وليس اختزالها في صرف علاوة العائلة فقط، فهي جزء فقط من الشبكة وحتمًا يحتاج إلى معالجة مصاحبة متزامنة وليست لاحقة ومرتبكة، وقد تكون غائبة إذا استمر عدم التوافق المؤسسي الحكومي، فلن يكون مناسبًا أن نصلح نوافذ البيت المقفلة ونتركه بدون أبواب على الإطلاق”.

واختتم قائلًا: “في قناعتي الراسخة أن ما حدث من تعديل لسعر صرف الدينار هو عملية تحريك وليس إصلاحًا اقتصاديًا بمعناه الشامل، فنفس القيود مستمرة والأهم أن البنك المركزي استرجع ديونه على الحكومتين وترك الحكومات المنقسمة تدبر أمرها مع شعبها، وازدياد تعقيد الموقف في قادم الأيام إذا لم يتحقق الحل السياسي الشامل ستكون الحكومات بدون ميزانيات والبنك المركزي بدون إيرادات مستقرة، ليستمر منهج المساومة والصراع بين أدوات إدارة الاقتصاد الليبي والذي حتمًا سيجعل أي عملية إصلاح تحت محك الفشل طالما لا يوجد مشروع إصلاح شامل لأبواب وشبابيك البيت”.

Shares