الشركسي: نريد نوعًا من التوازن بين رئيس منتخب وبرلمان لديه الصفة التشريعية والرقابية فقط

ليبيا – قال عضو لجنة الحوار السياسي أحمد الشركسي إن القاعدة الدستورية لا تشمل عادة اللوائح الانتخابية؛ لأنها تكون مشمولة بقانون الانتخابات وليس قاعدة دستورية، مبينًا أن القاعدة الدستورية قد تكون فصلًا من الدستور أو دستورًا مؤقتًا، وفي ليبيا الحديث عن قاعدة دستورية يعني تعديل في الإعلان الدستوري.

الشركسي أشار خلال مداخلة عبر برنامج “مناظرة” الذي يذاع على قناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا وتمولها قطر أمس الإثنين وتابعتها صحيفة المرصد إلى أن الدستور هو القانون الأعلى الذي يحدد القواعد الأساسية لشكل الدولة، سواء كانت بسيطة أو مركبة، وسواء كان الحكم ملكيًا أم جمهوريًا، وشكل الحكومة. مع العلم أن معظم دول العالم رئاسية أو شبه رئاسية، بحسب قوله.

وأضاف: “فيما يتعلق بأنه لا أحد اليوم مخول أن يفرض نظام حكم أو شكل الدولة على الشعب الليبي، بالتالي ما يفرض ذلك هو الدستور الدائم الذي يتم الاستفتاء عليه من الشعب، ولسنا في معرض الحديث عن الاستفتاء الشعبي؛ خصوصًا عندما نتكلم عن هذه المسودة التي بين أيدينا، هذه المسودة التي قاطعها طيف من الشعب الليبي واعترض عليها بعد إصدارها طيف من الشعب، قدم فيها عدة طعون دستورية من أعضاء الهيئة انفسهم حتى لو حكمت المحكمة ببطلان هذه الدعاوى، ولكن يبقى أنها قدمت فيها طعون”.

وأكد على ضرورة التفريق ما بين أن يكون هناك دولة دستورية وبين دولة فيها دستور، فليبيا قد تكون فيها دستور ولكن الدولة الدستورية لا تكون كذلك، فالدستور يعني توافقًا وطنيًا يحظى برضى أغلب الشعب، بالتالي المسودة الموجودة ليس بإمكان الآن الفصل فيها، لا عبر ملتقى الحوار السياسي أو من خلال مجلسي النواب والدولة أو المحاكم؛ لأنه لا يوجد دستور يفرض بالقوة، وفقًا لحديثه.

واعتبر أن فرض الدستور بالقوة يعني تجذيرًا للانقسام وتعقيدًا للمشهد أكثر مما هو عليه، مضيفًا: “عندما نتجه للقاعدة الدستورية يعني فعلًا نريد انتخابات، لذلك بدأ الحديث عن قاعدة دستورية، ملتقى الحوار السياسي ليس ملتقى منتخبًا، ولم تسمه ستيفاني وليامز، بل فيه 34 أعضاء من مجلسي النواب والدولة، وكذلك فيه مستقلون لكنهم ليسوا نكرات، بل لديهم تأثير بشكل أو بآخر في أوساطهم”.

كما رأى أن لجنة الـ 75 عبارة عن جسم ثانوي يحاول سد الثغرات التي قد يسببها الخلل الناتج عن تباطؤ مجلسي النواب والدولة في أن يقوما بمهامها، وهذا ما حصل في تغيير المجلس الرئاسي، حتى فيما يتعلق بالقاعدة الدستورية، فاليوم لا يوجد قاعدة دستورية من مجلس النواب؛ لذلك بادر ملتقى الحوار السياسي محاولًا إنتاج قاعدة دستورية وهي قاب قوسين أو أدنى من أن تخرج للعلن.

وتابع: “القاعدة الدستورية يعني الذهاب لانتخابات رئاسية وبرلمانية، والخلاف داخل الملتقى أن تكون الانتخابات الرئاسية مباشرة أم غير مباشرة، من يقول إن الانتخابات الرئاسية لا بد أن تكون غير مباشرة ويخشى أن تكون هناك صلاحيات مطلقة لرئيس قد ينتخب ولكن يصبح ديكتاتورًا، ويقولون لا بد أن ينتخب الرئيس بشكل مباشر عن طريق الدستور، ولا ينتخب عن طريق القاعدة الدستورية، وهذه حجة رددنا عليها داخل ملتقى الحوار السياسي. الديكتاتوريون في المنطقة هم رؤساء انقلبوا على دساتير وليسوا رؤساء انقلبوا على قواعد دستورية، بالتالي حجة أننا لا بد من وجود دستور لننتخب رئيسًا بشكل مباشر أعتقد حجة غير منطقية، مع احترامنا لمن يرى ذلك”.

وشدد على ضرورة اجراء انتخابات برلمانية لإزالة “أجسام التأزيم” في المشهد التي لن تنتج حلًا ولا تريد إنتاجه، لذلك لا بد من خروجها ومن ثم التوجه للخطوة التي تليها مباشرة، منوهًا إلى أن الاستفتاء على الدستور فيما يتعلق بالرئيس لا بد أن ينتخب بشكل مباشر، وإن كان هناك تخوفات يمكن إزالتها عن طريق صلاحيات الرئيس.

وأضاف: “مخرجات فبراير في القاعدة الدستورية التي أنتجتها لجنة فبراير في باب السلطة التنفيذية يتكلمون عن صلاحيات الرئيس ونستطيع الحد منها وتقسيمها ما بين البرلمان والرئيس، ووضع رقابة ما بين السلطتين، ونذهب للأمام؛ لكن اللقاء محلك سر، ونعاود النقاش الذي كان في 2014، وندخل في التيه من جديد وأعتقد أنه غير مناسب”.

الشركسي شدد على أنه لا يحق لأحد أن يفرض على الشعب الليبي الشكل الدائم للدولة إلا دستور يتم الاستفتاء عليه شعبيًا، بالتالي الشعب الليبي هو أولى بمن يحقق هذا الأمر ويختار شكل الدولة الذي يريده في المستقبل، موضحًا أن الحديث عن قاعدة دستورية يعني الحديث عن دستور موقت يحكم لفترة مؤقتة إلى حين مرحلة الاستقرار.

وبيّن أن التوجه لقاعدة دستورية ومرحلة مؤقتة أخرى يعود إلى وجود الأجسام الحالية في الساحة السياسية والمسيطرة على القرار والتي تعتبر أجسام تأزيم تضع العراقيل أمام أي حلول جذرية للمشكل الليبي، مؤكدًًا على ضرورة إزالة هذه الأجسام كأول خطوة ومن ثم الحديث عن دستور دائم يوضح شكل الدولة.

وأردف: “لا يوجد أحد يضمن المستقبل. نحن بين أمرين، إما استدامة الوضع الراهن وبقاء الأجسام الموجودة على الساحة والسيادة في التأزيم، وبين أن تغامر قدر الإمكان وتحاول تحسين المشهد في المستقبل ويجب أن تختار. لا أن نكرر نفس الخطوات ونطالب نتائج مختلفة، خلال انتخابات المؤتمر الوطني العام وانتخابات مجلس النواب من المفترض أننا أدركنا عددًا من الأخطاء التي لا بد أن نتجاوزها ولا نقع فيها، نحتاج أن نحدث نوع توازن في السلطة باستحداث انتخابات رئاسية مباشرة من جديد، أما وضع سلطة مطلقة في يد البرلمان فأعتقد أننا سنكرر نفس الأخطاء حينها”.

واستطرد في حديثه بالقول: “النظام الرئاسي هذه تجربة داخلية محلية وجدنا أنه عندما كانت السلطة بين يدي مجلس النواب عرقل العملية السياسية، بالتالي لا بد أن نحدث نوعًا من التوازن ويكون جزءًا من الصلاحيات عند الرئيس، لا نستطيع أن نتكلم عن مرحلة قادمة بمعطيات محلية، لا نريد أن يتكرر ما حدث مع السراج بأن تكون لديه سلطة تنفيذية مطلقة ولا نريد أن يحتكر مجلس النواب السلطات التنفيذية وهو من المفترض أن يكون جسمًا تشريعيًا، بل نريد أن نحدث نوعًا من التوازن بين رئيس منتخب لديه صلاحيات ومجلس نواب لديه الصفة التشريعية والرقابية فقط”.

ولفت خلال مداخلته إلى أن هناك مخاوف من فكرة الاستفراد بالسلطة، فعقيلة صالح استفرد بالبرلمان وخالد المشري استفرد بالسلطة داخل مجلس الدولة الاستشاري؛ لأنه لا يوجد هناك توزيع للصلاحيات قدر الإمكان يضمن ألا يتجاوز أحد هذه السلطات عن باقي الأفراد، مضيفًا: “نريد قدر الامكان تحسين المشهد السياسي”.

واختتم حديثه قائلًا: “عندما نتكلم عن المال الفاسد والحملات الدعائية التي ستدار بالمال الفاسد، ما الفرق بين الرئاسية والبرلمانية؟ الآلية التي توضع لمراقبة الانتخابات البرلمانية هي من المفترض أن توضع للانتخابات الرئاسية، ولا بد أن تكون هناك شراكة حقيقية ما بين المفوضية العليا للانتخابات والمراقبين المحليين حتى الأمم المتحدة لمراقبة الدعاية والمصروفات وعملية الفرز، بالتالي التخوفات الموجودة من المال الفاسد فيما يتعلق بالانتخابات الرئاسية لا بد أن تكون موجودة فيما يتعلق بالانتخابات البرلمانية”.

ورأى أن ليبيا دولة مركّبة، بالتالي النظام الفيدرالي هو الأنسب لشكل الدولة، وهذا يحكمه الدستور الذي سيستفتى عليه الشعب، بحسب قوله.

Shares