ليبيا – اعتبر عصام عميش القيادي في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالولايات المتحدة تحت شعار وترخيص منظمات سياسية مدنية أن المشهد الليبي لا بد أن يتحرك بقوة في ظل وجود حكومة وحدة وطنية، من أجل تفعيل الإرادة الدولية للتمكن من إجراء تغيير حقيقي في المشهد.
عميش قال خلال مداخلة عبر برنامج “حتى الآن” الذي يذاع على قناة “ليبيا بناوراما” الذراع الاعلامي لجماعة الاخوان أمس الإثنين وتابعته صحيفة المرصد: “من المهم لنا أن يكون الدور التركي الأساس والأكبر؛ لأننا وجدنا فيهم حليفًا ذو ثقة واستطاع أن يقدم شيئًا أساسيًا لاستقرار الدولة المدنية وإنهاء المشروع العسكري”.
وعلق على تعيين ريتشارد نورلاند مبعوثًا خاصًا للأم المتحدة في ليبيا ورجل الديبلوماسية الأول في البلاد قائلًا: “هذا مؤشر كبير بأن الأمريكان لن يتركوا الملف الليبي حتى يحققوا فيه الأولويات الأساسية التي يريدونها، وهي تحقيق الاستقرار في المنطقة وتحجيم الدور الروسي وتحقيق نوع من الاستقرار والمصالحة بين أبناء الشعب الليبي”.
وفيما يلي نص المداخلة الكامل:
س/ كيف تقرأ الاجتماع الرابع للجنة العقوبات بمجلس الأمن والذي لم تستطيع اللجنة الخروج منه بقرارات واضحة المعالم للذهاب قدمًا في إجراء العقوبات على بعض الدول والافراد؟ لماذا العرقلة؟
ج/ إذا نظرنا لآلية الأمم المتحدة سواء مجلس الأمن فيها أو لجنة العقوبات المنبثقة من المجلس، هذه اللجان جل عقوباتها ستكون محدودة، قضايا تجميد أموال ووضع أشخاص على قائمة الحظر من السفر، لكن الأهمية هي لمدى وجود الإرادة الدولية للاهتمام بالشأن الليبي وحشد الإرادة الدولية نحو حلول من شأنها حل الأزمة، وتحرك الشأن الليبي نحو الحل، الاهتمام الدولي في ليبيا الآن كبير، ويجب أن تستفيد منه الديبلوماسية الليبية وحلفاء ليبيا الذين بالفعل يريدون الاستقرار لها وإخراجها من المأزق الذي تعيشه.
نجد المبعوث الأممي يلتقي كل أطراف النزاع الليبي وبعض الأحزاب والشخصيات المهمة ورئيس البرلمان ومجلس الدولة، وهناك رغبة دولية لإنهاء الأزمة الليبية في أفضل الطرق، وهناك دول متداخلة في ليبيا لها وجهات نظر تختلف مع ما نراه نحن مصلحة ليبيا، سواء كان تيار فبراير أو من يريد الدولة المدنية، ضمن هذا الصراع هناك اهتمام دولي حقيقي في الشأن الليبي.
لجنة العقوبات تعتبر غير قوية، ولكن تواصلها واتصالها بمجلس الأمن وقدرتها أن تقدم بعض الإرشادات والنصائح للجنة للقيام بها، وكذلك توثيق الحقائق الدامغة ضد إجرام حفتر ومن ارتكبت جرائم ومجازر ومقابر جماعية. المشهد الليبي لا بد أن يتحرك بقوة في ظل وجود حكومة وحدة وطنية، من أجل أن تفعل الإرادة الدولية حتى نستطيع إجراء تغيير حقيقي في المشهد.
جهود محاكمة حفتر، الجهد الأممي وجدنا توثيقًا للجرائم والمجازر وإيفاد فريق من أجل تثبيت هذه الجرائم، وما حصل بعدها ليس الكثير للأسف، مسار العدالة عندما يأخذ طريقه سنجد رابطًا مباشرًا بين المجرم ومن يعمل تحته من كيانات ومليشيات، حتى الورفلي ومن يأتمرون بأمره، وسنجد مسؤولية مباشرة له في هذا الأمر، ويجب ألا تترك القوى الليبية سواء الحكومة أو من يريد بالفعل استقرار المشهد المدني في ليبيا أن يحاكم الرجل.
الطرف الدولي يتلكأ للأسف، وهناك أجندات متضاربة فيه، والغطاء الروسي والفرنسي لن يجعل من تفعيل هذا الأمر سهلًا، ولكن يجب أن يستمر هذا العمل لإبعاد المجرم واستقرار المشهد الليبي.
س/ فيما يتعلق بتصريحات الطاهر السني، يعبر عن أمله أن يترجم التوافق الذي ظهر في مداخلات الدول لتطبيق عملي وملموس على الأرض ينهي سياسة الكيل بمكيالين، هل نقرأ من تصريحاته على الدول الأخرى أنها تقول ما لا تفعل؟
ج/ الطاهر السني يحاول وبقوة أن يكون الموقف الليبي واضحًا في طرحه ومطالبته، وأعرف أن السني يدرك بأن التطبيق من طرف الأمم المتحدة ليس كافيًا بأن يكون ما يحقق النجاح في المشهد الليبي، الغطاء الأممي مطلوب، والولايات المتحدة تستخدم الغطاء الأممي من أجل جمع جميع الدول المختلفة في ليبيا حول إطار سياسي واضح، لكن التحرك الأمريكي لا ينتظر الحل الدولي ولا الدول الأخرى، أن يكون ريتشارد نورلاند هو رجل الديبلوماسية الأول في ليبيا ويصبح المبعوث الخاص في الإدارة الأميركية ويكون معنيًا بالشأن الليبي سواء محليًا أو إقليميًا، ومن خلال اتصاله المباشر مع رئيس الولايات المتحدة الأميركية ومجلس الأمن القومي الأميركي، هذا مؤشر كبير بأن الأمريكان لن يتركوا الملف الليبي حتى يحققوا فيه الأولويات الأساسية التي يريدونها، وهي تحقيق الاستقرار في المنطقة وتحجيم الدور الروسي وتحقيق نوع من الاستقرار والمصالحة بين أبناء الشعب الليبي، وقضية أسواق الغاز والنفط وتخفيف المشاكل الأخرى.
لكن دون الاستناد للإطار الأممي لتستطيع أن تستخدم أدوات هذا الإطار من أجل تحجيم الأدوار السيئة لبعض الدول، أو من أجل عدم تغول بعض الأطراف على بعضها؛ لأن هذا مهم كما نراه، من وجهة نظر ليبيا مفيد لنا أن يكون الدور التركي الأساس والأكبر؛ لأننا وجدنا فيهم حليفًا ثقة واستطاع ان يقدم شيئًا أساسيًا لاستقرار الدولة المدنية وإنهاء المشروع العسكري.
الولايات المتحدة عندها وجهة نظر تختلف، وعندها ارتباط ببعض المصالح الدول الأوروبية وإعطائها مساحة قبل أن تتنازل عنها لدولة كتركيا. أمريكا عندها مصالح مختلفة مرتبطة ببعضها كالإمارات ومصر والسعودية، ولها اهتمام ببعض الملفات في هذه الدول لذلك تتنازل عن بعض التصرفات السيئة من بعض هذه الدول، لكن في النهاية هي الدول التي تحرك المشهد في ليبيا، وليس الإطار الأممي خاليًا من أدوار فاعلة لهذه الدول.
س/ هل تتوقع خروج بعض الأسماء للعقوبات الدولية أم سيبقى الحال كما هو عليه؟ والحل في ليبيا هل سيكون عسكريًا أم سياسيًا؟
ج/ بالنسبة لأسماء جديدة لا أعتقد في هذه المرحلة، لأنه المرسوم والتوجهات السياسية للحل في ليبيا مساراتها ماشية، والمعيقون إن ذكرنا مجرم الحرب ووجدناه على رأس المعيقين هو ما يزال ينظر إليه كطرف مهم في ليبيا، ولا يستطيعون أن يستغنوا عن التعامل معه في المشهد الحالي بما يملك من سيطرة على منطقة جغرافية واسعة، وعنده القوة العسكرية، عدا ذلك اللاعبون الصغار لن يضعوا أسماء كثيرة، ولن يكون لهم تأثير على المشهد.
التخوف من دخول ليبيا في حرب، أعتقد الإرادة الدولية تقف بقوة ضد احتمالية انحدار الأمور نحو الأسوأ، والحل أو المشهد العسكري لن يسمح لهذه الأطراف أن تدخل في هذه المحرقة؛ لأن الطرف الدولي لا يحتمل زيادة إطالة الوضع في ليبيا بالشكل الذي هو عليه، ووجود مساحة جغرافية كبيرة جنوب أوروبا وقلب إفريقيا الشمالي فيه هذا النوع من الاختلال في الاستقرار والتوازن، وما حصل في تشاد سيكون عبارة عن ناقوس خطر، سواء للاتحاد الإفريقي أو للأطراف الدولية، قدرة المشهد الليبي أن يكون جزءًا في إساءة المشهد في المناطق الكبيرة أمر وارد أما الحل العسكري غير وارد، ستكون بعض المغامرات والتحركات الحمقاء من أطراف تظن أنها لن تستطيع أن يكون لها نجاح دون الحل العسكري، لكنه سيوقف بشكل سريع.
الروس يضخمون من وجودهم في ليبيا؛ لأنهم يريدون تقوية قدرتهم على التفاوض على أكبر قدر من المصالح والاستفادة من المشهد الليبي، لكن إذا وضع الطرف الأمريكي ثقله وتوحد مع الموقف الليبي في وجود الطرف الروسي العسكري وكذلك العمل مع الطرف التركي لإيجاد التوازن لن يكون هناك مجال لروسيا إلا أن تستفيد من المصالح الاقتصادية والمكاسب التي تريد أن تحققها في المشهد الليبي، لكنها لن تكون قادرة على ايجاد حل عسكري؛ لأن الإرادة الأمريكية الآن غير عهد ترامب، بايدن واقف بقوة ضد الوجود الروسي وعندهم أوراق كثيرة للضغط فيها.