عقيل: ما لم يتحرك الشعب بثلث سكان كل مدينة إلى الميادين فأنه لن يكون هناك حل لأزمة ليبيا

ليبيا – حمّل رئيس حزب الائتلاف الجمهوري والمحلل السياسي عز الدين عقيل البعثة الأممية والأمم المتحدة مسؤولية المغالبة وفرض أجندة معينة لإفشال جهود الملتقى في الوصول للانتخابات؛ لأن الشعرة التي قسمت ظهر البعير والأزمة الحقيقة التي فجرت داخل أروقة الملتقى هي المجموعة التي قدمت أطروحات وأفكارًا جديدة لم يتفق عليها الأطراف المختلفون في جلسات سابقة.

عقيل أشار خلال مداخلة عبر برنامج “بانوراما” الذي يذاع على قناة “ليبيا الحدث” أمس الأحد وتابعتها صحيفة المرصد إلى أن من أسس لهذه الأطروحات استطاع أن يحشد لها بشكل جيد، وحاول فرضها بشكل يتعارض تمامًا مع القواعد التي اتفقت عليها المجموعة كاملة.

وأضاف: “المجتمع الدولي يريد لليبيا أن تبقى بؤرة فوضى لمواجهة التغلغل الصيني في القارة الإفريقية، ولم يصل العالم بعد وخاصة العالم الغربي والأمم المتحدة لقرار بعودة الاستقرار لليبيا، وأن ما جرى في جنيف كالذي جرى في الصخيرات هو مجرد دفعنا لسراب مستمر”.

كما تابع: “ليبيا مشكلتها دولية وأجنبية ومن يحل مشكلتهم طرف واحد فقط، لا بد أن تخرج كل مدينة في مظاهرات عارمة وضخمة في وجه المجتمع الدولي ومن أجل تحقيق هدف واحد فقط إذا الشعب يتفق عليه، نزع السلاح وتفكيك الميليشيات وإعادة تنظيم المؤسستين العسكرية والشرطية، وهذا ما يجب أن يجري عليه الشعب؛ لأنهم أصحاب الأرض وبعدها إذا تحقق الشرط نظموا انتخابات وعلوا الرايات وسيطروا على هيبة الدولة”.

وأكد على أن الانتخابات هي تتويج لحالة الاستقرار وليست أداة لحل دولة ليس لديها هيبة وسيادة كما ليبيا الآن؛ لأن أي حكومة جديدة ستكون امتدادًا للمؤتمر الوطني العام والبرلمان، لأن البيئة فاسدة، مشيرًا إلى أنه ما لم يتحرك الشعب الليبي بثلث سكان كل مدينة على الميادين والشوارع فأنه لن يكون هناك حل.

وفيما يلي النص الكامل للمداخلة: 

 

 

س/ الحديث حول ما يقال إن هناك مغالبة وفرض أجندة معينة لإفشال جهود الملتقى في الوصول لانتخابات، برأيك من يتحمل مسؤولية ذلك؟

ج/ من يتحمل المسؤولية في هذا الأمر هي البعثة الأممية؛ لأن الشعرة التي قسمت ظهر البعير والأزمة الحقيقة التي فجرت داخل أروقة الملتقى هو أن هناك مجموعة جاءت بأطروحات وأفكار جديدة لم يتفق عليها الأطراف المختلفون في جلسات سابقة، وبالتالي وجدوا أن هذه الاطروحات الجديدة تشكل تغيرًا كبيرًا في مسارات واتجاهات اللقاء، وهناك رؤيا وسيناريوهات جديدة يحاول البعض فرضها، ولأن ثمة وسيلة لتطوير هذه الأفكار من خلال اللجان الاستشارية وغيرها التي يشكلها هذا الملتقى الحوار، إذًا تم انقلاب على هذه الأطروحات وفرض أطروحات جديدة ربما بطريقة المغالبة هذه المرة، ومن أسس لهذه الأطروحات يبدو أنه استطاع أن يحشد لها بشكل جيد وحاول أن يفرضها بشكل يتعارض تمامًا مع القواعد التي اتفقت عليها المجموعة كاملة ومن يتحمل المسؤولية هي الأمم المتحدة.

 

س/ لماذا سمحت البعثة بفتح الباب أمام السيناريوهات أو الأطروحات الجديدة غير المتفق عليها في جلسات سابقة؟

ج/ لأن الأصل أن البعثة عبارة عن دمية تلعب بها الدول الكبرى، ليس هناك إرادة حقيقية للأمم المتحدة؛ لأن هذا موظف عند مجلس الأمن الرهين لإرادات خمس دول هي من تحدد سياسات الأمم المتحدة وهي من تدفع بها لغوتيرش ليحولها لقرارات دولية، من الذي تحرك من هذه الدول المسيطرة والمهيمنة على البعثة ودفعها للقبول بهذه الأطروحات الجديدة؟ لأن هذه تحقق مصالحهم، هذا أمر دقيق ويتصل بأجندة مخابرات وسياسات دول يصعب علينا أن نقول من الدولة التي اشتغلت وسعت لهذا، مؤكد أن هناك دولًا تدخلت بشكل كبير وهي من فرضت الأطروحات على الأمم المتحدة.

الأمم المتحدة لم تجد قدرة حقيقية على رفض الإيرادات الأجنبية التي فرضت عليها، ولكن ما أعرفه أن المجتمع الدولي وأنا على يقين منه من خلال عدة دراسات قدر لي أن أطلع عليها هو أن ليبيا لا بد أن تبقى بؤرة فوضى لمواجهة التغلغل الصيني في القارة الإفريقية، ولم يصل العالم بعد وخاصة العالم الغربي والأمم المتحدة لقرار بعودة الاستقرار لليبيا، وأن ما جرى في جنيف كالذي جرى في الصخيرات هو مجرد دفعنا لسراب مستمر، في كل مرة يبحثون لنا عن خارطة نشعر معها أننا بتنا نقترب من الحل ونبدأ بالهرولة، وما إن نصل ونحن نلهث لذلك ولمكان كنا نتوقع أن نجد فيه الحل حتى نجد نفسنا أمام سراب.

هذه المنهجية لم تتبع مع الليبيين فقط، هناك كثيرون يعتقدون أن مؤتمر الطائف الذي كان في لبنان خاتمة الحرب الأهلية أنه فقط هو الذي حدث وقبله عقدت عشرات المؤتمرات واللقاءات وجلس ممثلو الدول والأمم المتحدة، مرت بسرابات ومراثونات وخطط وكانت الدول الكبرى في ذلك الوقت تريد إعطاء أمل للدول، هي لا تريد أن تقدم نفسها على أنها أخلت بواجباتها باعتبارهم سادة النظام العالمي الجديد وهم المسؤولون عن السلم والأمن الدوليين، وباعتبارهم المسؤولين عن إطفاء كل الحرائق التي تحدث في دولة من الدول العالمية ومسؤولين عن مساعدة الدول على تجاوز أي نزاعات مسلحة وحروب أهلية قد تبتلى بها.

ليبيا ما زالت ضمن هذا المارثون، ولكن أسوأ ما تعرضنا له نحن الليبيين أن إطاحتنا أتت على أبواب الحرب، انطلاق الحرب الباردة ما بين الولايات المتحدة والصين من جهة والاتحاد الأوروبي والصين وفرنسا والصين، والأخطر هي الولايات المتحدة والصين. الصين أقرت مشروعًا ضخمًا جدًا لإحياء البنية التحتية في كل الدول الضيفة، وأسمته الحزام والطريق، وخصصت أكثر من 200 مليار دولار كمرحلة أولى للقارة الإفريقية، والولايات المتحدة الأمريكية تريد أن تضرب هذا المشروع بأي شكل من الأشكال، وهي كانت تبحث عن بؤرة فوضى ووجدت البؤرة المناسبة هي ليبيا، بالتالي هناك قرار من هذه الدول أن فزان يجب ألا تستقر وفزان يجب أن تظل مكان فوضى لأنه سيتم تدريب كل أبناء القبائل الأفريقية فيها، والذي ممكن أن تقوم الصين فيها بمشروع ضخم، وبالتالي يؤتى بهم لفزان لتدريبهم ويشحن السلاح والذخيرة لتلك المناطق، وتتم الفتنة بين القبائل في ذلك المكان التي قررت الصين أن تقيم فيه مشروعًا ضخمًا ما، وبقيام الحرب الأهلية يهرب الصينيون وينهار مشروعهم وينتهي.

 

س/ إذا كان هناك مال سياسي ومصالح ضيقة هي من تفسد العملية الانتخابية والسياسية، برأيك هل تتورط الحكومة أو السلطات الحالية في هكذا تأزيم للمشهد؟

ج/ من وجهة نظري ليس محلي المنشأ، المحليون عبارة عن بيادق تحركهم خيوط خارجية، الأطراف المحلية الليبية لا أعتقد أن لها أي علاقة. من المحافظ على وجود المليشيات؟ هل هم الليبيون والأجانب؟ الأمريكان والإنجليز الذي يريدون للمليشيات أن تستمر وتدخلوا في آخر لحظات وضربوا الجيش، وها هو القائد العام للجيش يقول: إن الأفريكوم من ضربتنا. الولايات المتحدة وترامب هم من كانوا يهاجمون الجيش. من الذي أبرم اتفاق مع أردوغان وهو آخر لقاء ما بين بايدن وأردوغان ليخرج أردوغان بعدها بأيام ويقول إنه لن يغادر ليبيا ولن يسحب مرتزقته، عقيلة صالح يقول: نريد انتخابات. وبالأمس كان يقول: الحكومة يجب أن تخرج من طرابلس؛ لأنها محتلة من المليشيات، هناك تناقض وازدواجية في المعايير.

ليبيا مشكلتها دولية وأجنبية ومن يحل مشكلتهم طرف واحد فقط، لا بد أن تخرج كل مدينة في مظاهرات عارمة وضخمة في وجه المجتمع الدولي ومن أجل تحقيق هدف واحد فقط إذا الشعب يتفق عليه، نزع السلاح وتفكيك الميليشيات وإعادة تنظيم المؤسستين العسكرية والشرطية، هذا ما يجب أن يجري عليه الشعب لأنهم أصحاب الأرض، وبعدها إذا تحقق الشرط نظموا انتخابات وعلوا الرايات وسيطروا على هيبة الدولة.

 

س/ هل ستخضع الأطراف التي أسميتها بالبيادق والتي تتصارع وهي مستفيدة من الضغط والهبة الشعبية؟ وهل تتوقع أن الليبيين جاهزون لمثل هكذا موقف؟

ج/ جاهزون أم لا، هذا الحل، الليبي مهما كان مستواه عندما يهاجم بيته أحد سيدافع عنه، الآن هم هاجمون على بيتك الأكبر والخروج ليس ضد الموظفين الليبيين بل ضد البيادق عن بكرة أبيهم، وهم من استفادوا من الفوضى والفساد والخروج ضد المجتمع الدولي، هؤلاء الجراء الذين يعوون علينا ويسرقون أموالنا هم جراء للأمريكان والفرنسين والطليان، اضرب صاحب الجرو ليتراجع الجرو ويموت، ومن طرح أطروحات جديدة في جنيف وفجروا الملتقى أنا على يقين بأن قوة إقليمية سربت لهم الأطروحات، ولا أستبعد بل هذه هي الحقيقة لأنه لا توجد إرادة دولية بعد لاستقرار ليبيا.

 

س/ فلسفة تحرك الشعوب، كيف تتحرك؟ ألا ترى أن الصمت أصبح مستغربًا؟ كيف يمكن تحرك الشعب حيال مستقبل الأجيال السابقة؟

ج/ ببالغ الأسف لا يوجد ولا نزاع مسلح حسم بمظاهرات شعبية، وهو يحسم بتحقق الإرادة الدولية وباختيار مساعدة الشعب في لحظة من اللحظات على استعادة هيبته، وهي صادقة، وعادة ما تكون مرافقة لجملة من التحولات الدولية، ما يميز الحالة الليبية أن صراعنا ليس طائفيًا كما الدول الأخرى والذي يصعب قيام الشعب بالمظاهرات، ولكننا وللأسف بيننا تباينات جهوية تابعة لأطراف سياسية، وعندما تتواجه القوة السياسية في الشارع وكل واحد يخرج جماعته هذا يعني أنه ستحصل مذابح بين الناس. وربما في ليبيا لعدم وجود العامل الطائفي ووجود عامل الإنهاك؛ لأن كل الناس تضررت، فمن المفروض أن يعرف بأن مشكلته الأساسية في حل الأزمة الأمنية التي ترفض الولايات المتحدة وألمانيا بالأخص وباقي الدول حلها ونزع السلاح وتفكيك المليشيات التي يعرفون آلياتها جيدًا.

يجب على الشعب أن يصرخ صرخة واحدة في وجه المجتمع الدولي حتى ينحي العربة من أمام الحصان ويضع الحصان أمام العربة، باتخاذ خطوة محددة، وما دام الشعب الليبي لم يقوم بهذه لن يحدث شيء. الانتخابات تتويج لحالة الاستقرار وليست أداة لحل دولة ليس عندها هيبة وسيادة كما ليبيا الآن؛ لأن أي حكومة جديدة تأتي بها ستكون امتدادًا للمؤتمر الوطني العام والبرلمان الذي أحدث العار وهم سلطة منتخبة لأن البيئة فاسدة، لجنة الـ 60 انتخبناها وعجزت عن أن تفرض مسودة الدستور التي طبقت عليها كل اللوائح والمفروض أنها استطاعت أطراف من لجنة الـ 60 التفاوض مع أطراف أجنبية أن ينحوا البند الخاص بأن الشخص مزدوج الجنسية ليس من حقه أن يشارك في الانتخابات الرئاسية.

المليشيات في بعض البلديات فرغوا الصناديق وقالوا نريد تعقيم صناديق الانتخابات بسب جائحة كورونا، وقاموا بتعبئة أوراق أخرى غير الورق الذي يعبر عن إرادة الشعب وهذا هو الواقع، لذلك سيطروا على البلديات. أمراء الحرب لا يريدون أن يضع أحد يده في البرلمان إلا إذا كان واحد منهم وفيهم. الحديث عن انتخابات هو حديث أهبل وعبيط، وما لم يتحرك الشعب الليبي بثلث سكان كل مدينة على الميادين والشوارع فإنه لن يكون هناك حل.

تفريغ نص الحوار – المرصد خاص

 

 

Shares