مستندات | إعفاء من مراجعة المحاسبة وارتباطات عائلية.. باشاآغا يستحوذ على وكالة هيونداي باسم الداخلية

ليبيا – هوس السيارات وفتحي باشاآغا اسمان لا يفترقان عادة بين المواطنين وعبر وسائل التواصل الاجتماعي لدرجة التندر والنكتة؛ إلا أن جانبًا آخر قد تكشّف اليوم من خلال تسريب مستندي عبر وزارة الخارجية يكشف عن وجه آخر من أوجه هذا الهوس.

ولطالما ظلت تعاقدات وزارة الداخلية المليارية لاستيراد السيارات ومختلف المركبات الآلية في الظل ولم يرشح عنها شيء أبدًا للرأي العام، رغم أن غالبيتها ليست من الأسرار الأمنية الحساسة التي تتطلب الإخفاء، بل على العكس تتطلب الإفصاح، خاصة أن من يشرف عليها يستخدم “دعاية الشفافية ومحاربة الفساد” لتسويق نفسه ضد خصومه وهو باشاآغا.

جاء في الوثائق المسربة من وزارة الخارجية في طرابلس وهي مراسلات من الوزارة الى سفارة جمهورية كوريا الجنوبية بتاريخ 21 ديسمبر 2020 المنصرم، تفيدها فيها بأن شركة تدعى الفياح القابضة هي شركة مملوكة لوزارة الداخلية وبأنها ستكون هي الوكيل الحكومي الحصري لعلامة هونداي في ليبيا.

مراسلة الخارجية للسفارة الكورية / نسخة عربية
مراسلة الخارجية للسفارة الكورية / نسخة عربية

ونصت الرسالة المرسلة باللغتين العربية والأنجليزية على أن شخصًا يدعى حسين محمد المهدي جرود وهو تاجر من مصراتة مقرب من باشاآغا -حسب مصادر المرصد- هو المممثل لهذه الشركة بتكليف من الداخلية.

مراسلة الخارجية للسفارة الكورية / نسخة إنجليزية
مراسلة الخارجية للسفارة الكورية / نسخة إنجليزية

مستند آخر ذو صلة حصلت عليه المرصد يكشف المزيد من الأسماء في هذه الشركة المؤسَّسة حديثًا وجمعيتها العمومية برئاسة رئيس مجلس الإدارة المبروك حسن اليسير من مدينة الخمس، إلا أن اليد المالكة الحقيقية وصاحب رأس المال هو محمد فتحي باشاآغا نجل الوزير نفسه، والهدف من هذه العملية هو الإطاحة بتجارة محمد الطاهر عيسى، وهو رجل أعمال من مصراتة متحصل على وكالة هيونداي وتربطه علاقة سيئة جدًا مع باشاآغا منذ سنوات كما هو معروف بين مختلف الأوساط “التجارية والمليشياوية” المختلفة في المدينة، وهو ما يعتبر حسب المصادر نفسها استخدامًا للوظيفة الرسمية لأهداف شخصية، أي استغلال للوظيفة، وهي جريمة تستحق المحاسبة وحتى العزل.

محضر تأسيس شركة الفياح
محضر تأسيس شركة الفياح

وفي شهر نوفمبر الماضي عقد محمد باشاآغا زفافه في مصراتة فترة حظر إقامة المناسبات الاجتماعية بسبب كورنا، كان حجم ونوع السيارات التي ظهرت في زفافه وفي منزله ملفتًا وحديث الساعة حينها عبر مواقع التواصل الإجتماعي، في وقت كانوا فيه حتى سنة 2014 أي قبل عملية فجر ليبيا التي أشرف عليها والده من العائلات العادية متوسطة الحال، وكان ما ظهر في مقاطع الزفاف غير متماشٍ مع الوضع الوظيفي السابق لوالده، سواءً كنائب منقطع أو تاجر للإطارات.

وبالعودة إلى وثائق الخارجية، فقد كشفت بأن جرود نفسه هو من مثل حكومة الوفاق لدى الاتحاد الدولي للهبكيدو، والهبكيدو هو فن قتال كوري يشبه الكاراتيه وتشغل بعض الدول عضوية في اتحاده للشؤون الأمنية والتدريب، مطالبة بإبلاغ الجهات الكورية المعنية بذلك، وفي سياق متصل لم يرد المكتب الإعلامي لوزارة الداخلية على طلب من المرصد للتعليق.

وإذ نصت المراسلة على أن شركة الفياح التابعة لوزارة الداخلية قد باتت هي الوكيل الحكومي الحصري لشركة هيونداي، وستمر كل التعاقدات الحكومية التي تحتاجها من هيونداي عبر شركة الفياح، إذ تتعاقد الدولة الليبية بين الفينة والأخرى ليس على استيراد السيارات فقط، بل حتى المكيفات والغسالات والثلاجات وما إلى ذلك من منتجات عملاق الصناعة الكورية.

وفي أبريل الماضي تقدم أحمد الطويبي مدير مكتب باشاآغا بطلب إلى ديوان المحاسبة في طرابلس للإعفاء من المراجعة المسبقة على عقد تفوق قيمته 20.6 مليون يورو لاستيراد 30 سيارة مصفحة، وهو رقم مبالغ فيه، إذ ستكون قيمة السيارة الواحدة 686 ألف يورو أي مايعادل أكثر من 4.8 مليون دينار للسيارة.

وهذه ليست المرة الأولى التي تتقدم بها “وزارة باشاآغا” بطلبات إعفاء من المراجعة لديوان المحاسبة الذي يسيطر عليه حزب العدالة والبناء الذراع السياسي لجماعة الإخوان المسلمين حليفة باشاآغا الأول، إذ يقود الديوان خالد شكشك القيادي في هذا الحزب المستميت على الدفع بباشاآغا لرئاسة حكومة يزعمون ضمن كذبة كبيرة أنها ستستمر 10 أشهر فقط حتى انتخابات ديسمبر 2021 .

طلب إعفاء من التفتيش مقدم من الداخلية لمصرف الجمهورية

و تقدمت الوزارة سابقًا بطلبات منها مثلًا الإعفاء من تفتيش المصارف في الموانئ على توريداتها عبر الشركات المرتبطة بها من خلال الاعتمادات التي تتحصل عليها بالنقد الأجنبي من مصرف ليبيا المركزي والمصارف التجارية الأخرى مثل الجمهورية، وهذا الإجراء متعارف عليه بحيث يتحقق المصرف من حقيقة البضاعة التي منح اعتماد لاستيرادها لضمان عدم التهريب او التربح غير المشروع.

وفي المحصل، تكشف هذه القضية خيطًا ولو رفيعًا عن تجارة السيارات الملفتة في وزارة الداخلية والإسهاب الملفت للنظر في توريدها بمختلف أنواعها وبكميات كبيرة وأسعار باهظة، في ظل وضع أمني وإقتصادي متناقض مع الجماليات التي يحاول باشاآغا رسمها بمئات ملايين الدولارات بيدٍ، ويدٍ أخرى تحاول “صيد الأفاعي” لنيل منصب رئيس حكومة الحوار.

المرصد – خاص

Shares