السني: روسيا أرسلت إلى ليبيا شركة فاغنر وتركيا نقلت آلاف السوريين للقتال في طرابلس

ليبيا- أجرى موقع “عرب نيوز” الإخباري الناطق بالإنجليزية مقابلة صحفية مع مندوب ليبيا الدائم لدى الأمم المتحدة طاهر السني.

المقابلة التي تابعتها وترجمتها صحيفة المرصد أشار خلالها السني إلى محاولة ليبيا الوقوف على قدميها بعد 10 سنوات من الحرب وسط رغبات ليس فقط لتحقيق مصالحة وطنية بل مصالحة دولية بين الشعب الليبي والمجتمع الدولي.

وجدد السني مطالبة ليبيا بإنهاء التدخل الخارجي وانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة مضيفا بالقول:”كفى لقد سأم الليبيون 10 سنوات من الفوضى وبقدر ما نتحدث عن المصالحة الوطنية يجب أن تكون هناك مصالحة دولية”.

وتابع السني قائلا:”بقدر ما نتحدث عن بناء الثقة يجب أن يكون هناك بناء ثقة بين المجتمع الدولي والليبيين وهذا يبدأ بالانسحاب المتزامن لجميع المقاتلين والمرتزقة الأجانب ودعم إرادة الليبيين عندما يمرون بالعملية الانتخابية”.

وقال السني:”قتل ليبيون ودمرت بلادهم من قبل آلاف المقاتلين الأجانب الذين جندتهم القوات المتنافسة في البلاد وطالما بقيت الإرادة الحرة في ليبيا رهينة لهذه الجماعات المسلحة ورعاتها الأجانب فإن الصراعات ستستمر في اندلاعها”.

وأضاف السني بالقول:”وفي هذا الوقت يتسبب فيه انتشار مثل هذه الحروب بالوكالة في زعزعة الاستقرار في جميع أنحاء المنطقة فالمتمردون الذين قتلوا الرئيس التشادي إدريس ديبي في أبريل الماضي على سبيل المثال كانوا متمركزين في ليبيا”.

وبين السني قائلا:”في ليبيا جمعوا الأموال وتمكنوا من الوصول إلى أسلحة متطورة واكتسبوا خبرة في ساحة المعركة كسلاح مقابل أجر والتحدي مع المرتزقة هو أن لا أحد يعترف بوجودهم بعد أن تضمنت اتفاقية وقف إطلاق النار الليبية انسحاب هؤلاء”.

وأضاف السني بالقول:”هذه الاتفاقية توسطت فيها الأمم المتحدة في أكتوبر من العام 2020 وتضمنت دعوة جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب البالغ عددهم20 ألفا إلى الانسحاب من البلاد في غضون 3 أشهر ليظهر أمر خلال مناقشة مجلس الأمن الدولي لهذه القضية.

وقال السني:”عندما ناقش مجلس الأمن الدولي سبل إعادة هؤلاء إلى الوطن لاحظ المراقبون أن بعض أعضاء المجلس كانوا يؤججون المشكلة فعلى سبيل المثال يشمل دعم روسيا للجيش الوطني الليبي مرتزقة من شركة الأمن الروسية الخاصة “فاعنر غروب”.

وأضاف السني بالقول:”وفي غضون ذلك وفرت تركيا وسائل النقل لآلاف السوريين للقتال في طرابلس ودفعت لهم الرواتب وقدمت وعودا بالحصول على الجنسية التركية فيما ينحدر مرتزقة آخرون من جنوب إفريقيا والولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا ونحو 30 دولة أخرى”.

وتابع السني قائلا:”ويحاول الليبيون اجتياز هذا الوجود الأجنبي المشؤوم وهم يسيرون في طريق صعب بالفعل نحو المصالحة الوطنية ويحاولون ترسيخ العديد من الانتصارات الصغيرة التي تحققت في العام الماضي كجزء من العملية السياسية”.

وأكد السني إن كافة هذه الإنجازات المهمة مهدت الطريق لوقف إطلاق النار وتشكيل حكومة وحدة مؤقتة وهي حكومة الوحدة الوطنية مكلفة بالسير بالبلاد نحو الانتخابات التشريعية والرئاسية المقرر إجراؤها في الـ24 من ديسمبر المقبل.

وأضاف السني إن هذه الإنجازات ما كان لها أن تتحقق  لولا توصل الليبيين والقوى الأجنبية على حد سواء إلى نتيجة مفادها أنه لا أحد يستطيع الانتصار في الحرب بالقوة العسكرية لا سيما بعد أن تمت تجربة كل شيء وأنه لا يمكن أن يكون هناك حل عسكري.

وأقر السني بأنه يحق لجميع دول المنطقة أن تهتم بالحفاظ على أمنها ومصالحها الوطنية إلا أنها ليست بحاجة إلى التدخل بالطريقة التي فعلتها من أجل تحقيق الاستقرار في المنطقة وتعزيز اقتصادها لأن ليبيا هي محور بين أفريقيا وأوروبا والشرق والغرب.

وبين السني إن الليبيين معروفين بتواضعهم وإن لم يكن بالإمكان القول إن ليبيا دولة غنية فإنها في ذات الوقت لديها من الموارد والوسائل ما يمكنها العودة ومع استقرارها من الممكن العثور على صفقات مربحة للجميع ترضي المصالح الوطنية للجميع قدر الإمكان.

وتوجه السني لكافة الدول بالقول:”لذا دعونا نعمل معا ونضع الماضي وراءنا ونبدأ مرحلة جديدة ودعونا لا نقدم ذريعة للإرهاب والتطرف اللذين يغذيان هذه الفوضى ويديم الصراع فالطريق للانتخابات الوطنية كان ممهدا بقدر من الخوف والأمل بين الليبيين”.

وتابع السني قائلا:”وعلى الرغم من أن المجلس الرئاسي الجديد نجح في توحيد الهيئات التنفيذية المدنية إلا أن الجيش لا يزال منقسما ويخشى البعض أن يبدأ المنتصرون بالسلاح حربا أخرى في ظل غياب إطار دستوري واضح يحدد صلاحيات الرئيس الجديد”.

وقال السني:”وفي غياب هذا الإطار من يستطيع أن يضمن ألا يجد الليبيون أنفسهم في قبضة ديكتاتور آخر فهناك مجموعة من الناس لا يريدون أن يفقدوا سلطتهم اليوم لذلك فهم يناورون ويجدون الأعذار لعدم إجراء الانتخابات”.

وبين السني وجود من يخشى فقدان السلطة من خلال وجود سلطة تنفيذية رفيعة المستوى على شكل رئيس ما قد يؤدي إلى فقدان شعبيتهم ويريد البعض انتخابات تشريعية فقط ويعتقدون أن الخيار الأكثر أمانا هو أن تكون الدولة مستقرة.

وأضاف السني إن هؤلاء يريدون إعطاء المزيد من الوقت للإطار الدستوري المطلوب تطويره فضلا عن وجود ليبيين على الأرض سئموا كل محاولات الماضي ويريدون أن يكون لليبيا كدولة فصل للسلطة لأن التحدي في هذا الفصل هو أن يكون لديهم رئيس شامل.

وأوضح السني إن الرئيس المطلوب يجب أن لا يكون شخص لديه رغبة في الانتقام لأن أولئك الذين لديهم طموحات ليكونوا رئيسا ينتمون جميعا إلى مجموعة معينة وهذا يخيف الناس ما يعني إن كل المخاوف الشعبية صحيحة.

وبين السني قائلا:”ولكن ما هي البدائل التي لدينا اليوم وإذا قمت بتسمية جميع العقبات التي نواجهها اليوم فسيستنتج المرء أن مخاطر عدم إجراء الانتخابات عالية وحتى لو تم المضي قدما فستظل التحديات قائمة لكنها على الأقل توفر الأمل في التغيير ومستقبلًا أفضل”.

ومضى السني بالقول:”أي شخص يعتقد أن الانتخابات ستحل كل مشاكل ليبيا هو ساذج لكن لدينا مريضا على مدى السنوات الـ10 الماضية ونحن نستخدم نفس الدواء والآن لدينا خيار دواء جديد على شكل انتخابات ولسنا متأكدين من كيفية حدوث ذلك”.

وقال السني:”إنها مخاطرة بنسبة 50 إلى50% لكن مستوى معين من التمثيل الشرعي سوف يجعل الكرة تتدحرج فالمصالحة الوطنية تظل أساس أي سلام دائم في ليبيا يتم البناء عليه منذ إنشاء المفوضية العليا للمصالحة وحتى إطلاق سراح بعض السجناء”.

وأضاف السني قائلا:”وإن تم إطلاق سراح بعض السجناء بشكل رمزي كانت هناك خطوات في الاتجاه الصحيح مع أهمية العدالة الانتقالية كوسيلة نحو المصالحة الدائمة والشفاء الحقيقي للأمة. ولكي تكون هناك مصالحة وطنية شاملة يجب الكشف عن الحقيقة وإصدار الاعتذارات”.

وبين السني إن مسؤولية المصالحة تقع في نهاية المطاف على عاتق الشعب الليبي نفسه لعدم وجود دعم دولي مفيد لهذه الجهود منتقدا بخبرته الممتدة للعمل على مدار 17 عاما بالأمم المتحدة ودرايته بمنهجيات هذه المنظمة الدولية الأخيرة لمنهجها الخاطئ في ليبيا.

وأرجع السني انتقاده هذا لتبني الأمم المتحدة نهج “من أعلى إلى أسفل” في ليبيا المقوض لدور المجتمع المدني مضيفا بالقول:”إذا تمت متابعة كل الحوارات التي جرت فقد كانت كلها مناقشات تقنية تناولت تحديات عسكرية وسياسية واقتصادية ولم يكن هناك مسار مصالحة وطنية”.

وأشار السني إلى وجود نقص في فهم السياق الليبي من قبل المجتمع الدولي ما يعني أنه لكي تصبح ليبيا قصة نجاح توجد حاجة إلى تبني نهج “من أسفل إلى أعلى” والعمل على المجتمع المدني ومحاولة الحصول على أفضل ما في الهيكل القبلي الذي يربط الليبيين معا.

وأكد السني إن البعض حاول استخدام الهيكل القبلي كوسيلة لتأجيج الحرب إلا أن وجود القبائل ليس بالأمر السيء في الواقع لأنه مفتاح ذهبي من الممكن أن يقود ليبيا والليبيين إلى السلام المنشود إذا ما تم استخدامه بشكل صحيح.

وأضاف السني قائلا إن الشمولية جانب مهم آخر للعملية إذ لم يتم تمثيل كل الأحزاب التي كانت لها سلطة فعلية على الأرض وتم استبعاد العديد تماما مثل الموالين للنظام السابق في عملية الصخيرات السياسية التي أفضت إلى اتفاق سياسي.

وحذر السني من مغبة هذا الإقصاء في أي مسار مصالحة بعد الصراع لأن الإقصائية تمثل واحدة من أكبر الأخطاء الفادحة التي يمكن أن يتم ارتكابها وهذا من يمكن أن يحدث أيضا في شكل حكم مركزي على سبيل المثال.

وتابع السني إن هذا الحكم قد يولد نوعا من الاستبعاد لمن يعيشون خارج العاصمة طرابلس حيث يتركز جزء كبير من الثروة معلقا في ذات الوقت آماله على الجيل القادم من الشباب الليبي على الرغم من وجود كل هذه التحديات.

وقال السني:”الأشخاص الوحيدون الذين سيحلون هذا هم شبابنا لانهم يتمتعون بصوت عالٍ وأكثر وعيا من شيوخهم والمشكلة هي أنهم ما زالوا يفتقرون إلى التنسيق والقيادة” فيما أدلى بدلوه أيضا حول الانتهاكات الصارخ لحقوق الإنسان بمراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين.

وأعرب السني عن أسفه لتحول بلاده إلى مكان يموت فيه الأبرياء مع النفي التام لأي اتهام بممارسة التعذيب المنهجي مناشدا المجتمع الدولي مرة أخرى لمد يد المساعدة إلى الليبيين لجعل ليبيا مستقرة وليتم حل هذه القضايا”.

وأضاف قائلا:”نحن ضد مثل هذه الانتهاكات تماما ونعمل بجد لإصلاح النظام وحماية الفئات الأكثر ضعفا ولكن هناك فرق بين حكومة لا تهتم وحكومة تحاول حقا وترى ذلك كأولوية ولكنها موزعة مع كل التحديات المختلفة الأخرى ولديها مشاكل في الموارد”.

وأوضح السني إن المشكلة تكمن في نفاق الغرب وعدم رغبته بإيجاد حل شامل لأزمة المهاجرين غير الشرعيين إذ لا يمكن إلقاء اللوم على بلد فيه نزاع عما يحدث داخله عندما يتعلق الأمر بهؤلاء ممن يأتون إلى ليبيا في طريقهم إلى أوروبا لأن من البديهي عدم العيش في جحيم الصراع.

واستنكر السني المعايير المزدوجة للمجتمع الدولي المطالب لليبيا باستيعاب المهاجرين غير الشرعيين رغم علمه بضيق موارد البلاد وبإغلاق مراكز الاحتجاز وعدم الإتيان ببديل للتصرف مع هؤلاء الداخلين إلى الأراضي الليبية بشكل غير قانوني هم ومن يعتقلون في البحر ويتم إعادتهم.

وخاطب السني دول المجتمع الدولي قائلا:”إذا كنتم تهتمون حقا بالمهاجرين فاتفقوا على حصة أيضا واستقبلوا بعضا منهم فالبلدان الأكثر قوة من ليبيا في هذه القضية هي نفسها التي تقوم بإغلاق أبوابها في وجه هؤلاء”.

واختتم السني بالقول:”إحدى هذه الدول استقبلت حرفيا 4 أو 5 مهاجرين من بين الآلاف الذين يحاولون العبور وقت تعد فيه المشكلة أكبر لإنها تمثل منافسة بين دول الاتحاد الأوروبي وهو أمر معروف من قبل الليبيين وإذا أردت أن تلومنا قم بلوم نفسك أولا”.

ترجمة المرصد – خاص

Shares