ليبيا – تناولت دراسة بحثية مدينة أغاديز النيجرية وجهود أوروبا للانطلاق منها للحد من التدفقات الكبيرة للمهاجرين غير الشرعيين الوافدين لشواطئها انطلاقا من ليبيا.
الدراسة التي نشرها مركز الأبحاث البريطاني “المعهد الملكي للشؤون الدولية” “تشاتام هاوس” وتابعتها وترجمت المهم المرتبط منها بالشأن الليبي صحيفة المرصد أكدت أن المدينة باتت مركزًا لعبور المهاجرين غير الشرعيين القادمين من أجزاء أخرى من إفريقيا.
ووفقا للدراسة كان لانعدام الأمن في ليبيا بعد الإطاحة الدموية بالعقيد الراحل القذافي تأثير عميق على طفرات الهجرة غير الشرعية في أغاديز فالعائدات الناتجة عن تهريب المهاجرين غير الشرعيين في النيجر أثرت بدورها على ديناميكيات الصراع على طول الحدود مع ليبيا.
وأرجعت الدراسة تحول المدينة لمركز عبور رئيسي للهجرة غير الشرعية إلى شمال إفريقيا للسهولة النسبية لالتقاط وسائل النقل قبل تحديات عبور الصحراء الكبرى فالوصول إلى المدينة نفسها يمكن أن يتم بسهولة من الجنوب عبر طرق النقل المعبدة في الغالب.
وبحسب الدراسة يتطلب التحرك من شمال أغاديز نحو ليبيا عبور صحراء شاسعة ببنية تحتية رديئة في ظل عدم وجود خيارات نقل مجدولة بانتظام فيما أدى الاضطراب الناتج عن الإطاحة الدموية بالعقيد الراحل القذافي والبيئة الأمنية الجديدة إلى التوسع السريع لشبكات تهريب المهاجرين غير الشرعيين.
وبينت الدراسة أن هذه الشبكات متمركزة في ليبيا وتسهل المرور البحري إلى أوروبا فالنزاعات على الحكم على المستوى المحلي في جميع أنحاء البلاد أدت إلى تراجع القانون والنظام فيما سمح غياب الحكومة المركزية المتماسكة والإصلاح الفعال لقطاع الأمن لجهات فاعلة محلية بالحفاظ على استقلاليتها.
وأضافت الدراسة أن هذه الاستقلالية مكنت هذه الجهات من استخدام القوة القسرية للتأثير على المركز والحصول على الموارد عبر أنظمة المحسوبية إذ رسخت هذه الديناميكيات المحلية والوطنية المتشابكة دور الجهات الفاعلة المسلحة في جميع أنحاء البلاد.
وتابعت الدراسة أن انتشار الجماعات المسلحة ذات النفوذ المباشر في الاقتصادات المحلية أدى إلى خلق اقتصاد صراع تنافسي ومؤمن فيما أصبحت الصراعات بينها وتنافسها على المصالح الاقتصادية سمة دائمة للصراع في ليبيا متطرقا لخلق بيئة معادية للأجانب بسبب عدم الاستقرار بعد العام 2011.
وأكدت الدراسة أن هذه البيئة مثلت الأساس للانتهاكات المنهجية بحق أولئك المهاجرين غير الشرعيين فالأعداد الكبيرة من هؤلاء المتواجدين بشكل واضح في مدن وبلدات البلاد قاد إلى تفاقم التحيزات العنصرية الراسخة كاشفة عن توليد تهريب البشر والاتجار بهم 978 مليون دولار من الإيرادات في ليبيا في 2016.
وبينت الدراسة أن هذه الملايين من الدولارات تم جنيها في ذروة الهجرة غير الشرعية في وقت مثل فيه تركيز الأوروبيين على تجريم اقتصاد تنقل المهاجرين غير الشرعيين في النيجر محاولة من جانب الاتحاد الأوروبي لتجنب المستنقع السياسي في ليبيا.
وتحدثت الدراسة عن تحول المواقع المحددة سابقا بصفة مراكز لتجارة للوقود اللا شرعية وغيره من السلع التي يتم شراؤها في ليبيا أو نيجيريا بمثابة نقاط رئيسية في أنشطة تهريب المهاجرين غير الشرعيين ففي بعض الحالات كان أحد السائقين يأخذ هؤلاء من الحدود النيجيرية إلى هذه المناطق.
وتابعت الدراسة إن سائقا آخرا سيتولى القيادة على طول المرحلة الـ2 إلى الحدود الليبية في وقت بات فيه من الشائع أن يتم تزويد المقيمين من هؤلاء في أغاديز بالإحداثيات بالقرب من الحدود النيجيرية حيث تم إعداد المهاجرين غير الشرعيين لالتقاطهم ونقلهم من جنوب النيجر إلى ليبيا.
ونقلت الدراسة عن مهرب قاد سيارته عدة مرات قوله:”يمكنك أن تسلك الطريق بأكمله حتى تصل إلى الحدود الليبية من دون أن ترى أحدا” فيما قال المهربون النشطون على طول المسلك الرابط بين نيجيريا وليبيا خلال هذه الفترة إن الأمر استغرق منهم عموما 4 أيام إجمالا لإكمال الرحلة.
وقال 2 من هؤلاء:”نحن لا نتوقف ولا نمر عبر المدن مثل الآخرين والطعام عبارة عن بسكويت وحليب فقط ونحصل على الوقود الذي نحتاجه بالقرب من كوري كانتانا ومن ثم نذهب مباشرة لتومو على الحدود بين النيجر وليبيا حيث يلتقط المسلحون المهاجرين غير الشرعيين وننسق معهم باستخدام هاتف فضائي”.
ووفقا للدراسة دفع المهاجرون غير الشرعيون قبل تعليق سلطات النيجر الانقلابية قانون تجريم الهجرة غير الشرعية أكثر مما دفعوه سابقا إذ تراوحت الأسعار بين 220 وألفا من اليوروهات وبالاعتماد على مسار الرحلة والوجهة النهائية في داخل ليبيا.
وبحسب الدراسة لا تسعى الجماعات المسلحة في النيجر للاستفادة ماليا من إدارة مراكز احتجاز المهاجرين غير الشرعيين أو الانخراط بعمليات اختطاف مقابل فديات مالية كاشفة عن استخدام الشبكات الإجرامية البنية التحتية الحالية لتهريب المهاجرين غير الشرعيين لنقل النساء عبر النيجر إلى ليبيا.
وتحدثت الدراسة عن رابط بين مناطق تعدين النيجر وليبيا فعدد كبير من أجهزته المحمولة انتقلت من دجادو لمنشأة كبيرة في مرزق ما يشير إلى أن معالجة ذهب الأولى على الأراضي الليبية في وقت تحولت فيه جهات فاعلة أخرى كانت متورطة سابقا في تهريب المهاجرين غير الشرعيين لنشاطات أخرى.
وبحسب الدراسة تمثلت هذه النشاطات بتهريب مواد محظورة ونقل الوقود والمواد الغذائية عبر حدود مختلفة بالمنطقة فضلا عن الكحول وحبوب “الترامادول” المخدرة إلى ليبيا فيما لا يوجد دليل جوهري على أن السائقين الذين شاركوا سابقا في تهريب المهاجرين غير الشرعيين قد انتقلوا لشيء آخر.
وأوضحت الدراسة أن هذا الشيء الآخر تمثل في تهريب الأسلحة من ليبيا إلى النيجر لنقلها إلى مالي أو المخدرات عالية القيمة مثل “الكوكايين” في وقت زادت فيه أعمال اللصوصية في جميع أنحاء شمال الثانية في السنوات الأخيرة فيه ترتبط بالوجود المتزايد للجهات المسلحة من الجنوب الليبي وتشاد.
وتابعت الدراسة إن هؤلاء اللصوص ممن ينشطون على طول ممرات العبور الرئيسية الرابطة لمواقع الذهب بمراكز التجارة والخدمات اللوجستية باتت لديهم إمكانية الوصول إلى الأسلحة الثقيلة والمواد بعد أن أحضروها من تشاد وجنوب ليبيا.
واختتمت الدراسة بنقل ما قاله شاب عاطل بأغاديز:”ليبيا وتشاد والجزائر ليست جيدة ولا نعرف إلى أين نذهب فالأمر صعب”.
ترجمة المرصد – خاص