نيويورك – توصل فريق من العلماء إلى اكتشاف مثير قد يكون له تأثير كبير على فهمنا للشيخوخة البشرية وإطالة العمر.
وقد أظهرت الدراسة الجديدة التي أجراها فريق من كلية وايل كورنيل للطب، أن الحفاظ على حجم صغير للنوية، وهي بنية كثيفة في نواة الخلية، قد يكون له دور رئيسي في تأخير الشيخوخة. وهذا الاكتشاف، الذي تم التوصل إليه باستخدام الخميرة ككائن حي نموذجي (المعروف بدورها في صناعة الخبز والبيرة، ولكنها مشابهة بشكل مدهش للبشر على المستوى الخلوي)، يشير إلى أن النوية الصغيرة قد تعمل كـ “مؤقت للموت” داخل الخلايا، حيث يمكن أن تؤثر على استقرار الحمض النووي الريبوسومي (rDNA) – وهو أحد أنواع الحمض النووي الريبوزي – وتؤخر العديد من الأمراض المرتبطة بتقدم العمر، مثل السرطان وأمراض القلب.
ومع تقدم الناس في السن، يصبحون أكثر عرضة للإصابة بحالات صحية مثل السرطان، أمراض القلب والأوعية الدموية، وأمراض الأعصاب التنكسية.
وقالت الدكتورة جيسيكا تايلر، أستاذة علم الأمراض والطب المختبري في وايل كورنيل: “الشيخوخة هي أكبر عامل خطر لهذه الأمراض. وبدلا من معالجة كل مرض على حدة، سيكون من الأفضل تطوير علاج أو مكمل يساهم في تأخير ظهور الأمراض عن طريق منع العيوب الجزيئية الأساسية التي تسببها. وقد يكون للنوية الدور الكبير في ذلك”.
وتحتوي النواة على الكروموسومات الخاصة بالخلية والنوية التي تحتوي على الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي (rDNA). وتقوم النوية بعزل الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي الذي يشكل أجزاء من الريبوسومات، “الآلات” التي تصنع البروتينات. ويعد الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي أحد أكثر أجزاء الجينوم هشاشة، بسبب طبيعته التكرارية ما يجعله أكثر صعوبة في الصيانة وإصلاحه إذا تعرض للتلف. وإذا لم يتم إصلاح الأضرار في الحمض النووي الريبوزي الريبوسومي بشكل دقيق، فقد يؤدي ذلك إلى إعادة ترتيب الكروموسومات وموت الخلايا.
وفي الكائنات الحية من الخميرة إلى الديدان وحتى البشر، تتوسع النويات مع تقدم العمر. وعلى الجانب الآخر، فإن استراتيجيات مكافحة الشيخوخة مثل تقليل السعرات الحرارية (أو الأكل أقل) تؤدي إلى تقليص حجم النوية.
وخلال الدراسة، قام العلماء بتصميم طريقة صناعية لربط الحمض النووي الريبوسومي بغشاء النواة في خلايا الخميرة بحيث يتمكنون من التحكم في وقت تثبيته وإزالته. وهذه الطريقة سمحت لهم بتعديل حجم النوية بشكل مباشر دون التأثير على باقي العمليات البيولوجية.
وعندما تمكن الفريق من الحفاظ على النوية صغيرة الحجم، لوحظ أن الخلايا أظهرت تأخيرا في الشيخوخة، وهو تأثير يشبه ما يحدث عند تقليل السعرات الحرارية. أي أن تقليص حجم النوية يمكن أن يساهم في إبطاء التدهور الخلوي.
وعندما بدأ الفريق بتوسيع حجم النوية، وجدوا أن الخلايا بدأت في التدهور بسرعة. والنويات الكبيرة أظهرت عدم استقرار في الحمض النووي الريبوسومي (rDNA)، ما يؤدي إلى تراكم الأضرار الجينية مثل إعادة ترتيب الكروموسومات، وهي من الأسباب الشائعة لموت الخلايا.
واكتشف العلماء أن النوية الصغيرة تستمر في الحجم الصغير خلال معظم عمر الخلية، ولكن بمجرد أن تصل النوية إلى حد معين من الحجم، تبدأ في التوسع بسرعة. وهذا التوسع السريع يبدو أنه يعمل كـ”مؤقت للموت”، حيث أن الخلايا التي تجاوزت هذه العتبة لم تعش إلا خمس انقسامات خلوية إضافية في المتوسط قبل أن تموت.
وعندما تصبح النوية كبيرة جدا، تتسرب إليها البروتينات والعوامل التي عادة ما تكون محجوزة في أماكن أخرى داخل الخلية. وهذا التدفق غير المرغوب فيه يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار الجينوم، حيث يصبح الحمض النووي الريبوسومي عرضة للضرر، ما يؤدي إلى تدمير الخلية.
وتتمثل الخطوة التالية في دراسة تأثير النوية على الشيخوخة في الخلايا الجذعية البشرية، التي لها قدرة فريدة على تجديد نفسها واستبدال الخلايا الميتة، لكنها تتوقف عن الانقسام بعد فترة معينة.
ويأمل العلماء في استخدام هذه النتائج لتطوير استراتيجيات تساعد في الحفاظ على الخلايا الجذعية لأطول فترة ممكنة، ما يساهم في إبطاء الشيخوخة وإطالة العمر البشري.
المصدر: scitechdaily