ليبيا – قال أستاذ التمويل بجامعة نوتنجهام ترنت ببريطانيا ومؤسس سوق المال الليبي، سليمان الشحومي، إن القرارات التي أطلقها مجلس إدارة المصرف المركزي في اجتماعه الأول تأتي ضمن خطة قصيرة المدى، وفي إطار الدفعة الإيجابية التي يسعى مجلس الإدارة إلى تقديمها للمجتمع الليبي والمجتمع المالي والاقتصادي في ليبيا. وأضاف: “لكن في تقديري، رفع المجلس كثيرًا سقف التوقعات، وكان عليه أن يكون أكثر دقة وتحديدًا، خصوصًا فيما يتعلق بفتح المقاصة بين الشرق والغرب”.
وأوضح الشحومي، في تصريحات خاصة لصحيفة صدى الاقتصادية: “نعلم أن قرار فتح المقاصة يحتاج إلى أكثر من مجرد قرار يُتخذ من قبل المركزي؛ فهو يتطلب إرادة حقيقية وإعلان خطوات إيجابية لفتحها، خاصة أن فتح المقاصة مرتبط بتسوية الدين العام المتراكم في حسابات المصرف المركزي في فرعه بمدينة بنغازي. وهذه التسوية تحتاج إلى قرار سياسي (قرار تشريعي من خلال المجلسين) وقدرة فعلية للمركزي على تنفيذ هذه الخطوة على أرض الواقع عبر تسوية كاملة وفتح المقاصة بشكل انسيابي، وليس عبر الإجراءات التجميلية التي كانت تُنفذ سابقًا بتحويل الأرصدة”.
وتابع الشحومي حديثه: “في السابق، كان مصرف ليبيا المركزي يدعي فتح المقاصة، لكن المشكلة القائمة كانت تؤدي إلى صعوبة تحقيق الفتح الكامل والشامل للمقاصة المصرفية. وقد أطلق المركزي أيضًا مجموعة من الوعود المتفائلة للمستقبل، منها التمويل الإيجاري وفق القانون الصادر في عام 2010، وربما هناك حاجة لإجراء تعديلات جوهرية ومهمة على القانون حتى يمكن تأسيس شركات تمويل إيجاري تعمل بشكل صحيح وسليم، وهناك أيضًا حاجة إلى المزيد من الوقت لتنظيم هذا القطاع”.
وأضاف: “مسألة فتح الصرّافات تتطلب استقرار سعر الصرف وتوفر العملة الأجنبية النقدية، وغيرها من الشروط والعوامل التي قد يصعب تحقيقها فورًا. وبالنسبة للاستثمار واستخدام الودائع، كان من الأجدر بمجلس الإدارة تطبيق القانون الذي أعاد العمل بالفائدة التقليدية والذي صدر عام 2023م، متسائلًا: لماذا لم يتم تطبيق هذا القانون؟”.
وأشار الشحومي: “كان من الأولى للمصرف المركزي أن يتصدى لدوره الأساسي في إدارة سعر الصرف، إلا أن هذا لم يذكر في بيانه، كما لم يُوضح المصرف موقفه من الضريبة المفروضة على بيع العملة الأجنبية، رغم صدور أحكام قضائية تطالب بإلغائها، بينما يواصل المركزي تطبيقها. إن مثل هذه القرارات ترسل إشارة إيجابية ومحمودة، لكنها تتضمن بعض التعقيدات التي قد تجعل من الصعب تنفيذها. كما أغفل البيان بعض الأمور الهامة التي تمس صميم عمل المصرف، على رأسها قضية سعر الصرف وشفافيتها وكيفية التعامل معها، إضافة إلى قضية الضريبة على سعر الصرف، ولم يوضح كيف سيتعامل المصرف مع مسألة وجود حكومتين في البلاد”.