تقرير أميركي يسلط الضوء على شبهات فساد في ملف الاعتمادات المستندية بمصرف ليبيا المركزي

ليبيا – أعدت مؤسسة “غلوبال ويتنيس” الأميركية تقريرًا حول حجم الفساد الكبير الذي يشوب ملف فتح الاعتمادات المستندية في ليبيا وتورط جماعات ملسحة فيه.

التقرير الذي تابعته وترجمت أبرز مضامينه صحيفة المرصد، أكد تورط جماعات مسلحة عدة في هذا الملف، في إطار الصراع على موارد الدولة فيها؛ للاستفادة منها في تمويل أنشطتها، مبينًا أن نشر التقرير يأتي في إطار مساعدة مجموعات المجتمع المدني والصحفيين والمواطنين لتتبع الأموال والأماكن التي تذهب إليها.

وأوصى التقرير بوجوب تحلي الجهة التي تتولى توزيع النقد الأجنبي بين الليبيين بالشفافية الكاملة لبناء الثقة في المؤسسات، ولردع أي عمليات احتيال أو تلاعب؛ فضلًا عن إعادة النظر في دور المصرف المركزي فيما يتعلق بالمساءلة والرقابة المرتبطة بإدارتها للأموال العامة في ليبيا.

وشدد التقرير على وجوب تعزيز المصرف المركزي لآليات مكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، من خلال متابعة حركة الأموال الواردة والصادرة إلى ليبيا ومنها، لإعادة الثقة للمواطنين بنظامهم المصرفي وأموالهم، متطرقًا لمثال فضيحة ما يسمى بالمغسلة الروسية لغسيل الأموال.

وأكد التقرير أنه يتعين على المصرف المركزي أن يستمر في الإفصاح عن المعلومات بشكل مجاني حول الاعتمادات المستندية، وأن يوسع ويحسن آليات القيام بذلك، من خلال نشر بيانات بتنسيق يمكن قراءته آليًا عبر معرفات فريدة، والكشف عن الشركات الخارجية التي تبيع البضائع المشتراة باستخدام الاعتمادات.

وأضاف التقرير أن هذا الكشف يمثل وسيلة لتحديد أنماط السلوك المشبوهة والصفقات التي يحتمل أن تكون احتيالية أو تدل على غسيل الأموال، فيما يجب أن يكشف المصرف أيضًا عن اعتمادات السلطات العامة والمصارف المراسلة التي تؤكد صفقات الاعتمادات.

وبين التقرير أهمية ربط عمليات الإفصاح عن الاعتمادات المستندية بالسجلات التي يمكن للجمهور الوصول إليها للملكية المفيدة لجميع الشركات التي تتضمن الخطابات أو عقود مشتريات عامة، ما يجعل الامتثال لنظام الإفصاح عن الملكية النفعية شرطًا لتلقي الاعتماد.

وبحسب التقرير تخسر ليبيا ملايين الدولارات سنويًا بسبب الاحتيال في استخدام منظومة الاعتمادات المستندية للمصرف المركزي، التي تمثل جانبًا مهمًا لتلبية واردات البلاد، كاشفا عن استغلال الاعتمادات وعبر استخدام النظام المالي البريطاني الحافل بالثغرات لتبييض الأموال، وغيرها من الجرائم المالية.

واستشهد التقرير بمعلومات مالية نشرها المصرف المركزي لاعتمادات متسندية بقيمة تقارب المليارين ونصف المليار دولار، تم فتحها في الفترة الممتدة بين شهري إبريل ويوليو من العام 2020، فضلًا عن الاستناد على مقابلات أجريت مع مصادر وصفها التقرير بالسرية.

وأشار التقرير إلى أن الغرض من كل هذا هو الإجابة على تساؤلات عدة مفادها: “كيف تصرف أموال الاعتمادات المستندية في ليبيا؟ وكيف أثرت منظومة منحها على توازن القوى بين المؤسسات؟ وما إذا كانت العناية الواجبة لمكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب لدى مصارف بريطانيا قوية بما فيه الكفاية؟”

وبين التقرير أن القوة الكافية لهذه العناية مطلوبة للتفريق بين الاعتمادات المستندية الحقيقية والعائدات المتأتية من الجريمة، مشيرًا إلى أنه ولغاية نوفمبر من العام 2020 تم الطلب من المستوردين استعمال منظومة الاعتمادات المستندية، وإدراج شركة أو كيان في قاعدة بياناتها.

واستدرك التقرير بالإشارة إلى أن الغرض من إعداده ليس توجيه الاتهامات بإرتكاب أفعال غير قانونية أو الاشتباه بذلك، مبينًا أن هذا الاستدراك لا يمنع بروز حقيقة مفادها أن العدد الهائل من الاعتمادات المستندية يشير إلى وجود جريمة مالية سارية في منظومتها.

وأضاف التقرير أن الخزينة العامة تتكبد الكثير، فالاعتمادات الصادرة في الفترة الممتدة بين الشهرين الـ4 والـ7 من عام 2020 فاقت الطلب على بعض السلع، فاللحم الذي تم استيراده على الورق على مدار 13 أسبوعًا تجاوزت كمياته المطلوب منه سنويًا خلال الأعوام 2016 و2017 و2017 كلًا على حدة.

وتطرق التقرير إلى الاعتمادات المستندية المستخدمة في التعاقدات الحكومية عبر الاستشهاد بشركة عربية كان من المفترض أن تورد مولدات طاقة بقيمة 110 مليون دولار، وتمويل المبلغ من مصرف مملوك لليبيا في بريطانيا، قبل أن يتم وقف هذا الاعتماد للاشتباه في الفساد.

وتحدث التقرير عن تولي مسؤولين كبار في المصرف المركزي مناصب إدارية في مصارف تجارية مملوكة من ليبيا في الخارج، وهو ما يؤشر إلى حالة من التضارب الصريح في المصالح، فمعظم الاعتمادات المستندية تدخل النظام المالي الدولي عن طريق مصرف “انترناشيونال  بي أيل سي أي بي سي” ومقره بريطانيا.

وأوضح التقرير أن هذا المصرف تجاري ومملوك أغلبية أسهمه بشكل غير مباشر للمصرف المركزي، ويرأسه المحافظ الصديق الكبير، مبينًا أن ليبيا تمتلك شبكة من مصارف تجارية تمتد عبر 5 قارات، فيما رفض “أي بي سي” المخاوف الصادرة عن المؤسسة؛ لأنه يعمل وفق معايير عالمية للحد من الجرائم المالية.

ترجمة المرصد – خاص

Shares