الروياتي: فرنسا قادرة على خلق أزمة دائمة في ليبيا إن لم تأخذ حصتها أو تحقق مصالحها

ليبيا – اعتبر القيادي في مدينة مصراتة والناطق باسم المركز الإعلامي لـ”عملية البنيان المرصوص” التابعة لرئاسي الوفاق أحمد الروياتي أن صحيفة لوموند الفرنسية جاهرت بالأخطاء الاستراتيجية التي قادتها فرنسا منذ عقود في تعاملها مع القضايا الرئيسية شمال إفريقيا وجنوب الصحراء.

الروياتي قال خلال مداخلة عبر برنامج “حتى الآن” الذي يذاع على قناة “ليبيا بانوراما” أمس الأربعاء وتابعتها صحيفة المرصد: إن فرنسا تاريخيًا تتعامل مع هذه الدول كأنها تابعة لها، وتحاول استعمال آلية اللعب على التناقضات وخلق التشكيلات المسلحة لكي تتضارب وتجعل المنطقة دائمًا في حالة فوضى جزئية تستطيع دائمًا أن تسيطر عليها وتتحكم فيها، عبر تنسيب حاكم لهذه الدول يكون تابع وممرر لمصالحها منذ عقود.

وأشار إلى أن صحيفة لوموند نبهت فرنسا بأن الخطأ أصبح إستراتيجيًا أمام التعاطي وتزايد تعاطي المجتمعات مع الحريات، بالتالي دعم المجموعات المسلحة لخلق القلاقل وتغير التكتيكات داخل الدول ربما في لحظة ما ستنقلب على فرنسا، وهذا ما بدأ تحديدًا في تشاد بحسب قوله، زاعمًا أن فرنسا استعملت الاستراتيجية لمحاولة دعم ما وصفه بـ”تيار الكرامة حفتر” (القوات المسلحة الليبية) للوصول للسلطة لخلق حليف جديد تابع لها في ليبيا وتمرير مصالحها فإذا بها تخسر.

وأضاف: “ما خلق شبه الانقلاب في تشاد نتيجة للمجموعات المسلحة التي أصبحت مضخمة عن طريق التسليح والتجنيد والذي كان سببه الرئيس الدعم الفرنسي لحفتر، الذي يستجلب هؤلاء، وغضت الطرف عليه في لحظة معينة، واليوم أصبحت في خطر كبير لا هي بإنتاج شيء في ليبيا ولا بالمحافظة على حليفها في تشاد”.

وفي تناقض في حديثه حول ما وصفه بـ”تبعية حفتر لفرنسا” أكد أنه من الصعب عل الأخيرة إخراج “حفتر” (القائد العام للقوات المسلحة المشير حفتر) من عباءة روسيا من خلال ذراع سياسي أو عسكري أو تحالفات مع واشنطن وتركيا أو غيرها، منوهًا إلى أن فرنسا من الدول القوية التي كان لها نفوذ في ليبيا تاريخيًا، وما زال موجودًا وهو يتصاعد ويخفت حسب التعاطي المرحلي.

وأفاد أن فرنسا تقامر كغيرها من الدول في الدخول في مشاريع خلال الأحداث المتوترة، ولا شك أن فرنسا في المرحلة الماضية خسرت ولم تعد من الدول الأولى ذات النفوذ الحقيقي مع السلطات المتنفذة في ليبيا، وهي إحدى الدول التي خسرت في الملف الليبي، بحسب زعمه.

كما تابع: “هذه تجربة لا شك أن الساسة الفرنسيين يضعونها أمام أعينهم اليوم، وفرنسا لن تدعم أي خيار عسكري قادم؛ لأن التجربة أعطتها وبينت لها أنه لن يكون هناك منتصر في ليبيا، بمعنى نشوب أي حرب ودعم أي طرف سيقابله دعم دولي للأطراف الأخرى، وسيكون هناك فوضى أولى من سيكتوي بها هي فرنسا وإيطاليا، موضوع إمكانية أن تخرج الروس صعب؛ لأن النفوذ الروسي بدأ يتصاعد قي الشمال الأفريقي وجنوب الصحراء. شخصيًا لست من مؤيدين نبذ فرنسا؛ لأنها بإمكانها الإفساد وخلق أزمة دائمة في ليبيا إن لم تأخذ حصتها، والتعاطي العقلاني والدبلوماسي مع فرنسا موجود”.

ونوّه إلى أن المعسكر الغربي دائمًا عندما يصل لمختنقات يعود للالتحام مرة أخرى، خاصة إذا كان المحرك الرئيس هي الولايات المتحدة، معتقدًا أنه منذ وصول جو بايدن وبدء ارتفاع جرعات الخطاب الحاد تجاه روسيا يعطي ذلك مؤشرات بأن التحالف سيكون قويًا في إخراج الروس، رغم أنه لا يمكن الفصل بين العديد من الملفات التي تتداخل فيها مصالح هذه الدول وتتقاطع بين الاتحاد الأوروبي ومنفردة، كإيطاليا وفرنسا وألمانيا وتركيا من جهة أخرى.

الروياتي بيّن أن المعطيات جميعها عندما تأخذ بالاعتبار أن ليبيا وشمال إفريقيا تحديدًا من المناطق الاستراتيجية لدول الاتحاد الأوروبي، وتشكل تهديدًا أمنيًا حقيقيًا على مستوى الهجرة والدفاع والاقتصاد يتضح أنه لا يمكنهم السماح بتغول روسي حقيقي، وفقًا لتعبيره.

واستبعد دعم فرسا لـ”حفتر” على الأمد القريب بناء على التجربة السابقة، مرجحًا أن يبقى هناك تقارب حقيقي بين دول الاتحاد الأوروبي في القضايا والملفات الليبية ليكونوا شركاء بالمعنى الحقيقي، وربما ستكون هناك منافسة على الاستثمارات والإعمار، ولن تكون هناك حركات فردية لأي دولة بعد الفشل السابق، وفقًا لحديثه.

Shares