تقرير أميركي: سياسة الإدارة الأمريكية تجاه الإخوان اليوم هي نفسها التي مكنت الخميني من حكم ايران

ليبيا – نشر موقع “ذا ألجمينير” الإخباري الأميركي تقريرًا تحليليًا عن جهود الرئيس الأميركي جو بايدن لإحياء ذكر الإخوان رغم الاعتراضات الكبيرة على ذلك.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد حذر من هذه الجهود التي تسعى إدارة بايدن من خلالها وعلى غرار إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما لتحدي جميع الدول العربية الموالية للولايات المتحدة، والتي تعتبر الإخوان تهديدًا إرهابيًا وجوديًا واضحًا وحاضرًا.

وأضاف التقرير أن السير جون جنكينز المختص البريطاني البارز في شؤون الإخوان والإسلام السياسي والشرق الأوسط والمدير التنفيذي السابق للمعهد البريطاني الدولي للدراسات الإستراتيجية فرع الشرق الأوسط، قدم ذات مرة نصيحة مهمة بهذا الخصوص.

وأوضح التقرير أن جنكينز قال في نصيحته: “يجب على الغرب مقاومة إغراء السعي لفهم جماعة الإخوان من خلال تصنيفاتنا الثقافية أو المعرفية، ولا يجب النظر إلى العالم من خلال عدسات الحداثة الغربية الحصرية التي تشكلت في بوتقة مشوهة للقومية الأوروبية”.

وبحسب التقرير حذر جنكينز من الإسلاموية التي تمثل الإخوان مركزها؛ لأنها شأنها شأن باقي الآيديولوجيات الشمولية والمناهضة للعقلانية والسلطوية، تمثل تحديًا آيديولوجيًا عميق للمفهوم الغربي الحديث للدولة العقلانية ومبادئها التأسيسية، ما يضع بايدن وإدارته على المحك.

وأضاف التقرير أن السؤال المطروح الآن هو حول استجابة فريق بايدن للسياسة الخارجية والأمن القومي، بقيادة وزير الخارجية توني بلينكين ونائبه ويندي شيرمان، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ومدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز، ومدير المخابرات الوطنية أفريل هينز لنصيحة جنكينز.

وبين التقرير أن هذه الإدارة يجب أن تقر بمركزية سجل الإخوان وآيديولوجيتها الأساسية التي تسلط الضوء على التصميم الكبير لتأسيس مجتمع إسلامي عالمي غير فاسد، واستبدال الهيمنة العالمية الغربية والاستسلام لله وللقرآن، ورفض وإسقاط كل الأنظمة القومية الإسلامية وغير الإسلامية بالسياسة والعنف والاستشهاد.

وأضاف التقرير أن ما يتم الحديث عنه لا يمثل مُثُلًا فحسب؛ لأن الجميع يعرف جهود الإخوان السياسية والإرهابية لإسقاط الأنظمة في عدة دول عربية وإسلامية، مؤكدًا أن كل هذا لا يلغي مهارة الإخوان الفائقة في تشويش الغرب من خلال عملياتها ذات الشقين، البوصلة السياسية والمحرك العملياتي التخريبي والإرهابي.

وبين التقرير أن المحرك يحدد الرؤية الإستراتيجية وتنفيذها، في حين تسهل البوصلة الديبلوماسية والسياسة وجمع الأموال، مؤكدًا أن كل هذا لم يمنع صناع السياسة في إدارة بايدن من التأكيد على أن الإرهاب الإسلامي مدفوع بشكل عام باليأس، وأن الإخوان والعديد من المنظمات لا يمتون للعنف بصلة.

وأضاف التقرير أن هؤلاء ينظرون للإخوان على أنها ذات صبغة سياسية بطبيعتها وتسعى للعدالة وحقوق الإنسان والحرية، مشيرًا إلى أن هذه الصبغة تم التعبير عنها في وثيقة نشرتها مؤسسة كارنيغي للسلام التي تعكس وجهة نظر أميركية؛ لأن رئيس المؤسسة حتى وقت قريب هو مدير وكالة المخابرات المركزية ويليام بيرنز.

وأوضح التقرير أن سياسة العام تجاه الإخوان 2021 تتوافق مع نظيرتها التي انتهجها الرئيس الأميركي الأسبق جيمي كارتر تجاه روح الله الخميني المنفي في العراق، ومن ثم لاحقًا الكويت وفرنسا، الذي كان يُنظر إليه على أنه معارض سياسي سلمي مضطهد من قبل شاه إيران.

وأضاف التقرير أن هذه النظرة ساعدت الخميني للصعود إلى السلطة وطعن الشاه الموالي للولايات المتحدة في ظهره، وتحويل إيران إلى بؤرة عالمية للإرهاب المناهض للغرب والمناهض للسنة، وبوابة لنشر التقنيات العسكرية غير التقليدية؛ ما يعني أن بايدن وإدارته يرون أمكانية للتعامل مع النظام الإيراني.

وأشار التقرير إلى أن إدارة بايدن ترى في رجال الدين في إيران وبغض النظر عن سجلهم الذي لا يرحم باستمرار مفاوضين موثوقين وشركاء محتملين في التعايش السلمي وتقاسم النفوذ مع جيرانهم العرب السنة، وقادرين على إنهاء القمع الداخلي والتنصل من رؤيتهم الدينية المتعصبة بجنون العظمة.

وأضاف التقرير أن فريق بايدن يفترض أن التنازل عن الخيار العسكري الأميركي يشكل شرطًا أساسيًا لإجراء مفاوضات بناءة مع هؤلاء المارقين؛ لأن هذا الفريق لعب دورًا رئيسًا في بدء وصياغة الاتفاق النووي لعام 2015، مع رغبة جادة في العودة لهذا الاتفاق خلال العام 2021 بعد التعديل.

ونبه التقرير إلى مشاركة ذات الفريق في قيادة عملية احتضان الإخوان في مصر عامًا والتخلي عن مبارك الموالي للولايات المتحدة على أساس السجل السيء للأخير في مجالات حقوق الإنسان والديمقراطية، ما فتح المجال أمامهم لتخريب جميع أنحاء المنطقة بدعم من النظامين القطري والتركي.

وأضاف التقرير أن هذا الأمر يبدو سيتم تكراره، من التآمر على نظام الرئيس السيسي ومغازلة الإخوان، وهو ما قاد سابقًا وسيقود لاحقًا إلى تآكل مصداقية الولايات المتحدة وموقفها مع الأنظمة العربية الموالية لها، مؤكدًا أن ذات الأمر تكرر في ليبيا وتم التخلص بذات الذريعة من نظام العقيد الراحل القذافي.

وتحدث التقرير عن مهندس ما جرى في ليبيا عام 2011، وهم فريق بايدن ذاته الذي تسبب دعمه للإخوان في تفكك ليبيا وانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان وتحويل البلاد إلى منصة للحروب الداخلية والإرهاب الإسلامي العالمي، وهو ما يحتم وفقًا لجنكينز إعادة النظر في واقع الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.

وأضاف التقرير نقلًا عن جنكينز أن الإخوان يستمرون في تهديد الأساس التأسيسي لمعظم الدول ذات الأغلبية المسلمة المعاصرة، فالإسلاميون ثوريون بالمعنى الأساسي للكلمة، وأن تاريخ الشرق الأوسط حافل بالأمثلة التي تبين الحقيقية التدميرية للثورات؛ لأن ما يلي ذلك ليس تقدميا بل تراجعيا.

ووفقًا للتقرير فإن جماعة الإخوان التي تأسست على يد حسن البنا في مصر عام 1982 كانت جماهيرية تأسيسية للإسلاموية المعبأة، من خلال تصوير الجهاد على أنه مبدأ اجتماعي بالدرجة الأولى يتم من خلال الوعظ والإقناع إلا أنها سرعان ما تحولت إلى أداة للترويج لفن الموت.

وأضاف التقرير أن فكر الإخوان يحث أتباعه على ازدراء الحياة، مع إدعاء مفاده أن الشهادة النهائية لا يمكن تحقيقها إلا من خلال الموت في خدمة الإله، وهو ما صاغ لاحقًا لعقيدة القوة البدنية المسلحة وفكرة مهاجمة السلطة عبر تشكيل قوات شبه عسكرية وتنفيذ الهجمات العنيفة.

وبين التقرير أن الاغتيالات ضد رموز الحكومة المصرية وكتابات سيد قطب التي تمثل واحدة من أهم آيديولوجيات الإخوان وأكثرها بروزًا ومركزية باتت أمرًا عاديًا اليوم، وتستخدم لتبرير أشكال متعددة من العنف الإسلامي؛ فالإسلام السياسي للإخوان يرفض معظم الأنظمة السياسية القائمة باعتبارها غير إسلامية.

وأضاف التقرير أن الإخوان تعطي مساحة صغيرة للتسامح والاختيار والحريات الفردية التي يدعي الغرب قيمتها، وليس لديها التزام بالاختيار الديمقراطي باعتباره التعبير الأساسي لمجتمع سياسي، وترفض ما تعتبره القوى الغربية المساواة القانونية البديهية للأفراد بغض النظر عن الجنس أو الدين.

وأوضح التقرير أن الإخوان معادية للسامية وللمثليين، ومن غير المرجح أن يعزز نهجها في التعليم والتماسك المجتمعي الشمولية؛ فهي ساعية بالأساس للسلطة، وهو ما يطرح تساؤلًا حول إمكانية استفادة الرئيس الأميركي جو بايدن وفريقه للأمن القومي والسياسة الخارجية من تحليل جنكينز أو تجاهله.

وأضاف التقرير أن هذا التحليل الفريد من نوعه للشرق الأوسط بشكل عام والإخوان بشكل خاص يثير استفهامات عدة، من أبرزها حول فرضية استمرار هؤلاء في محاولاتهم لإخضاع الشرق الأوسط والمناطق الأخرى بأسلوبهم الغادر المبني على الاستبداد والتعصب والعنف، وكل ما هو غير متوقع في جوهر القيم الغربية النبيلة.

ترجمة المرصد – خاص

Shares