العرب الأسبوعية: بات من الواضح أن العواصم الغربية لا تريد حلًا للأزمة الليبية

ليبيا – حذر تقرير تحليلي من بوادر حرب تلوح في أفق غرب ليبيا؛ بسبب تمسك رئيس حكومة تصريف الأعمال عبد الحميد الدبيبة مهما كلف ذلك من ثمن باهض.

التقرير الذي نشرته الطبعة الإنجليزية من صحيفة العرب الأسبوعية وتابعته وترجمته صحيفة المرصد، أكد أنه بات من الواضح أن العواصم الغربية لا تريد حلًا للأزمة التي بدأت في العام 2011، لكنها ترغب فقط في وضع أيديها على منطقة جغرافية وثروة وعقد المزيد من الصفقات.

وتطرق التقرير لصراع جرى يوم السبت الماضي بين جماعتين مسلحتين من مدينتي نالوت والزنتان، فالأولى منعت الثانية من الوصول إلى معبر وازن الحدودي لضمان عدم تأمين عودة رئيس حكومة الاستقرار فتحي باشاآغا من العاصمة التونسية تونس.

وأضاف التقرير: إن الدبيبة استقبل بعد ذلك وعلى الفور عميد بلدية نالوت عبد الوهاب الحجام وشكره على ما قام به، ومن ثم دعا السفير التونسي في ليبيا لسعد العجيلي إلى مكتبه ليناقش معه أنشطة باشاآغا في تونس بعد توصيف الأخير بقيادة حكومة من المنفى.

وبحسب التقرير، شدد الدبيبة على ضرورة التنسيق مع السلطات التونسية للسيطرة على المنافذ الحدودية المشتركة، ما يشير إلى أن هذا يمثل رسالة إلى الرئيس التونسي قيس سعيد لمنع باشاآغا من الوصول إلى المناطق الحدودية، فيما لم يتطرق رئيس حكومة تصريف الأعمال لقضية أهم.

وتابع التقرير: إن هذه القضية تتمثل في التهديدات التي أطلقها إرهابي تونسي خلال الأسبوع الماضي ضد سلطات بلاده انطلاقًا من مدينة مصراتة، حيث يعيش الآن وينشط داخل جماعات مسلحة موالية لحكومة تصريف الأعمال ومفتي المؤتمر الوطني العام المعزول من مجلس النواب الصادق الغرياني.

وبين التقرير أن الدبيبة لم يوضح أسباب حالة الجمود في العلاقات بين ليبيا وتونس التي أرجعها كثيرون إلى دعمه الخفي للإخوان في المنطقة برمتها وفي ليبيا ومصر وتونس على وجه التحديد، فهذا الدعم هو في الواقع جزء من التحالف الذي أوصله إلى السلطة في فبراير من العام 2021.

وعرج التقرير على تحول العاصمة طرابلس خلال الأيام القليلة الماضية إلى ساحة لاستعراض العضلات من قبل قوى تدعي دعم الدستور والانتخابات، وهي في الحقيقة تمثل مسلحين في إطار تحالف ميليشيات من العصامة ومدينتي مصراتة والزاوية والمناطق الأمازيغية ومدن أخرى.

وأوضح التقرير أن هذا التحالف يريد منع أي سلطة شرعية من تولي زمان أمور البلاد لتحل محل حكومة تصريف الأعمال التي انتهت ولايتها منذ زمن، فضلًا عن معارضته لأي انتقال سواء حدث اليوم أو بعد شهر من الآن أو بعد عام أو 5 أعوام أخرى.

ووفقًا للتقرير فقد قرر الدبيبة مد يده لمراكز صنع القرار فهو يعرف كيف يتلاعب بالميليشيات المسلحة وأصحاب المصلحة والرقص مع عواصم غربية ومنحها ما تحتاج إليه من وعود أو صفقات أو تنازلات، فمستشاروه يؤكدون له أن الاستمرار بحكم دولة غنية مثل ليبيا يحتاج فقط لإتقان لعبة العلاقات الخارجية.

وأضاف التقرير: إن مستشاري الدبيبة نبهوه لأهمية السيطرة على المصرف المركزي ومؤسستي النفط في طرابلس والاستثمار. ناقلًا ما رصده مقطع مصور خلال الأيام القليلة الماضية، حيث ظهر رئيس حكومة تصريف الأعمال وهو يترأس اجتماعًا مهمًا عندما رن هاتفه مرتين.

وتابع التقرير: إن الدبيبة التفت للموجودين في الاجتماع قائلًا: “آسف يمكنني تجاهل الجميع باستثناء الصديق”، في إشارة لمحافظ المصرف المركزي الصديق الكبير الذي وضع كل صلاحياته وإمكانياته في خدمة ما كان يسمى حكومة الوحدة الوطنية التي قد تتحول بالفعل إلى حكومة انقسام تام.

وأوضح التقرير أن الدبيبة لا يعمل من فراغ، بعد أن نال ضمانات من عاصمتين غربيتين في الأقل، فضلًا عن الدعم التركي والقطري له، ما يظهر بشكل جلي أن القرارات الحقيقية في ليبيا لا يتم اتخاذها في الداخل بل تصدر من خارج البلاد؛ إذ أدت هذه العوامل وغيرها إلى حدوث تحولات على الأرض.

وأشار التقرير إلى أن من بين هذه التحولات الإغلاقات المتكررة لحقوق ومرافئ تصدير النفط الذي يتم حرمان المناطق الغنية به من الإيرادات، فضلًا عن قطع رواتب منتسبي القوات المسلحة والذهاب بالأموال في المقابل إلى القوات الأجنبية والمرتزقة والميليشيات والجماعات المسلحة وأمراء الحرب.

وأضاف التقرير: إن الخدمات الأساسية غير متوفرة في البلاد والأسعار ترتفع بشكل كبير، فيما يتم نهب الأموال. مؤكدًا أن الوضع في ليبيا مريع وقد تواجه كارثة قريبًا؛ لأن الدبيبة يرفض ببساطة التخلي عن السلطة بسهولة بدعم من المسلحين الرافضين للمصالحة الوطنية وتوحيد المؤسستين العسكرية والأمنية.

وأرجع التقرير الرفض لربط هؤلاء مصيرهم بقدرتهم على إبقاء الوضع على حاله، فضلًا عن دعم الدبيبة من قبل الإسلام السياسي الذي يرى بانقسام البلاد تسهيلا لسيطرته على مقاليد السلطة فيها، بالإضافة لمؤازرة أخرى لرئيس حكومة تصريف الأعمال من أثرياء ولصوص المال العام وأباطرة الفساد داخليًا وخارجيًا.

ترجمة المرصد – خاص

Shares