جماعة الإخوان: الشريك التركي استطاع بجدارة أن يكون طرف حقيقي في هزيمة مشروع العسكر

ليبيا – قال عصام عميش القيادي في التنظيم الدولي للإخوان المسلمين بالولايات المتحدة تحت شعار وترخيص منظمات سياسية مدنية إن ارتفاع وتيرة اهتمام الإدارة الأميركية بالملف الليبي وتقوية الدبلوماسية الأمريكية في ليبيا كانت مستمرة حتى في عهد الرئيس الأمريكي السابق، لكن بقدوم جو بايدن أصبح الاهتمام أكبر، وبدأ الحديث بتقوية الدبلوماسية الأميركية والتناسق والتناغم الذي تم بين ستيفاني وليامز والسفير الأمريكي ريتشارد نورلاند، الذي ضاعف من جهوده الدبلوماسية واهتمامه بالشأن الليبي.

عميش أشار خلال تغطية خاصة أذيعت على قناة “ليبيا الأحرار” التي تبث من تركيا وتمولها قطر أمس الثلاثاء وتابعتها صحيفة المرصد إلى أن ملتقى الحوار السياسي وحكومة الوحدة الوطنية لاقت دعمًا قويًا من طرف الولايات المتحدة الأميركية، حتى في أروقة الامم المتحدة.

وأضاف: “نحن الآن في سلطة بايدن، وجاء وزير الخارجية الذي يهتم بالشأن الشرق أوسطي، وذكر في أول لقاء حصلنا عليه معه أن ليبيا لها مساحة صغيرة نحصل فيها على نتائج باهرة في هذا الأمر، وفاكهة من السهل الحصول عليها اذا ذهبنا بها للمسار الصحيح، هم يريدون حلًا سريعًا في المشهد الليبي، ويريدون بالفعل تحقيق الاستقرار، جوي هود مساعد وزير الخارجية الأمريكي قال جملة لخصت المشهد الليبي: إن دولة ليبيا موحدة مستقرة ذات سيادة ودون تدخل أجنبي قادرة على محاربة الإرهاب”.

وتابع: “ما يشكل نوعًا من الصعوبة في تصور قدرة الولايات المتحدة على إيجاد حل مناسب لليوم ما زلنا نرى في واشنطن ترددًا من داخل الإدارة الأميركية، بالتعامل مثلًا مع الشريك التركي والذي استطاع بجدارة أن يكون طرفًا حقيقيًا في الحفاظ على مشروع الدولة المدنية وإيقاف الحرب وكبح جماح القوات الروسية، وبالرغم من ذلك هناك حوارات قائمة مع الطرف التركي، لكن يبقى الطرف الأميركي غير قادر على أن يتجاوز العقد المختلفة التي لديه مع شريكه في حلف الناتو، وأن يشكلوا استراتيجية مشتركة للدفع في المشهد الليبي، كذلك هناك عجز أمام التحرك الروسي، بالرغم من حرص الأفريكوم والقوات الأميركية ووزارة الدفاع وبعض القوة داخل منظومة القرار الأمريكي لتحجيم الدور الروسي والشعور بخطره”.

كما استطرد قائلًا: “نجد أن هناك تلكؤًا في اتخاذ خطوات أنجع لقضية كيف يتم استيعاب الخطر والضغط عليه ضمن منظومة المصالح المشتركة، وقضية العقوبات التي من الممكن أن تستخدم في قضايا أخرى متعلقة بقضايا دولية أخرى. يبقى هناك إشكال في تردد الولايات في التعامل الكامل مع جهة واحدة في ليبيا، دائمًا هم ينظرون لحسابات ومشكلة مجرم الحرب حفتر أنه موجود على الساحة؛ لأنه يملك قوة عسكرية ومعادلات يستطيع أن يؤثر بها في الشرق والجنوب، لذلك يظنون أنهم لا يستطيعون الاستغناء عن مثل هذا الرجل في إيجاد التوازن الحقيقي للخروج بحل، وهذا قد يكون حقيقة للأسف، لكن غياب الطرف الليبي الذي يدعم الدولة المدنية بشكل واضح وقادر على أن يكون البديل في تحقيق الاستقرار أو على الأقل أن يكون شريكًا معتَمَدًا عليه داخل ليبيا”.

واعتقد أن الولايات المتحدة الأميركية ما زالت تبحث عن هذا التوازن، مشيرًا إلى أن هناك ضرورة لتطوير الموقف الأمريكي من خلال موقف ليبي واضح وقوي يدعم مسار الدولة المدنية وقادر على إيجاد الرؤى.

وأردف: “الولايات المتحدة الأميركية اعتمدت الدبلوماسية الدولية من خلال آلية الامم المتحدة ومؤتمر برلين، وضعت فيه ثقلها وخرجت بعد ذلك بمخرجات المسارات المعروفة، ودفعت بتقوية الديبلوماسية الدولية من خلال المبعوثين وغيره، الأمريكان ما زالوا مع الحل السياسي، ومع محاولة أن تكون هذه المسارات بالفعل تؤدي لنجاحات واستمراريتها ودعمهم لستيفاني ونورلاند وجدوا أن بعض النتائج آتت أكلها لحد قريب، وما زالوا مستمرين معها، لكن أنوه إلى أن الولايات المتحدة اهتمامها بالمشهد الليبي وقربها وتدخلها في الديبلوماسية الدولية محكوم بنتائجه، بمعنى أن أمريكا لن يكون لديها صبر طويل للتعاطي مع الملف الليبي إن لم يكن فيه تقدم، وحتى نتائج التقدم، إذا ما أسفرت عن حلول قوية وجيدة، وتحقق ما يريده الاستقرار في المنطقة، والتعامل مع شريك ليبي هو قادر على التحكم في الجغرافيا الليبية والسلاح والوضع الأمني وأولويات أمريكا ومحاربة الإرهاب والهجرة غير الشرعية”.

وأكد على أن التدخل الروسي يمثل خطرًا، والأمريكان حتى في سياستهم التي رسموها لمستقبل أفريقيا وضعوا على رأسها مكافحة الخطر الروسي والصيني في القارة الأفريقية، بحسب قوله.

ونوّه إلى أنه بالرغم من السياسة الدبلوماسية القوية وتفاعلها فإن تغير إدارة بايدن وضع الأمر الليبي على المحك؛ لأن الإدارة الأميركية الحالية بالفعل لا تريد الوجود الروسي في ليبيا بقدر أكبر من الإدارة السابقة، مبينًا أن المعادلة تكمن في التوازنات الدولية، فأمريكا لن تضع جنودًا على الأرض ولن تحارب روسيا في المشهد الليبي، لكن من الممكن أن تفرض عقوبات وتجعل الوجود الروسي في ليبيا مكلفًا جدًا من خلال معادلة أوكرانيا وغيرها.

عميش توقع أن المشهد لم يكتمل بعد، وأن هناك أوراقًا أخرى تستعملها أمريكا في الضغط على الوكلاء الإقليميين ليقللوا من اعتمادهم وتعاونهم مع روسيا، وهناك محاولة النظر لدور ماوصفه “مجرم الحرب” (القائد العام للقوات المسلحة) واعتماده على روسيا على أساس أنها علامة خطر، حسب زعمه.

وقال: “المشكلة إن لم نستطيع تقديم رؤى قادرة أن تستلهم الرغبات الأمريكية ضمن المنظومة التي تحقق نفس الأهداف، البنيان المرصوص حارب الإرهاب، والطرف الليبي قادر على محاربة الإرهاب دون حفتر، والتعاون مع الروس وإدراج الشريك الدولي كتركيا والعمل معه بقوة والحرص على إبراز هذا التعاون للإدارة الأمريكية، ورفض من يعرقل مشروع الدولة المدنية، ومن يحمل على عاتقه جرائم حرب”.

واختتم حديثه قائلًا: “أتوجس وأنا موجود في واشنطن وأتابع أمور الكونغرس والخارجية الأميركية بشكل قريب، متخوف من كلمات سمعتها قريبًا وهي انفجار أي مواقف في الشرق الأوسط وصعوبة حصول أمريكا على الاتفاق النووي مع إيران، وتفاقم مشكلة سد النهضة وعجز الليبيين أن يكونوا بالفعل قادرين على أن يدفعوا بخارطة الطريق، ما سيهدد وضع ليبيا في إطار وضع مبهم وغير مستقر، ويمكن أن يستمر لسنوات طويلة، وهذا إذا حصل فالاهتمام الأمريكي قد يتلاشى ويضيع”.

كما أكد على أن هناك فرصة تاريخية اجتمعت فيها عدة عوامل وساهمت فيها السواعد الليبية التي استطاعت قهر ما وصفه بـ”مشروع العسكر” بمساعدة حليف صادق، من أجل تحقيق الاستقرار، بالإضافة إلى أن هناك اهتمامًا دوليًا بأهمية المنطقة والقدرة على إبعاد شبح دور كبير للدول المفسدة للمشهد، بحسب قوله. مشيرًا إلى أن جميع ذلك عوامل تبحث عن الشريك الليبي صاحب المشروع الوطني القادر على أن يدفع ما ينفع ليبيا ضمن الدوائر، وتشكيل مشروع حقيقي نهضوي قادر على ربط كل هذه التحديات ببعضها.

Shares