“القمامة” على الطريق إلى البيت الأبيض الأمريكي

الولايات المتحدة – خلال الانتخابات الأمريكية، دائما ما ترتفع حدة التصريحات بين المرشحين حول العديد من القضايا الساخنة، وتتحول الكلمات أحيانا إلى مصدر جدل واسع وتؤدي إلى انقسامات حادة.

مؤخرا استخدم كل من الرئيس جو بايدن والمرشح الجمهوري للرئاسة دونالد ترامب، مصطلحات وعبارات قد تكون قاسية أو جارحة للتأثير على مواقف الناخبين أو لوصف معارضيهم بطريقة سلبية.

وقد وصف كل منهما أنصار الطرف الآخر أو مجموعات معينة بتعابير مثل “القمامة” أو “مجرمين”، مما أثار ردود فعل واسعة بين الشخصيات العامة والمشاهير.

ومؤخرا وخلال تجمع انتخاب لترامب، وصف الممثل الكوميدي توني هينتشليف، بورتوريكو بأنها “جزيرة قمامة في المحيط” خلال حضوره تجمعا انتخابيا كبيرا لترامب.

فما كان من بايدن إلا أن رد بالقول: “الناس من بورتوريكو حيث أعيش في ولايتي ديلاوير، هم أناس طيبون ومحترمون، والقمامة الوحيدة التي أراها تطفو هناك هي أنصاره (أنصار ترامب”، وتابع: “شيطنته للاتينيين غير مقبولة وغير أمريكية”.

كما أشار بايدن في تصريحات أخرى إلى أن بعض أنصار ترامب يتبنون “أيديولوجيات متطرفة” تتعارض مع القيم الديمقراطية الأساسية في الولايات المتحدة.

من جهته، أدلى ترامب في حملاته بتصريحات مثيرة للجدل تجاه المهاجرين والأمريكيين من أصل لاتيني، وقد وصف بعضهم بعبارات سلبية، مشيرا إلى تهم تتعلق بالجريمة وعدم الالتزام بالقوانين.

كما اتهم المهاجرين من هايتي، بأنهم يمارسون عادات ثقافية تتضمن أكل الحيوانات الأليفة، دون أي دليل على صحة هذه الادعاءات. وقد تسببت تصريحات ترامب هذه بأزمة جديدة في العلاقات بين الإدارة الأمريكية وبعض الفئات المجتمعية، وزادت من القلق حول خطاب الكراهية تجاه المهاجرين.

واعتبر ترامب أن سياسة الهجرة التي تنتهجها الإدارة الأمريكية الحالية حولت الولايات المتحدة إلى مكب نفايات للعالم أجمع.

وأثارت هذه التصريحات ردود فعل متباينة بين الشعب الأمريكي، حيث رأى مؤيدو بايدن أن تصريحاته تعكس قلقا مشروعا من قضايا التطرف داخل بعض مجموعات مؤيدي ترامب، معتبرين أن الحفاظ على الديمقراطية يتطلب اتخاذ موقف واضح تجاه الأفكار التي يعتبرونها متطرفة.

من جهة أخرى، عبر أنصار ترامب عن غضبهم من هذه التصريحات، معتبرين أنها تمييزية وتفتقر إلى الاحترام تجاه شريحة كبيرة من الشعب.

أما بالنسبة للأمريكيين من أصل لاتيني، فقد رأى الكثيرون أن تصريحات ترامب تعبر عن تهميش وتسهم في تشويه سمعتهم، مما أثر على مواقفهم الانتخابية ودفع العديد منهم إلى إعادة التفكير في تأييدهم للحزب الجمهوري.

هذا ولم تقتصر التعليقات على تصريحات بايدن وترامب على الساسة والنشطاء فحسب، فقد انضم فنانو هوليوود ومشاهيرها للنقاش، حيث عبروا عن مواقفهم الرافضة لهذا الأسلوب الخطابي، خاصة في ظل تأثيره على وحدة المجتمع.

ويأتي هذا في ظل الدور الكبير الذي يلعبه نجوم هوليوود في تشكيل الرأي العام والتأثير على الناخبين، فلدى العديد من المشاهير ملايين المتابعين عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما يمنحهم منصة قوية للتأثير على آراء الناخبين.

كما يقوم المشاهير بتشجيع متابعيهم على التسجيل للتصويت والمشاركة في الانتخابات. وغالبا ما يكون تأثيرهم قويا في زيادة إقبال الناخبين، وخاصة بين الشباب والمجتمعات غير الممثلة بالقدر الكافي في العملية الانتخابية.

ومن المشاهير الذين علقوا على تصريحات ترامب جينيفر لوبيز، التي تعد من أبرز الفنانين اللاتينيين في هوليوود، وقد عبرت عن استيائها من تصريحات ترامب، وقالت: “يبدو أن هناك تحاملا واضحا ضد اللاتينيين، وهذا أمر غير مقبول. نحن فخورون بهويتنا وسنواصل الدفاع عنها”.

أما الممثل روبرت دي نيرو، المعروف بمواقفه الحادة تجاه ترامب، لم يتردد في انتقاد خطابه، معتبرا أنه يشجع الانقسامات الاجتماعية. وعلق قائلا إن “أسلوب ترامب العدائي تجاه بعض الفئات هو محاولة لإثارة الفوضى والارتباك بين الناس. على القادة أن يوحدوا المجتمع لا أن يقسموه”.

وقد أعلن الحاكم الجمهوري السابق لولاية كاليفورنيا أرنولد شوارزنيغر دعمه المرشحة الديمقراطية للرئاسة الأمريكية كامالا هاريس، معتبرا أن “وصف أمريكا بأنها مكب نفايات بالنسبة للعالم هو أمر غير وطني إلى حد يثير غضبي”.

وفي حين أن نجوم هوليوود غالبا ما يظهرون تأييدهم للحزب الديمقراطي، إلا أن بعضهم ورغم تأييدهم لبايدن، فقدوا انتقدوا تصريحاته واعتبروا أن الوحدة الوطنية لا تتحقق إلا من خلال الاحترام المتبادل والتعبير عن الاختلافات بطرق بناءة.

وقد عبر مارك روفالو، الناشط البيئي والممثل المعروف، عن انتقاده لخطاب بايدن كذلك، ودعا إلى التخفيف من حدة التعابير، قائلا: “علينا أن نتعلم الاستماع للآخرين بدلا من إهانتهم، والبحث عن أرضية مشتركة بدلا من التعميم الذي يزيد التوتر”.

أما الممثل دواين جونسون (ذا روك) وعلى الرغم من دعمه الديمقراطي التقليدي، قال إن “الوحدة لا تأتي من وصف الناس بأوصاف سلبية فقط بسبب تفضيلاتهم السياسية”.

بدوره، قال ماثيو ماكونهي، الذي اشتهر بمواقفه الداعية إلى الوسطية، إن “السياسيين بحاجة إلى التقليل من حدة الخطاب والتركيز على ما يجمع وليس ما يفرق”، مضيفا: “من السهل السقوط في فخ وصف من يخالفنا الرأي بأوصاف سلبية، ولكن بناء دولة موحدة يتطلب احترام وجهات النظر المختلفة”.

المصدر: RT

Shares