دراسة بحثية إسبانية: ليبيا فرصة مهمة للطاقة بالنسبة إلى إسبانيا وأوروبا

ليبيا- نشر المعهد الإسباني للدراسات الإستراتيجية دراسة بحثية وصفت ليبيا بفرصة طاقة مهمة بالنسبة إلى إسبانيا وأوروبا نظرا لما تتمتع به من إمكانيات تؤهلها لذلك.

الدراسة المنشورة باللغة الإنجليزية تابعتها وترجمت الأبرز من مضامينها صحيفة المرصد، وفيها تم الإشارة إلى أن ليبيا من بين قلائل قوى الطاقة المتأثرة بشدة بتغيرات الجغرافية السياسية المرتبطة بأسواق النفط والغاز العالمية، ما يمكنها من لعب دور البديل لواردات الثروات المعدنية.

وأكدت الدراسة أن إبرام اتفاق وقف إطلاق النار وتشكيل سلطة تنفيذية جديدة منح البلاد هذه الميزة، فضلًا عن امتلاكها أكبر احتياطي نفطي في إفريقيا والرابع بالنسبة للغاز في وقت تعد فيه من الموردين الرائدين في العالم للزيوت الخفيفة ومنخفضة الكبريت المطلوبة بقوة في أوروبا.

وتابعت الدراسة: إن احتياطيات النفط المؤكدة في ليبيا بلغت في العام 2016 قرابة الـ48 مليار برميل أي ما يقرب 2.9% من الإجمالي العالمي منها بنسبة استبدال تبلغ 153 عامًا. مبينة أن حجم الاحتياطي الغازي بلغ في العام 2014 نحو 1549 ترليون متر مكعب.

وأضافت الدراسة: إن الكثير من إمكانيات الطاقة في ليبيا لم يتم استغلالها بعد لا سيما حقول الغاز في الأحواض البحرية لمرزق وغدامس والكفرة وبرقة وخليج سرت ففيها احتياطيات غازية كبيرة هي غير مستكشفة نسبيًا ما يجعل محط اهتمام المعنيين من الأوروبيين.

وأشارت الدراسة إلى إمكانية استخراج نفط ليبيا بسهولة بكلفة مالية منخفضة، ما يجعلها تنافسية للغاية في الأسواق الدولية في وقت تمتلك فيه البلاد البنية التحتية اللازمة للإنتاج والتصدير، ما سمح بربط المناطق الداخلية الغنية بالنفط مع العديد من المحطات التصديرية المختلفة على الساحل الأكثر اكتظاظا بالسكان.

وأوضحت الدراسة أن شبكة خطوط الأنابيب الواسعة في ليبيا وعدم وجود عقبات جغرافية أمام الاستكشاف والتطوير عوامل تسهل توسيع الإنتاج وتجعل الاستثمار جاذبًا؛ لأن المراكز الإنتاجية قريبة جغرافيًا من من أماكن الاستهلاك الرئيسية في أوروبا فوق الشحن لا موانئ الأخيرة أقل قياسًا بأماكن أخرى.

وتحدث الدراسة عن سلسلة تحديات يواجهها قطاع الطاقة في ليبيا بعد العام 2011 ومن بينها غياب سيطرة السلطات الشرعية على كامل التراب الليبي، ما يجعل مسألة تحول البلاد لمورد رئيسي لأوروبا مسألة صعبة في وقت تمثل فيه الثروات المعدينة مصدرًا وحيدًا لتمويل الصراع ودفع الأجور وإطعام السكان.

وربطت الدراسة بين استقرارية الإنتاج النفطي وزيادته بالاستمرار في تنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار وانسحاب جميع القوات الأجنبية والمرتزقة الأجانب، مشيرة لأهمية تدفق استثمارات وأموال أجنبية لتنمية البنية التحتية الإنتاجية والتصديرية والوصول بما منتج من نفط إلى 3 ملايين برميل يوميا خلال 10 سنوات.

واستبعدت الدراسة إمكانية انضمام ليبيا إلى خط أنابيب الغاز العابر للصحراء “نيغال” الناقل للغاز من نيجيريا إلى أوروبا فالبلاد تفضل مسارًا لآخر للخط بخلاف ما توافقت عليه الجزائر والنيجر، فضلًا عن غياب الاستقرار الأمني فيها، ما يجعلها غير صالحة للعب هذا الدور.

وتطرقت الدراسة في الجانب الآخر منها لإستراتيجية إسبانيا الاقتصادية تجاه ليبيا، فالطاقة لها دور مهم للغاية وبشكل أساسي النفط لجودته وسهولة استخراجه وانخفاض أسعاره وقربه من السوق الإسبانية، في وقت تحول فيه عوامل مكانية دون توسيع نطاق التعاون ليشمل الغاز.

وأرجعت الدراسة الاهتمام الإسباني بالنفط الليبي يأتي لارتباط إنتاجه الحقيقي بشكل وثيق مع أسعار النفط الدولية أكثر من ارتباطه بمصدري النفط الآخرين، ما يجعله عرضة بشكل خاص لصدمات الاقتصادية وتقلبات الأسعار الخارجية في وقت يؤثر فيه الضعف المتزايد لبيئة الطاقة الليبية على إسبانيا.

وأضافت الدراسة: إن هذا الضعف من المحتمل أن يؤثر على الإمدادات الإسبانية، وبالتالي على مصالحها في ليبيا في وقت يرتبط فيه تحسن الإنتاج واستقراره على توافق الأطراف الليبية المتصارعة بشأن أفضل السبل لإدارة موارد البلاد الحالية والمحتملة.

وبينت الدراسة أن أي توافق سياسي بين هذه الأطراف من شأنه جلب السلام الجاذب لمزيد من الاستثمارات في قطاع الطاقة الليبي مؤكدة إن الموقف الإيجابي لإسبانيا من العملية السياسية وتدخلها غير العسكري في الصراع سيعزز جاذبيتها بصفة مشتر ويشجع شركاتها للمشاركة بإعادة بناء هذا القطاع.

وشددت الدراسة على وجوب تحقق إجماع أوروبي بشأن أهمية استقرار ليبيا وتحييد إمداداتها النفطية والغازية وتحريرها من أي صلة بالصراعات المحلية والدولية الحالية مبينة إن أي توسع في الإنتاج سيتطلب إصلاح البنية التحتية التي تضررت بشدة في سنوات الصراع.

ونبهت الدراسة لمخاطر أي انقسام سياسي في ليبيا؛ لأن هذا من شأنه السماح لتركيا بالسيطرة عليها واستخدام صادرات غازها بصفة ورقة ضغط على أوروبا موضحة أن العديد من مجالات التعاون بين البلاد وإسبانيا متوافرة في قطاعات بخلاف قطاع الطاقة، ومنها البنية التحتية والإنشاءات والصحة والطاقات المتجددة.

وأوضحت الدراسة أن ليبيا في وقت السلم ستحتاج جهود دولية في كل هذه القطاعات، ما يعني أن من المفيد للمصالح الإسبانية توطيد الاستقرار السياسي فيها وتحسين الظروف الأمنية، فضلًا عن قدرة إسبانيا على مد يد العون لتقوية الدولة الليبية الجديدة ومؤسساتها ومنع الإجرام والإرهاب والاتجار بالبشر.

وأضافت الدراسة: إن هذه الجوانب لها تأثير سلبي على الأمن الإقليمي وأمن الطاقة وازدهار ليبيا في وقت يمكن فيه لإسبانيا المساهمة بخبراتها وقدرات شركاتها في القطاعات الرئيسية للتحول والتنويع الاقتصادي في البلاد، ما يحتم على مدريد الانخراط بالشأن الليبي لتأمين احتياجاتها من الثروات المعدنية.

ترجمة المرصد – خاص

Shares