القمم العربية في عهد صدام والقذافي وعبدالناصر والملك فيصل.. !

القاهرة – تميزت الحياة السياسية العربية في العقود الماضية بزعماء لافتين بعضهم دار الكثير من الجدل حوله، إلا أن تلك الشخصيات “المغامرة” لا يزال الكثيرون يذكرونها وبعضهم بحنين.

المواقف التي نتحدث عنها متنوعة، البعض منها لا يخلو من طرافة، وكان يثير الابتسامات الساخنة في وقتها، فيما يستذكرها البعض الآن متحسرا مدافعا عنها بالقول إنها مواقف صحيحة أثبتتها الأيام والتجارب.

من بين هذه الشخصيات القيادية العربية اللافتة، يمكن أن نرى في الزعيمين الراحلين، العراقي صدام حسين، والليبي معمر القذافي، نموذجين على ذلك.

ومن الأمثلة حول شخصية القذافي وأسلوبه الخطابي المميز الذي كان الكثيرون يترقبونه ويستمتعون بالإنصات إليه تساؤله في القمة العربية التي انعقدت في دمسق عام 2008، أثناء حديثه عن الغزو الأمريكي للعراق وعن مقتل زعيمه صدام حسين: ” لماذا العراق، ما هو السبب؟ هل بن لادن عراقي؟ إنه ليس عراقيا، هل الذين ضربوا نيويورك عراقيون؟ ليسوا عراقيين، هل الذين ضربوا البنتاغون عراقيون؟ ليسوا عراقيين”.

ومضى الزعيم الليبي الراحل في تساؤلاته “الثورية” المميزة قائلا: “لماذا لم نحقق في شنق صدام حسين؟ كيف يشنق أسير حرب ورئيس دولة عربية عضو في الجامعة العربية؟!. نحن لا نتكلم عن سياسة صدام حسين والخلاف معه، فقد نكون مختلفين سياسيا معه.. ونحن مختلفون حتى مع بعضنا، ولا شيء الآن يجمعنا أبدا إلا هذه القاعة، لكن لماذا لا يكون هناك تحقيق في مقتل صدام حسين؟. لماذا تقتل قيادة عربية بالكامل وتشنق في المشانق، ونحن نتفرج ؟!”.

ثم خاطب القذافي نظراءه محذرا بقوله: “قد يأتي الدور عليكم كلكم. لماذا قاتلت أمريكا مع صدام حسين ضد الخميني؟ وقد كان (تشيني) صديقا لصدام حسين، كما أن (رامسفيلد) وزير دفاع أمريكا عندما كانوا يدمرون العراق، صديقا حميما لصدام حسين، وأخيرا باعوه وشنقوه. وحتى أنتم أصدقاء أمريكا.. نحن أصدقاء أمريكا كلنا، لا داعي أن نقول أنتم، قد توافق أمريكا على شنقنا في يوم ما ؟!”.

وفي نفس المناسبة طرح سؤالا محرجا آخر ابتسم له كل من استمع إليه، وكان فحواه التالي: “حين نتكلم عن حدود 67 أين القضية قبل 67؟ كنا نكذب على أنفسنا أم نكذب على العالم؟ آلاف الشهداء سقطوا قبل 67 من أجل من؟ كيف تقولون إن فلسطين احتلت عام 67؟ وعودوا إلى حدود 67؟ هي فلسطين الضفة الغربية وقطاع غزة؟ كانتا في أيديكم حتى 67 لماذا لم تقيموا فيها دولة إذا كانت هذه هي فلسطين؟؟ ما مبرر الحروب والتضحيات والمقاطعات الاقتصادية قبل 67 ضد الإسرائيليين؟ يمكن أن يرفع الإسرائيليون دعوى ضد العرب ويطالبوا بالتعويض بالمليارات.. أكثر بالتريليونات عن الخسائر التي لحقت بهم ما بين 48 و67.. أنتم العرب اعترفتم أن القضية بعد 67 سيقولون لكم لماذا حاربتمونا قبل 67؟؟”.

وفي سجل القذافي الكثير من مثل هذه المواقف التي تتباين الآراء حولها، وفيما يراها البعض توقعات صائبة، ينفر منها آخرون.

الشخصية الثانية، هي الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وإن اختلف عن القذافي في أسلوبه المثير للانتباه، فقد تشابها ربما في حب “المغامرة” و”التمرد” والمناكفة” على الصعيد الدولي.

ومن أمثلة أسلوب صدام حسين قوله في بغداد يوم 28 مايو 1990أمام مؤتمر القمة العربية: “وعلى أساس هذه الحقائق التي أكدتها التجارب الملموسة لا يمكن لأي عدوان إسرائيلي على الأمة أن ينفصل عن رغبة الامبريالية الأميركية في ذلك والامبريالية هنا أضفتها لأنني ليس من عادتي أن استخدم الامبريالية، وخاصة من وقت طويل ولكن عندما اطلعت على المذكرة التي قدموها (الكروب) العامل في الخارجية الأميركية وفيها إشارة إلى ألا تستخدم الإمبريالية أدخلت كلمة الإمبريالية”.

ومن القيادات العربية المتميزة المتنفذة، نجد في التاريخ المعاصر نموذجين بارزين، تجمعهما على اختلافهما الكبير، شخصية قوية ومواقف كبرى، وأحداث جسام. وهما الزعيم المصري الراحل جمال عبد الناصر والعاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز.

القمم العربية في عهد صدام والقذافي وعبدالناصر والملك فيصل.. !  

الأول قاد معارك تأميم قناة السويس وتصدى للعدوان الثلاثي الإسرائيلي الفرنسي البريطاني في عام 1956، ومر بنكسة 1967. وقبل أن يصبح رئيسا لبلاده خاض معارك في فلسطين عام 1948 ضابطا ضمن وحدات الجيش المصري، وظل على سياسته الثورية حتى وفاته في سبتمبر عام 1970.

أما العاهل السعودي الراحل الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود، فتظهر مواقفه المتميزة حيال القضية الفلسطينية حينها حيث أذاع راديو المملكة العربية السعودية في 28 مارس 1965 كلمة قال فيها: “إننا نعتبر قضية فلسطين قضيتنا وقضية العرب الأولى، وإن فلسطين بالنسبة لنا أغلى من البترول كسلاح في المعركة إذا دعت الضرورة لذلك، وإن الشعب الفلسطيني لا بد وأن يعود إلى وطنه حتى ولو كلفنا ذلك أرواحنا جميعا “.

وفي إحدى المناسبات في عام  1973صرّح قائلا: “سبق لي، أيها الإخوة، أن رجوت إخواننا المسلمين أن يعلنوا الجهاد المقدس للدفاع عن مقدساتنا وعن أوطاننا وعن عقيدتنا وكرامتنا، وإنني أكرر هذه الدعوة أيها الإخوان، والسبب في ذلك أنه مرت علينا سنون عديدة والمسلمون يقاسون من هذه الاعتداءات. ولسوء الحظ أن نرى في العالم من يساند هؤلاء الأعداء المعتدين في اعتداءاتهم. إنهم يعرفون أن هؤلاء المعتدين ظالمون في عدوانهم، وقد وصلت الحالة الآن إلى أنهم بدؤوا في محاولة لإضاعة مقدساتنا، المسجد الأقصى والمساجد التاريخية في البلاد الفلسطينية، فبدأوا الآن يقيمون في هذه المساجد معابد يهودية ليضيعوا صفتها الإسلامية، يجب على كل المسلمين وعلى العرب خاصة أن يوحدوا كلمتهم وصفوفهم في سبيل الدفاع عن وطنهم وأمتهم “.

في نفس العام في خطابه الذي أعلن فيه وقف تصدير النفط إلى الولايات المتحدة وهولندا  يوم 18 أكتوبر على خلفية حرب عام 1973، أشار إلى أن القرار “يأتي في سبيل ديننا وعقيدتنا دفاعاً عن مقدساتنا وحرماتنا”.

وحين اشتد الموقف مع الولايات المتحدة عقب تهديدات وزير خارجيتها هنري كيسنجر، رد الملك الراحل فيصل بن عبد العزيز قائلا: ” لن نرفع الحظر عن شحن النفط إلى الولايات المتحدة، ولن نعيد إنتاجنا إلى ما كان عليه سابقا، ما لم تنته مفاوضات السلام نهاية ناجحة يتحقق على إثرها الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية المحتلة، وضمان حقوق الشعب الفلسطيني “.

وفي تلك المناسبة قال العاهل السعودي الراحل: “لقد نشأنا تحت الخيام ونحن مستعدون للعودة إلى ظلالها، ولأن نخسر البترول خيرٌ لنا من أن نخسرَ الشَّرف”.

المصدر: RT

Shares