تقرير ميداني: هذه أسباب تفاقم أزمة الكهرباء في ليبيا

ليبيا – تناول تقرير ميداني أعدته شبكة أخبار سكاي نيوز قضية أزمة الكهرباء المستشرية في ليبيا الناجمة عن الأحداث التي تلت الـ17 من فبراير عام 2011.

التقرير الذي تابعته صحيفة المرصد أشار إلى أن ليبيا التي تعد من أكبر بلاد العالم الغنية باحتياطات النفط المؤكدة وقليلة السكان مقارنة بمساحتها ما تزال تعاني من أزمة الكهرباء؛ إذ يبلغ عجز الطاقة الكهربائية خلال الشتاء ألف ميغاواط ويصل إلى 2500 ميغاواط خلال الصيف.

ولفت التقرير إلى أن نسبة العجز هذه أكدها في تصريحات سابقة مدير الشركة العامة للكهرباء إبراهيم الفلاح، الذي أوضح أن الشركة تنتج 5500 ميغاواط، بينما حاجة البلاد لتغطية الاستهلاك تقدر بـ6500 ميغاواط، وتصل إلى 8 آلاف ميغاواط خلال شهور الصيف.

وبحسب التقرير تعمل في ليبيا 10 محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية، إلا أنها لا تقوم بتوليد التيار الكهربائي بالشكل المطلوب؛ بسبب عدم إجراء الصيانة اللازمة لها ليأتي دور أسامة السعيطي مستشار مدير عام شركة الكهرباء للشؤون الفنية بالمنطقة الشرقية، والمدير التنفيذي السابق لشؤون التشغيل بشركة الكهرباء للتوضيح.

وأشار السعيطي إلى أن شبكة الكهرباء يتم التحكم بها عبر جناحين في المنطقتين الغربية والشرقية، ويخضع الجناحان للإدارة العامة للتحكم، مبينًا أن مشاكل الجناح الغربي تتركز في العجز في الإنتاج، بينما لا تعاني المنطقة الغربية كثيرًا بالنسبة لعمليات النقل، فشبكة الكهرباء تضررت كثيرًا بعد حرب العام 2019.

وأضاف السعيطي أن مشاكل الجناح الشرقي تكمن بالدرجة الأولى في عملية نقل الطاقة، فيما تتضح مشاكل التوليد في الجناح الغربي في عدم استكمال المشاريع، مثل مشروع محطة غرب طرابلس التي كان يفترض أن تكون قدرتها الإنتاجية 1400 ميغاواط وتنفذه شركة كورية، إلا أن المشروع توقف منذ العام 2011.

واستمر السعيطي بالتوضيح أن مشروع محطة توليد سرت بقدرة إنتاجية 1400 ميغاواط متوقف أيضًا منذ العام 2011، مؤكدًا أن أن المشكلة في المنطقة الشرقية تكمن بالدرجة الأولى في إمدادات الوقود، حيث برزت أزمة عدم استكمال خط نقل الطاقة 400 كي في من محطة السرير لإجدابيا ومنها لبنغازي ومنها لطبرق.

وبين السعيطي أن الحكومة بالمنطقة الشرقية قامت بالتعاقد لتوليد 100 ميغاواط من محطة لملودة، إلا أن هذا التعاقد توقف بعد وجود شبهات فساد فيه، وتم إحالة الملف للنائب العام، موضحًا أن شركة الكهرباء قامت بالتعاقد على توريد ما بين 80 إلى 120 ميغاواط من مصر، وتقوم بتوريد الطاقة من تونس في وقت الذروة فقط.

وأكد السعيطي أن المشكلة الأساسية في الغرب تكمن في الوضع الأمني السيء الذي تسبب في الإظلام التام لأكثر من مرة، لافتًا إلى أن هذا جعل مهندسي التحكم لا يستطيعون القيام بعمليات طرح الأحمال بشكل صحيح، حيث يتعرضون للهجوم خاصة في منطقة الجنوب الغربي وتحديدًا مدينة سبها وما حولها.

وأضاف السعيطي أن الشيء الأخطر هو الاعتداء على خطوط الجهود العالية في الشبكة العامة للكهرباء بشكل عام؛ بسبب الوضع الأمني المتردي، فيما نقل التقرير عن مهندس النفط محمد سالم مسعود قوله: إن منطقة الجبل الغربي تشهد سرقة لخطوط وأسلاك الكهرباء.

وأوضح مسعود أن الخطوط البعيدة عن المناطق السكنية والقبلية وذات الأحمال الخفيفة يتم سرقتها لضمان عدم فضح أمر السارقين، مؤكدًا تعرض الموظفين لتهديدات كثيرة تصل أحيانًا للقتل كما جرى بمحطة شكشوك القريبة من جادو الموصلة بشكل أساسي للكهرباء لمدن شرق الجبل الغربي من الزنتان وحتي يفرن.

وبحسب مسعود تزداد أزمة الكهرباء صعوبة في فصل الشتاء خاصة في منطقة الجبل الغربي في ليبيا، لا سيما مدينة الزنتان؛ لأن درجات الحرارة تنخفض فيها إلى مستويات متدنية للغاية وتكثر فيها ساعات انقطاع الكهرباء، ما يضطر الناس لإشعال الحطب للتدفئة أو استخدام مواقد الكيروسين.

وأضاف مسعود أن هذا الاستخدام قد ينجم عنه حرائق يترتب عليها وقوع حوادث احتراق إضافة إلى انبعاث غاز ثاني أول أكسيد الكربون من مواقد الكيروسين والذي يتسبب في حالات اختناق، وهي حوادث قد تودي بأرواح المواطنين، مؤكدًا أن أزمة الكهرباء تنعكس على المعاملات المصرفية والتجارية والجوازات والسجل المدني.

واستمر مسعود في التوضيح أنه ورغم توفر المولدات الاحتياطية في بعض المصارف إلا أن عدم توفر مادة تشغيل هذه المولدات من وقود الديزل سبب تعطل هذه المولدات وفاقم معاناة المواطنين، مشيرًا إلى أن الميزانيات الضخمة والأرقام الفلكية التي ترصد كفيلة بإنشاء محطات لإنتاج الطاقة الكهربائية في كل مدينة.

وأضاف مسعود أن عمليات الفساد الممنهجة التي تشهدها الشركة العامة للكهرباء منذ 10 سنوات ونظام الإدارة القديم عاملان مساهمان بشكل رئيس في خسارة مليارات الدنانير التي تذهب سنويًا لجيوب المورردين الوهميين لشركات الصيانة الوهمية، وغيرها التي تتقاضى أموالًا عن مشاريع لا يتم تطبيقها على أرض الواقع.

وأشار مسعود إلى أن أزمة الكهرباء تكمن بالدرجة الأولى في ضعف الرقابة والتساهل في التعامل مع الملفات المختلفة، فعلى سبيل المثال مخازن شركة الكهرباء مليئة بالتوصيلات والمحولات والأسلاك التي تكفي لحل الأزمة، فضلًا عن إمكانية حل مشاكل مرتبات الموظفين وعمليات الصيانة.

واختتم مسعود تصريحاته بالقول: إن أزمة الكهرباء تعد أزمة مفتعلة كغيرها من أزمات الوطن التي تزيد معاناة المواطن، وليس لها حل إلا وجود حكومة تشكل بإرادة الشعب الليبي ولا يتم فرضها من الخارج.

Shares