بولندا – علقت مجموعة من الخبراء والمحللين على إعلان بولندا سقوط صاروخين روسيين على أراضيها ورد الفعل الروسي.
وقال أستاذ التاريخ والقيادي السابق بالحزب الناصري، المحلل أحمد الصاوي في تصريحات لـRT، إن الصور البولندية (مقطورة الجرار المقلوبة) المنشورة لا علاقة لها بالصواريخ الروسية، موضحا أنه يبدو أن إشارة زيلينسكي أمس في كلمته أمام G20 عن إنزال دنكرك الذي غير مسار الحرب العالمية الثانية لم يكن مصادفة وذلك في ضوء ردود الفعل المتسلسلة.
وأشار الصاوي إلى أن أمريكا حتى اللحظة تقول بأن روسيا لا تسعى للتصعيد أو الاستفزاز، ولكن ردود أفعال الدائرين في فلكها داخل الناتو مثيرة للريبة.
ونوه بأن بولندا أعلنت عن عقد اجتماع لمجلس أمنها القومي والدفاع، فيما أعلنت لاتفيا، الدولة البلطيقية الصغيرة، فورا عن تضامنها مع بولندا، كما أطلقت جارتها الأضعف منها، أستونيا، تصريحا عنتريا بأنها مستعدة للدفاع عن كل شبر من الناتو.. لاحقا ورغم عدم نشر أي صور غير صورة مقطورة الجرار أعلنت أستونيا دون سواها من دول الناتو أن الحلف ربما ينشر أنظمة دفاع جوية على حدود بولندا وداخل أوكرانيا ردا على الاعتداء الصاروخي على بولندا.
وأكد الصاوي أن مثل هذا الإجراء قد يصدر بقرار عن اجتماع عاجل للناتو دعت إليه بولندا، ونحن إزاء احتمالين أولهما أننا أمام ذريعة حرب على طريقة “وكمان بتقولي صباح الخير”، ولكنها ذريعة بالغة الانكشاف بشكل مريب، مع النفي الروسي القاطع.
وتابع: “الاحتمال الثاني أن ذلك ربما يمثل جانبا من التفاوض الصامت والتلويح بالتهديدات قبيل انطلاق محتمل للمفاوضات حول أوكرانيا عقب اجتماع أنقرة اليوم بين المسؤولين عن الاستخبارات الأمريكية والروسية، ولربما كان الهدف منه كبح جماح الغضب الروسي على كلمة زيلينسكي اليوم ولو مؤقتا”.
وأشار المحلل المصري إلى أنه أخذا في الاعتبار أن الضربات الصاروخية الروسية لهذا أمس طالت المدن الأوكرانية الرئيسية وأعطبت محطات الطاقة والكهرباء وشبكة القطارات، وقصف يوم آخر مماثل قد يعيد أوكرانيا حرفيا للقرن التاسع عشر.
الباحث والكاتب الصحفي مصطفى السعيد
وأوضح الكاتب الصحفي المصري، مصطفى السعيد، في تصريحات لـRT، أن إعلان بولندا عن سقوط قتيلين في قرية حدودية مع أوكرانيا بصاروخ روسي، سبقه قرار بولندا بمصادرة حصة شركة غاز بروم الروسية في خط غاز يامال المار ببولندا قبل يومين، وهو تحرش قوي مع روسيا، وتعد بولندا الدولة الأشد شراسة في العداء لروسيا داخل حلف الناتو، والأكثر حماسا لحرب جماعية معها، والظهير لأوكرانيا في الحرب.
وتابع: “الأكثر إثارة هو إعلان البنتاغون أنه لا يعلم حقيقة سقوط صاروخ روسي على قرية حدودية بولندية مع أوكرانيا، وأنه لا يستطيع أن ينفي أو يؤكد، لأنه يعلم الحقيقة، والرقابة الجوية للبنتاغون وحلف الناتو فوق أوكرانيا تجري طوال الوقت، كما أن عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن القومي في بولندا لبحث الأمر يثير علامات استفهام حول الخطوة القادمة لبولندا وحلف الناتو، خاصة بعد الضربات القوية لروسيا على معظم المدن الأوكرانية وجبهات القتال.
الدكتور حامد فارس أستاذ العلاقات الدولية
وتحدث أستاذ العلاقات الدولية حامد فارس عن تطور خطير في الحرب الروسية الأوكرانية بعد إعلان بولندا سقوط صواريخ روسية على أراضيها ومقتل شخصين ومطالباتها بتفعيل المادة الرابعة من معاهدة حلف شمال الأطلسي، وهي المادة التي تعطي الحق لأي دولة عضوه بالحلف وتشعر أنها مهددة من قبل دولة أخرى أو منظمة في تقديم طلب لبدء الدول الأعضاء الثلاثين مشاورات رسمية للبت فيما إذا كان التهديد موجودا وكيفية مواجهته، مع التوصل إلى قرارات بالإجماع.
وأشار فارس إلى أنه على الرغم من أن موسكو نفت بشكل قاطع وواضح شن أي ضربات على أهداف قريبة من الحدود الأوكرانية البولندية، إلا أننا نجد أن هناك رغبة وإصرارا شديدين وتسييسا من قبل بولندا لهذا الحدث، وسعيا دؤوبا لإلصاقه بروسيا، رغم نفي موسك.
وتابع: “وهو ما يظهر النوايا الحقيقية لبولندا من خلال سعيها إلى جر الناتو لمواجهة مباشرة مع روسيا وانتقال الصراع من صراع داخلي وعملية عسكرية خاصة إلى صراع متسع يؤدي إلى سيناريوهات مفتوحة في كل الاتجاهات ويشعل حرب عالمية جديدة تدمر العالم”.
ونوه أنه بالنظر إلى صاحب المصلحة من وراء هذا الفعل نجد أن هناك عدة أطراف أولها أوكرانيا التي ترفض تماما التفاوض مع روسيا والوصول إلى حلول نهائية لإنهاء الحرب، فهي أول المستفيدين من هذا الفعل كون هناك ضغوط غربية عليها للجلوس وراء مائدة المفاوضات، وقرب التوصل من تنسيق المواقف الروسية الأمريكية حيال الصراع في أوكرانيا، وهو ما يرفضه زيلينسكي، وبالتالي فمن الممكن جدا أن تكون الصواريخ التي أطلقت على بولندا قد أطلقت من الأراضي الأوكرانية، على اعتبار أن أوكرانيا تمتلك أسلحة سوفيتية.
ونوه بأن هذا الفعل يجعل الحرب تستمر وهو ما يتفق مع الرغبة الأوكرانية، وقد أثبتت التجارب السابقة، وتحديدا عندما تعرض خطا نورد ستريم للتخريب، واتهمت فيه روسيا المتضررة الأكبر من هذا التخريب.
المصدر: RT