بي بي سي: قصص مروعة لسودانيات في أبوسليم مقابل ظروف أفضل في الشرق

ليبيا – تناول تقريرٌ ميدانيٌّ نشره القسمُ الإنجليزيُّ في شبكةِ “بي بي سي” الإخباريةِ البريطانيةِ ما عُبِّرَ عنه بـ”جحيمٍ حيٍّ” تواجهه سودانياتٌ في ليبيا.

التقريرُ الذي تابعتهُ وترجمت أهمَّ ما ورد فيه من مضامين صحيفةِ المرصد، أكَّد مواجهةَ هؤلاء النساء للاغتصاب والإساءة في البلاد، ناقلًا عن “ليلى” – وهو اسمٌ مستعار – قولَها: “نحن نعيش في رعبٍ بعدَما هربتُ من السودان مع زوجي وستةِ أطفالٍ في أوائل العام الماضي بحثًا عن الأمان في ليبيا”.

وقالت “ليلى”: “ذهبت الأسرة إلى مصر أولًا قبل أن ندفع للمتاجرين بالبشر 350 دولارًا لنقلنا إلى الأراضي الليبية، حيث قيل لنا إن الحياة ستكون أفضل، وسنتمكّن من العثور على وظائف في التنظيف والضيافة. ولكن بمجرد عبورنا الحدود احتجزونا كرهائن، وضربونا، وطالبونا بمزيدٍ من المال”.

وأضافت “ليلى” قائلة: “احتاج ابني إلى رعايةٍ طبيةٍ بعد أن تعرّض للضرب مرارًا وتكرارًا على وجهه، وبعد ثلاثة أيامٍ أطلق المتاجرون بالبشر سراحنا من دون إبداء الأسباب. اعتقدت أن حياتي الجديدة في ليبيا بدأت تتحسّن بعد أن تمكّنت الأسرة من السفر غربًا، واستأجرت غرفةً وبدأت العمل”.

وقالت “ليلى”: “ولكن ذات يومٍ غادر زوجي للبحث عن عملٍ ولم يعد، ثمّ تعرّضت ابنتي ذات الـ19 عامًا للاغتصاب من قِبل رجلٍ يعمل معي، وقد أخبرها أنه سيغتصب أختها الصغرى إذا تكلّمت عمّا فعله بها. وأخشى أن يتم طردي من العمل وأسرتي بعدما علمت صاحبةُ المنزل بالتهديدات”.

وأضافت “ليلى”: “نحن محاصرون في ليبيا، وليس لدينا المال لدفعه للمتاجرين من أجل المغادرة، ولا يمكننا العودة إلى السودان الذي مزّقته الحرب. وبالكاد لدينا أيُّ طعامٍ، وأطفالي لا يذهبون إلى المدرسة، وابني يخاف مغادرة المنزل لأن الأطفال الآخرين يضربونه ويهينونه لأنه أسود. أشعر أنني سأفقد عقلي”.

ووفقًا لـ”سلمى”، فقد أمضت عائلتُها ما يقرب من شهرين في مستودعٍ لتجارِ البشر في ليبيا بعد أن نُقلوا من مصر إليها، ليتم لاحقًا فصلُها عن زوجها ونقلُها إلى غرفةٍ للنساء والأطفال، لتتعرّض هي وطفلاها لأشكالٍ مختلفةٍ من الوحشية؛ لأنهم أرادوا المال.

وقالت “سلمى”: “لقد تركت سياطُهم آثارًا على أجسادنا. كانوا يضربون ابنتي ويضعون يدَ ابني في فرنٍ مشتعلٍ بينما كنت أشاهدهم. وفي بعض الأحيان كنت أتمنى أن نموت جميعًا معًا، ولم أستطع التفكير في أي مخرجٍ آخر. وأُصيب ابني وابنتي بصدمةٍ نفسيةٍ ويعانيان من سلس البول منذ ذلك الحين”.

وأضافت “سلمى” قائلة: “كانوا يأخذونني إلى غرفةٍ منفصلةٍ للاغتصاب مع رجالٍ مختلفين في كلِّ مرة، وأنا أحمل طفلًا من أحدهم. وفي النهاية جمعنا بعضَ المال من خلال صديقةٍ في مصر، وأطلق المتاجرون بالبشر سراحنا، وأخبرني أحدُ الأطباء أن الأوان قد فات لإجراء عمليةِ إجهاض”.

وتابعت “سلمى” بالقول: “وعندما اكتشف زوجي أنني حامل، تخلى عني وعن الأطفال، وترَكنا لننام في العراء، لنأكل بقايا الطعام من صناديق القمامة ونتسوّل في الشوارع. وجدنا ملجأً في مزرعةٍ نائيةٍ في شمالِ غربِ ليبيا لفترةٍ من الوقت، حيث قضينا أيامًا كاملةً بقليلٍ من الأكل أو من دونه”.

وقالت “سلمى”: “روّينا عطشنا بشرب المياه الملوّثة من بئرٍ قريبة. ويحزنني أن أسمع ابني الأكبر يقول إنه يموت من الجوع حرفيًا، فهو جائعٌ للغاية، ولكن ليس لديَّ أيُّ شيءٍ ولا حتى ما يكفي من الحليب في ثديي لإطعامه”، في وقتٍ روت فيه “جميلة”، وهي في منتصف الأربعينيات، قصتَها.

وقالت “جميلة”: “صدقنا التقارير الواردة من المجتمع السوداني بأن حياةً أفضل تنتظرنا في ليبيا، وتعرّضت اثنتان من بناتي للاغتصاب مرارًا وتكرارًا منذ ذلك الحين. كانتا تبلغان من العمر 19 و20 عامًا عندما حدث ذلك لأول مرة، وأرسلتهما إلى وظيفةٍ في التنظيف بينما كنت مريضة”.

وأضافت جميلة بالقول: “عادتا في الليل ملطّختين بالتراب والدماء، فقد اغتصبهما أربعةُ رجالٍ حتى أُغمي على إحداهما. وتعرّضتُ للاغتصاب والاحتجاز لأسابيع من قبل رجلٍ أصغرَ مني سنًا بكثيرٍ عرض عليَّ وظيفةً لتنظيف منزله، وكان يناديني بالسوداء المقزِّزة”.

وتابعت “جميلة” بالقول: “حتى الأطفال هنا يعاملوننا بقسوة، ويهينوننا لكوننا سُودًا وأفارقة. وعندما تعرّضت بناتي للاغتصاب لأول مرة، أخذتهما إلى المستشفى وأبلغت الشرطة في غرب ليبيا. وعندما أدرك الضابط أننا لاجئاتٌ، سحب البلاغ وحذّرني من أنني سأسجن إذا تم تقديم الشكوى رسميًا”.

وبالانتقال إلى “هناء”، العاملة في جمعِ الزجاجاتِ البلاستيكية من الصناديق لإطعام أطفالها، فقد قالت: “اختُطفت في غرب ليبيا، وتم اقتيادي إلى غابةٍ واغتصابي من قبل مجموعةٍ من الرجال تحت تهديد السلاح. وأخذوني في اليوم التالي إلى منشأةٍ يديرها جهازُ دعمِ الاستقرار لاحتجازي”.

وتابعت هناء بالقول: “وهناك تعرّض الشباب والأولاد للضرب، وأُجبروا على خلعِ ملابسهم تمامًا بينما كنت أشاهد ذلك. وكنت هناك لأيامٍ أنام على الأرض العارية، وأريح رأسي على نعلي البلاستيكي. وكانوا يسمحون لي بالذهاب إلى المرحاض بعد ساعاتٍ من التوسّل. وتعرّضت للضرب مرارًا وتكرارًا على رأسي”.

واختُتم التقرير بالإشارة إلى رفضِ السلطاتِ في وزارة داخلية الدبيبة الردَّ على الاستفسارات بخصوص ما ورد من معلوماتٍ فيه.

ترجمة المرصد – خاص

Shares