باك: أوضاع ليبيا ستكون سيئة خلال الـ3 أو الـ5 سنوات المقبلة وبعدها ستتحسن

ليبيا – أجرى موقع “إنترناشيونال بوليسي دايجست” الإخباري الأميركي مقابلة مع الخبير بالشأن الليبي مؤلف كتاب “ليبيا والاضطراب العالمي الدائم “جيسون باك”.

المقابلة تابعتها وترجمت أبرز مضامينها حول ليبيا صحيفة المرصد وركزت على رؤية “باك” للأحداث المرتقبة في البلاد وما حل بها سابقا وفيما يلي نص المقابلة:

س/ بالنظر لما حصل في ليبيا بعد العام 2011 أما كان من الأفضل للغرب عدم التورط في الإطاحة بنظام العقيد الراحل القذافي؟

ج/ عشت في ليبيا خلال الفترة الأخيرة لحكم العقيد الراحل القذافي وكنت أذهب إلى الولايات المتحدة لمدة معينة ومن ثم أعود بقدر ما أستطيع وكنت متواجدا تحديدا قبل بضعة أشهر مما حصل ومن الواضح أن الوضع أسوأ بكثير الآن فقد تحدث باراك لـ”توماس فريدمان” بالخصوص.

وقال أوباما إن أعظم خطأ في السياسة الخارجية الأميركية تمثل في عدم القيام بما يلزم لإعادة الإعمار في ليبيا خلال العامين 2012 و2013 وهذا صحيح وما يدور حوله كتابي تحديدا فنحن في الغرب لم نحاول حتى أو لم نتمكن من فرز تعقيدات التنسيق حول عبارة إعادة الإعمار مع الليبيين أو الدول الغربية الأخرى.

وهذا هو ما كان حاسما للغاية في مكان مثل ليبيا حيث يمكن أن تدفع إعادة إعمارها ثمنها وتستفيد من كل قوة على الأرض وكان يمكن أن يكون إيجابي جدا للغاية ومع ذلك من دون قائد أو أي هيمنة لم يكن ذلك ممكنا حيث كان الفاعلين الأجانب والفصائل الليبية جميعهم يتجولون في اتجاهات مختلفة.

س/ هل هناك أي شخص يمكنه إخراج ليبيا من المستنقع وتوحيد الناس؟

ج/ لقد فات الأوان الآن ولكن كانت هناك العديد من الفرص قبل العام 2014 وبعده ولا تزال هناك بعض الفرص والأمل ولكن لسوء الحظ وبالنظر لحالة السياسة العالمية اليوم لن يكون من السهل الحصول على تحالف لتقديم تنازلات لمساعدة ليبيا على الخروج من المستنقع كما تقول.

ولا يمكن لأي تحالف لإعادة بناء دولة ما بعد الصراع العمل إلا إذا كان لدى الروس والأميركيين في نفس الجانب ودول إقليمية ويبدو أن ذلك أقل احتمالا الآن والمصريون عمليون للغاية وهذا هو السبب في أنني لم أذكرهم بوصفهم ممثلا يزعزع الاستقرار.

وقد قام “جورجيو كفييرو” بكتابة مقال عن براغماتية الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي واهتماماته الأمنية بالشأن الليبي فالسيسي كان عمليا طوال الوقت لأن مصر لديها حدود مع ليبيا ومنها وإليها قد يتدفق إرهابيون وأسلحة فالمصريون لا زالوا يلعبون دورا مهما في مساعدة البلاد على التغلب على تحدياتها الحالية.

في مكان مثل ليبيا نحتاج إلى إعادة النظر في الهياكل الأساسية للحوافز الاقتصادية وإصلاح ما تحطم منها إذ لا معنى لهذه الهياكل من حيث زيادة الثروة أو الكفاءة وقد تؤدي إلى الفساد فضلا عن وجود آثار سلبية على حقوق الإنسان والميليشيات المسلحة.

س/ برأيك في أي عام ستقام الانتخابات الرئاسية والتشريعية في ليبيا؟

هذا موضوع معقد إلى حد ما وهذا التعقيد هو الذي يسمح للجهات الفاعلة في الوقت الراهن بمنع إقامتها بعد أن شعر من لم يتابعوا الأمر عن كثب أن هناك انتخابات رئاسية وتشريعية في الـ24 من ديسمبر الماضي ولكن تم تأجيلها الآن وهم يعتقدون أن هذه مشكلة لكن واقع الحال لا يشير لذلك.

لقد تم تأجيل الانتخابات بشكل أو آخر منذ أن نشأ الصراع حول النتائج الانتخابية في الـ25 من يوليو من العام 2014 وامتد ذلك ليشمل الجهة التي ستضع الكيفية التي سيقام من خلالها الاستحقاقات الانتخابية فيما قامت المستشارة الأممية ستيفاني ويليامز بعمل جبار إبان توليها مهام المبعوث الأممية بالإنابة.

لقد تمكنت ويليامز من حشد الجهدين المحلي والدولي لدعم ملتقى الحوار السياسي وقراراته المتعلقة بإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الـ24 من ديسمبر الماضي وتشكيل المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي وعضوية عبد الله اللافي وموسى الكوني وحكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.

ولو بقيت ويليامز في مكانها في حينها لربما تم الوصول إلى هذه الانتخابات فقد أعاق الروس تعيينها مبعوثة أممية وترك المجتمع الدولي أمر الاستحقاقات الانتخابية لمجلس النواب الذي قام ببنائها بشكل غير سليم ما مهد للإيقاء عليه والأجسام السياسية الحالية في السلطة.

واعتبارا من يونيو من العام 2021 تبين أن الانتخابات لن تحدث أبدا وإنه لأمر مدهش حقا أن يسمح أولئك الذين أرادوا إفشالها بإيهام الناس جعلهم أسرى التفكير حتى الـ17 من ديسمبر الماضي تقريبا أنها قد تتم في الـ24 من ذات الشهر في لعبة تسمى وفقا لعلم النفس بـ”الإشغال العام”.

وبعد الفوضى التي خلفها المبعوث الأممي المستقيل يان كوبيتش تطلب الأمر إعادة ويليامز للعب دور المستشارة الأممية فقط إذ ليس لديها حقا الصلاحيات الكاملة للوصول إلى الانتخابات أو غيرها من أطر العمل الانتقالي فيما لا يعلم أحد من يتولى رئاسة الحكومة فعليا وموعد الاستحقاقات الانتخابية.

البعض يتحدث عن الدستور بوصفه وسيلة لعدم إجراء الانتخابات والبقاء في السلطة فالأمر مرتبط بعوامل اقتصادية وليس فقط سياسية في وقت يسعى فيه الجميع للحديث عن وجوب إنهاء الصراع والقيام بإصلاح الاقتصاد فهذا هو ما يشغل الناس ممن يعانون الكثير.

س/ هل يهتم الليبيون بالانتخابات؟

ج/ يود الليبيون إجراء انتخابات لأنهم يكرهون الدفعة الحالية من الموجودين في السلطة أو المتنافسين عليها ويعتقد البعض من أبناء الشعب الليبي أن التغيير قد يعالج مشاكل الخبز والغذاء ولكن بناء على الأداء السابق يمكننا أن نفترض أن هذا لن يحدث ما لم تكن هناك أسباب هيكلية تدفع للقيام بذلك.

س/ هل لديك أي آمال في مستقبل ليبيا أم ستبقى عالقة في حالة من الفوضى الدائمة؟

ج/ نعم لأنها ثرية للغاية وفيها نفط وغاز وليست مكتظة بالسكان أو ملوثة وتتمتع بموقع جغرافي لا يصدق وربما أحد الأفضل في العالم ويمكن أن أرى بسهولة أن الأمور ستزداد في السوء خلال السنوات الـ3 إلى الـ5 القادمة ولكن بعد ذلك أرى إمكانية كبيرة لتحسن الأوضاع.

ترجمة المرصد – خاص

Shares