القماطي: الثورة المضادة بدأت في مصر وتتجه إلى ليبيا.. وأمامنا فرصة ذهبية لشراكة حقيقية مع تركيا لتدعمنا

ليبيا – هنأ رئيس حزب التغيير والمبعوث الخاص لرئيس الرئاسي لدول المغرب العربي جمعة القماطي كل الليبيين بما وصفها بـ”الذكرى العاشرة للثورة “، متمنيًا أن تكون الذكرى محطة فاصلة بين الآلام والأوجاع والحروب والاقتتال والصراع، لتدخل البلاد بمرحلة جديدة من السلام والاستقرار والمصالحة الوطنية، وانطلاق بناء مشروع الدولة المنشودة المدنية الديمقراطية حسب تعبيره.

القماطي وجه خلال تغطية خاصة أذيعت على قناة “ليبيا بانوراما” أمس الأربعاء وتابعتها صحيفة المرصد كلمة لأهالي المنطقة الشرقية، خاصة بنغازي قائلًا: “هي شرارة الثورة التي انطلقت منها الثورة في فبراير وأهلنا في طبرق واجدابيا والمرج، هذه المدن غالية علينا ويؤسفنا أنه في السنوات الأخيرة، عاد أهلها يعانون من قبضه أمنية شرسة لا يستطيعون التعبير والاحتفال بحرية في الثورة التي كانوا سباقين بالمشاركة فيها، وكذلك أهلنا في الجنوب بسبها التي حاول أبناءها الاحتفال وقام الجبناء بقصفهم بقذائف الهاون” حسب زعمه.

ورأى أن “ثورة فبراير” أنهت ما وصفه بـ”نظامًا استبداديًا شموليًا شرسًا حكم بالقبضة الأمنية والحديدية ما يقارب الـ 42 سنة” (النظام السابق) وحققت أكبر وأهم انجاز وهو ما وصفه بـ”الحرية الحالية”، مشيرًا إلى أن نظام الحكم يجب أن يكون من خلال نظام ديموقراطي يختار فيه الشعب من يحكمه لفترات محددة، ويعود مرة أخرى لصناديق الاقتراع لينتخبه من جديد أو يختار غيره، مع العلم أن الدول المتقدمة المتطورة التي وصلت لدرجات عالية جدًا من التنمية البشرية والازدهار لم تفعل ذلك إلا عندما استقرت لديها الأنظمة الديمقراطية في الحكم، على حد تعبيره.

وزعم أن الأنظمة الديمقراطية لا تبنى إلا من خلال الأحزاب السياسية، بالتالي “القذافي” (العقيد الراحل معمر القذافي) شوه أجيالًا من الليبيين بمقولات شيطانية مغلوطة تمامًا، عندما اعتبر أن الحزبية اجهاض للديمقراطية وفقًا لحديثه، مشيرًا إلى أن الأحزاب السياسية أمر ايجابي وليس سلبيًا.

وتابع: “أعتقد أن 42 سنة من الاستبداد ومنع من الحياة الحزبية والسياسية، حتى في النظام الملكي 15 سنة من منع الأحزاب رسميًا فهذه المدة طويلة جدًا، ولا يمكن أن ننتقل في عام ونصف لممارسة حزبية وديمقراطية سليمة، نحن هدمنا نظامًا استبداديًا مهترئًا، لكن لم يكن لدينا خطة واضحة ورؤيا كيف نبني البديل بسرعة. من أخطاء المجلس الوطني الانتقالي وهو خطأ جماعي أنه لم يضع رؤيا وطنية واضحة لما بعد القذافي، ما يعني غياب المشروع الوطني وكيفية ملء الفراغ بسرعة، فقد كان على المجلس الانتقالي ومصطفى عبد الجليل قبل خطاب التحرير في أكتوبر أن يخرجو ويدعوا جميع أفراد الشرطة للالتحاق بمراكز شرطتهم والجنود والضباط، والعمل على حفظ الأمن والأمان والدخول بمرحلة مصالحة وطنية بسرعه لإنهاء الانقسام”.

وأضاف: “كان بالإمكان لمن قاد سياسيًا عام 2012/ 2013 في ذلك الوقت أن يقوم بالكثير ويجنبنا المشاكل التي تصاحبنا الآن، غياب الحكمة السياسية ورجال الوطن والدولة الحقيقيون أدت لوقوع أخطاء، قضية الدستور أنا قلت إنه طالما لدينا مؤتمر عام منتخب من الليبيين لندعه يشكل لجنة قانونية من الخبراء وعلماء السياسة، ليضعوا مسودة الدستور وطرحها على الشعب للاستفتاء”.

القماطي اعتبر أن ما وصفها بـ”الثورة المضادة” بدأت شكليًا ورسميًا في 14 فبراير 2014، لكن فعليًا التخطيط لها كان في عام 2013، مشيرًا إلى أن “الثورة المضادة” مشروع تبنته مجموعة من الدول العربية الخليجية التي رأت في انتشار الديمقراطية الحقيقية في العالم العربي خطرًا كبيرًا جدًا على عروشهم وحكمهم، وبدأوا يخططون لإفشالها وأول نجاح لـ”الثورة المضادة” كان في مصر، بغض النظر عن أي توجه ينتمي له محمد مرسي في مصر، على حد تعبيره.

وزعم أن أكبر تحدٍ وخطر واجهتها فبراير في ليبيا هي الثورة المضادة وظهور حفتر وانقلابه، بحسب وصفه. مشيرًا إلى أنه وبعد 10 سنوات وصلت ليبيا لمحطة مفصلية تبشر بالخير.

وأردف: “اختيار خليفة حفتر ليس عبثيًا على الإطلاق، هذه الدول بمخابراتها ومستشاريها الأمنيين من العالم يقومون بدراسات وتدقيق للأشخاص الذين يختارونهم، وهم وجدوا بحفتر ضالتهم. إنسان أهوج لا يحترم الآخر ودموي يحب أن ينفرد بالسلطة، وعسكريًا ليس شخصًا منضبطًا، هم هيئوا له الأجواء من خلال الدعم المالي والاستخباراتي والضخ الإعلامي لخدمة مشروع حفتر وأدواتها ليبيون، ودعم عسكري ولوجستي وربما بأموال ليبيا، للأسف هناك أطراف محلية ليبية نتيجة لضيق الأفق والحسابات الضيقة والصراعات السياسية انحازت لمشروع حفتر، نحن قاومنا مشروع الثورة المضادة خاصة في المنطقة الغربية، بحكم الكثافة السكانية والمدن التي لها تاريخ كبير في الجهاد واحتضنت ثورة فبراير وضحت بالغالي والنفيس”.

ولفت إلى أن “ثورة فبراير” هي ثورة الليبيين الذين ضحوا ودفعوا الثمن الغالي والنفيس وليس ثورة الناتو، وفرنسا هي أكذوبة، مبينًا أن الدور الدولي كان في التدخل من الجو وتطبيق قرار الأمم المتحدة في حماية المدنيين بجميع الوسائل، وكان التدخل الجوي لمنع كتائب القذافي من قتل الليبيين على حد قوله، بالتالي من أسقط النظام هم الليبيون، ومن هذا المنطلق شعر العرب والمسلمون وكثير من الشعوب في العالم بالاعتزاز والفخر بالشعب الليبي.

كما أوضح أن المجتمع الدولي وبعد التحرير مباشرة أدار ظهره وتخلى عن الليبيين، في ظل حاجتهم لبناء مؤسسات أمنية وملء الفراغ بسرعة، ووضع رؤيا للدولة الجديدة وتفادي كل الأخطاء، مضيفًا: “عام 2020 استنجدنا بأخوتنا وأصدقائنا، وتربطنا معهم روابط في التاريخ والدين والعقيدة، وهم أخوتنا الأتراك، والتاريخ يعيد نفسه فقد دعمونا وأرسلوا لنا الطائرات والتدريب وكل ما نحتاجه وانتصرت طرابلس على حفتر. الآن أمامنا فرصة ذهبية بأن ندخل في شراكة حقيقية واستراتيجية مع تركيا لتدعمنا في إعادة بناء المؤسسات والدولة وتحقيق الاستقرار والأمن”.

أما بشأن المرحلة القادمة والسلطة التنفيذية الجديدة فعلق بالقول: “هناك من يقول أن الحكومة لن تلتزم بوعودها، وهناك شخصيات كل همها الاستمرار في السلطة والمناصب وكسب الغنائم، وهذا يتعارض مع بناء دولة ديمقراطية مدنية، بالتالي نريد أن نفترض حسن النوايا، وشخصيًا أعرف محمد المنفي هو شخصية وطنية بامتياز، وكل الثقة فيه وعبد الحميد الدبيبة رجل أعمال وإداري، وأعتقد أن إنجازاته على مستوى الخدمات ستكون سريعة، بحكم أنه يأتي من القطاع الخاص، لكن هناك مخاوف حقيقية أن هناك قوة وتيارات في ليبيا لا تريد الانتقال للدولة؛ لأنها تعيش في هذه الفوضى فهي بيئة مناسبة لهم للنهب والسرقة وممارسة فسادهم، وهذه القوى هو العدو الداخلي ولا بد من التكاتف جميعًا لمنعهم”.

وبيّن أن الانتقال من الثورة للدولة مهم جدًا، مؤكدًا على أن الدولة المدنية للجميع والدستور يقف على مسافة واحدة من كل المواطنين، ولا يهمه توجههم ولونهم، وفقًا لقوله.

واعتقد أن خارطة الطريق يجب أن تبدأ من الذهاب لانتخابات برلمانية في أسرع وقت، وتشارك فيها الأحزاب. أما بشأن موضوع مسودة الدستور فمن الأفضل عدم إقحامها بالاستفتاء الآن؛ لأن هناك مكونات لديها تحفظات كبيرة على المسودة، ولا يجب فرضها عليهم بالقوة، بالتالي يجب ترحيل المشروع للبرلمان القادم الذي سيكون واحدًا موحدًا، وتستمر هيئة صياغة الدستور في عملها وتتعاون مع البرلمان لحل إشكاليات مسوّدة الدستور بالدخول بحوار مع الفئات التي لديها تحفّظ على مشروع الدستور.

وفي الختام قال: “نحن في حزب التغيير سننطلق بمبادرة الدخول في حوار مع هذه المكونات حول المسودة، ولا نريد دستور مغالبة، بالنسبة للانتخابات الرئاسية أنا لست معها قبل وجود دستور دائم، يمكن للبرلمان القادم أن ينتخب رئيسًا بشكل غير مباشر بصلاحيات محدودة؛ لأن ليبيا ليست جاهزة لتسليم السلطات لشخص واحد”.

Shares