تقرير تحليلي: السلطات الحالية تهدف للإبقاء على امتيازات المسؤولين وبقاء معاناة المواطنين

ليبيا – سلط تقرير تحليلي نشرته النسخة الإنجليزية لصحيفة العرب الأسبوعية الضوء على التحديات التي تمر بها ليبيا بعد إسقاط أسس الدولة فيها عام 2011.

التقرير الذي تابعته وترجمته صحيفة المرصد، أشار إلى أن الحديث عن نهاية الأزمة في ليبيا بعد مرور أكثر من 10 أعوام على بدايتها لا يتعدى الأمنيات؛ لأن ما حدث في البلاد في العام 2011 يختلف تمامًا عن الذي حصل في تونس ومصر، وأقرب إلى سيناريو العراق عام 2003.

وأضاف التقرير: إن التدخل العسكري الخارجي تسبب في توجيه ضربة قوية إلى هيكل الدولة الليبية، ما قاد لتدمير كامل في مؤسساتها الأمنية والعسكرية بحجة استئصال الأسس الآيدولوجية لنظام العقيد الراحل القذافي، وهو الأمر الذي تسبب في النهاية في فراغ أتاح للميليشيات المسلحة السيطرة على المشهد العام.

وأوضح التقرير أن هذه الميليشيات المسلحة سرعان ما سيطرت على الواقع السياسي ومفاصل نظام الحكم الجديد، فضلًا عن تأسيس كيانات اقتصادية خاصة بها داخل مناطق نفوذها، ما يعني أن نشاطها بات يمثل مصادر للنفوذ والثورة والمكانة الاجتماعية.

وأكد التقرير أن تركيا مستفيدة من حاضنة الميليشيات المسلحة التي تأسست في ليبيا عام 2011، فحلف شمال الأطلسي “ناتو” هو المظلة لذلك التأسيس، وقوى الإسلام السياسي وحلفاؤها تحتمي بالرئيس التركي رجب طيب أردوغان للبقاء في المشهد إلى ما لا نهاية.

وأضاف التقرير: إن هؤلاء يدافعون بلا هوادة عن النظام الحالي للحكم ويبحثون عن مبررات لبقاء دورهم عن طريق تشويه التاريخ أو القفز فوق الحدود الجغرافية أو التخلص من الاعتبارات والمفاهيم الإستراتيجية، ما يعني أن الوضع في ليبيا لا يبشر بأي خير ولا حتى بإمكانية غلق باب الماضي.

وأرجع التقرير هذا التشاؤم لوجود من يؤججون نار الفتنة ورمادها الذي قد يشعل النيران في أي وقت، مؤكدًا أن المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لا يمتلكون زمام المبادرة لفرض العقل والمنطق؛ لأن السلطة الحقيقية هي بيد قادة الميليشيات المسلحة وجماعة الإخوان ولوبي المصالح التركية.

وأضاف التقرير أن لهذا اللوبي أبعادًا مالية واقتصادية وعقائدية وثقافية لا سيما في العاصمة طرابلس ومدينة مصراتة، مشيرًا إلى أن هذا المعسكر لا يعكس وجهة نظر الغالبية العظمى من الليبيين، إلا أنه يبقى الأكثر نفوذا وفعالية من بين جميع المعسكرات الأخرى.

وبحسب التقرير، فإن هذه الغالبية العظمى مغلوب على أمرها في ظل عدم وجود أحزاب قوية أو مؤسسات نافذة قادرة على توحيد الصفوف وقيادة الناس لمواجهة الواقع المفروض عليهم، مبينًا أن الفصيل الرافض للتسوية السياسية يراهن على تعطيل تنفيذ الاتفاق العسكري ووقف إطلاق النار.

واتهم التقرير الميليشيات المسلحة برفض فتح الطريق الساحلي رغم أهميته، سعيًا منها لابتزاز حكومة الوحدة الوطنية والحصول على 700 مليون دولار في مقابل القبول، ما يعني أنها راغبة بالإبقاء على الوضع على ما هو عليه، فضلًا عن ممانعتها لانسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب.

وبين التقرير أن هذه الميليشيات المسلحة تضغط على المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية لإضفاء الشرعية على وجود القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب، بوصفهم حلفاء، وتواجدهم مبني على اتفاق سابق أبرمه المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق مع السلطات التركية.

وأضاف التقرير: إن هذه الميليشيات المسلحة لا تقبل بمعالجة وجودها، وتعتبر نفسها قوات نظامية وترى في القوات المسلحة النظامية “ميليشيات” يجب حلها، وهو ما يعيق أي جهود لتوحيد المؤسسة العسكرية وهو الهدف الأسمى الذي لا يمكن للبلاد أن تتغلب على انقساماتها من دونه.

وأضاف التقرير: إن الدبيبة مطالب بتجسيد وصف وظيفته كرئيس لحكومة الوحدة الوطنية وليس رئيس وزراء لمنطقة طرابلس. مؤكدًا أن المعارضة تعرقل الانتخابات خشية عدم الفوز بها عبر المطالبة بإجراء استفتاء على مشروع الدستور قبل المضي في هذه الانتخابات رغم الرفض الواسع للمشروع من قبل غالبية الليبيين.

وبين التقرير: إن هؤلاء المعارضين يطالبون بعدم انتخاب رئيس الدولة بالاقتراع الشعبي المباشر بل من قبل رئيس مجلس النواب المقبل لإمكانية شراء أصوات عشرات النواب، في مقابل استحالة القيام بذلك مع أوراق اقتراع الملايين من الناخبين رغبة منهم برهن خيار الليبيين.

وأضاف التقرير: إن الهدف من هذا كله هو إبقاء أدوات السلطة في أيدي هؤلاء لممارسة ديكتاتورية الأقلية التي لا تعترف بحق الأغلبية في تقرير مصيرها. مبينًا أن هؤلاء يعرقلون المصالحة الوطنية ويمنعون انتهاء الصراع واستمرار الانقسامات السياسية والجغرافية من دون تغيير.

ونبه التقرير لخطورة قيام هؤلاء بقلب نتائج الانتخابات في حال قام المجتمع الدولي بفرض التصويت في موعد محدد كما حدث في الماضي، لا سيما أن جماعة الإخوان ترى نفسها المسيطرة الوحيدة على المشهد السياسي، فيما لن يقبل الأتراك أي شيء سوى بقاء هذا الحال لضمان مصالحهم.

وأكد التقرير أن المجلس الرئاسي يعاني من حالة من الشلل التام فيما يميل الدبيبة إلى التركيز على إقامة علاقات خارجية أكثر من التفاعل مع التحديات داخل ليبيا. مبينًا أن ملتقى الحوار السياسي أخرج سلطات مشابهة لتلك التي نتجت عن اتفاق الصخيرات بهدف استمرار امتيازات المسؤولين وبقاء معاناة المواطنين.

ترجمة المرصد – خاص

Shares