ليبيا – علق مفتي المؤتمر العام المعزول من قبل مجلس النواب الصادق الغرياني على الخلاف الدائر بين دار الإفتاء وبعض النخب السياسية والوسيلة التي يمكن بها ضبط الخلاف وتحرير موضع النزاع بحسب تعبيره.
الغرياني قال خلال استضافته عبر برنامج “الإسلام والحياة” الذي يذاع على قناة “التناصح” التابعة للمفتي المعزول الغرياني الأربعاء وتابعته صحيفة المرصد: إنه إذا أريد للحوار والخلاف أن يكون مثمرًا لا بد من تحرير محل النزاع؛ لأن تحريره يختصر الطريق ويوصل للمقصود بأقل جهد ممكن في حال كان المحاور والمجادل منصفًا، أما إذا لم يحرر محل النزاع وأصبح كل طرف يتحدث في نقطة غير نقطة الخصم فالجدال سيتحول لجدال مذموم لا فائدة منه وعقيم لن يورث إلا المشاحنة والبغضاء، بحسب قوله.
وأكد على أن الخلاف الحاصل بين دائرة الإفتاء والعديد من النخب يفتقد لتحرير النزاع لذلك هو عقيم، مضيفًا: “مثلًا عندما نتكلم على الحوار نجد خصوم دار الافتاء يقولون إنها تعارض الحوار، هذا ليس محل النزاع ولا حديث دار الإفتاء الذي تكرره كل أسبوع تقريبًا، بل هي أنها مع الحوار والمصالحة القائمة على العدل كما أمر الله، لكن تقول الخلاف بيننا هو في وسيلة الحوار غير الصحيحة والتي لا ترضى عنها وفيها خلافات قانونية يجب أن تصلح”.
وتابع: “قلنا أن من يشارك في الحوار اليوم لا يمثلون الشعب الليبي، وإنما اختارتهم البعثة على مواصفاتها لمعرفتها بأن هؤلاء عندما يتسلمون زمام الأمور في البلاد لا يعصون المجتمع الدولي وينفذون طلباته ويكونون رهن سمعه وبصره، وهذا ما يحرص عليه المجتمع الدولي”، على حد قوله.
أما فيما يتعلق باختيار لجنة الـ 75 تساءل: “هل هؤلاء اختارتهم مدنهم كما حصل مع أجدادنا؟ كما قلنا في السابق عام 1920 في مؤتمر غريان عندما أرادوا تشكيل الحكومة الطرابلسية، كل منطقة اختار أهلها وأعيانها والصالحون فيها شخصًا أرسلوه لغريان وأعطوه وثيقة مكتوبه أن هذا الشخص قد فوضناه أن يمثلنا، أليس بإمكان البعثة فعل هذا؟ لم يفعلوا ذلك لأنه سيخرج أشخاص يعصون أمرها، البعثة تلعب معهم سياسة العصا والجزرة وتطعمهم المناصب ليختاروا الفترة الانتقالية القادمة، وهذا خلل كبير وعظيم؛ لأننا ما زلنا تحت سيطرة البعثة والمجتمع الدولي ولا نملك القرار هؤلاء لا يمثلوننا ولا يمثلون الشعب الليبي”.
وزعم أن الوفود المشتركة في الحوار طوال الثلاث أشهر الماضية تعمل لمحاولة إرضاء المبعوثة المتحكمة في المشهد أي ستيفاني وليامز، مبينًا أن دار الإفتاء لا تعارض الحوار، لكنها تؤكد على أن لجنة الـ 75 الذين تم اختيارهم من قبل البعثة الأممية لا يمثلون الشعب.
وأردف: “الخلاف بيننا وبين من يشاركون في الحوار هم يريدون أن يدخلوا ليبيا تحت الوصاية لفترة أخرى لا نعلم كم تستمر، ولا يوجد هناك ضمانات أن هناك انتخابات آخر العام، هل ما أقدموا عليه عندما يسلمون مصير ليبيا إلى عدوهم هل هذا جائز شرعًا؟ هل هذه المسألة حلال أو حرام أم أنها مسألة اجتهاد لكل سياسي؟ هل تسليم البلاد لعدوها بحيث يهيمن عليها ويتحكم بقرارها ومصيرها هو جائز شرعًا أم لا؟”.
الغرياني قال: “لا مانع أن تعمل علاقات دولية مع دول غير مسلمة لتبادل المصالح والمنافع والاستفادة منهم على أن يكون بينهم الاحترام والتقدير ولا يتدخل في مصيرك وشأنك، هذا غير ممنوع وجائز ودار الإفتاء تقول هذا والقرآن قال: إن الله ينهاكم عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم يحرم عليكم أن تولهم. قاتلونا في الدين أم لا؟ قاتلونا، الآن 7 سنوات نعاني وعشرات الآلاف من القتلى والجرحى والمشردين هل يقاتل فينا حفتر؟ أبدًا لو أنه يفعل لانتهى من زمان، لكن من يقاتلنا هي أمريكا وروسيا وفرنسا والدول التي تسمى المجتمع الدولي، الله حرم علينا الاستسلام لهم وإمساكهم زمام الأمور في البلاد”.
واستطرد حديثه: “في الحلقة قبل الماضية تحدثت عن حزب العدالة والبناء ولمتهم على المشاركة في الاتفاق الجديد وترشيح عقيلة صالح، وقلت أن عقيلة وجه آخر لحفتر، الجرائم التي ارتكبت مسؤول عنها حفتر وعقيلة صالح، وقلت أنهم قالوا بأن لديهم ضمانات وهي أن القرار لن يخرج إلا بالإجماع، والرئاسي حتى لو تولاه عقيلة صالح لدينا معه أعضاء ورئيس حكومة قوي، وتحدثت أن أساس التمثيل في المفاوضات غير صحيح وغير شرعي هذا هو محل النزاع، لو كانوا منصفين لأتوا لهذه النقاط الثلاث، بل هم ركزوا على حديثي بأن عقيلة صالح كحفتر ويردون بالحجة”.
وتابع خلال حديثه: “كان يفترض أن يقولوا لي أن القرار لحد الآن لم يخرج إلا باتفاق الـ 9 هم أعضاء الرئاسي، ولو كانوا في بيانهم الذي أخرجوه قالوا أنه يمثل فلان الفلاني وتنبهوا لهذه النقاط وأتوا بالأدلة والبراهين والله لتركت قولي وأتيت معهم ونصرتهم، لكنهم تركوا محل النزاع ومحل الخلاف وانشغلوا بمسائل أخرى قائمة على التهويل والتشويش والتشويه وهذا سلاح العاجز”، وفقًا لقوله.
وأكد على أن ما يبين الحكم الشرعي هم أهل الاختصاص ولا يحق لغيرهم الإفتاء والحكم وما يصدر من أحكام للسياسيين وغيرهم، لا يصح ولا يحل لأحد القول: “أنا اجتهد فيها برأيي”. مشيرًا إلى أن إنزال الأحكام الفقهية على النوازل المستحدثة هذا دونه شروط قاسية، أما الاجتهاد في مسائل النوازل فلا يكون إلا بعد تحصل الشيخ على قريحة العلماء التي لا تأتي إلا بعد أن يشيب الطالب في حلق العلم، بحسب تعبيره.
وشدد على أن موالاة أعداء الله أمر غير جائز بحسب النصوص القرآنية، لافتًا إلى أنه في فترة المؤتمر الوطني كان هناك احترام لمؤسسات الدولة ولم يكن يستطيع أي سفير أو شخص التدخل في أمر الدولة، لكن حينها لم يقبل أحد بهذا الوضع وتم اختيار واقع أسوأ، فلم توجد الحروب والقتال إلا بعد مشروع الصخيرات، بحسب زعمه.
كما اختتم حديثه قائلًا: في حال تعارض فتوى دار الإفتاء والحاكم يتم الرجوع لكلام الله ورسوله واجتهادات الفقهاء؛ لأنها مقدمة على رأي الحاكم، بحسب حديثه.