“يوم الدبس”.. إحياء للتراث وإنعاش للاقتصاد في راشيا اللبنانية

لبنان – توافد آلاف اللبنانيين عند سفوح جبل الشيخ،الى بلدة راشيا في محافظة البقاع (شرق)، احتفالاً بـ “يوم الدبس” كتقليد قروي يعكس التمسك بالأرض رغم الحرب العنيفة التي عاشتها المنطقة قبل عام ولا تزال ذيولها حتى اليوم.

و”الدبس”؛ شراب حلو تقليدي يُنتج من العنب، فيما يشكل هذا اليوم في “راشيا”، حدثاً ثقافياً يركز على إنتاج واستهلاك الدبس، وإحياء أهميته الثقافية، والاستمتاع بنكهاته الفريدة في المأكولات الإقليمية.

وتنظم الفعالية منذ سنوات عدة في أكتوبر/تشرين الأول من كل عام، في موسم حصاد العنب، حيث يتم التوافق على اليوم الذي تقام فيه، وليس لها يوم محدد بعينه.

وتشتهر “راشيا” بصناعة دبس العنب، وتنتج مئات الأطنان منه سنويا، تباع في السوق المحلي ويصدر قسم كبير منها إلى الخارج، كما تحتضن معالم أثرية وتاريخية لا سيما سوقها الأثري.

و”راشيا”؛ إحدى بلدات قضاء “راشيا” في محافظة البقاع، تبعد 85 كلم عن العاصمة بيروت، فيما تبعد عن الحدود السورية حوالي 7 كيلومترات فقط، وترتفع عن سطح البحر 1250 متراً، وتشتهر بصناعاتها الحرفية، أهمها الفضة، والمدافئ التقليدية.

** مشاركة آلاف

وبالإضافة الى إحياء الحنين إلى الماضي، يشكل “يوم الدبس” مناسبة لانعاش سوق المزارعين وصانعي المؤونة المنزلية مع حلول فصل الخريف استعداداً لأيام الشتاء الباردة، خصوصاً أن المنطقة تشتهر بكروم العنب والمعاصر القديمة.

في حديثه للأناضول، قال منظم فعالية “يوم الدبس” نزار مهنا: “العام الماضي لم نستطع إحياء يوم الدبس بسبب العدوان الإسرائيلي، أما اليوم ورغم أن ما يحصل في البلدات القريبة دقيق ومؤثر، حرصنا على إحياء المناسبة لنفعّل الحركة الاقتصادية، خصوصاً أن منطقتنا بحاجة إلى ذلك ومن أجل تسويق المنتجات”.

ولفت مهنا، إلى أن “الآلاف شاركوا بهذا اليوم، وذلك يدل على أن الأمل الموجود بمستقبل مزدهر”.

لكنه أشار إلى أنه “في العادة يتوافد من جنوب لبنان أعداد كبيرة من الزوار أكثر مما حضر اليوم خصوصاً من منطقة النبطية (جنوب)”.

وفي أكتوبر 2023، شنت إسرائيل عدوانا على لبنان حولته في سبتمبر 2024 إلى حرب شاملة قتلت خلالها أكثر من 4 آلاف شخص وأصابت نحو 17 ألفا آخرين.

ورغم التوصل في نوفمبر/ تشرين الثاني 2024 إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين “حزب الله” وإسرائيل، فإن الأخيرة خرقته أكثر من 4 آلاف و500 مرة لا سيما في مناطق جنوبي وغربي لبنان، ما أسفر عن مئات القتلى والجرحى.

وفي تحد للاتفاق تحتل إسرائيل 5 تلال لبنانية سيطرت عليها في الحرب الأخيرة، إضافة إلى مناطق أخرى تحتلها منذ عقود.

** عيش مشترك

من جهتها، قالت إحدى سيدات البلدة عبير ناجي، للأناضول: “نحن أهل الأرض، وأهم رسالة للعالم أننا رغم الحروب والعنف والعدوان الإسرائيلي الذي حصل والمستمر كل يوم في الجنوب، نحن هنا تحت سفوح جبل الشيخ، في أرضنا لبنانية ووطننا العربي”.

وأضافت أن “راشيا، تتميز بالعيش المشترك، وهي تضم تنوعا طائفياً من الدروز والمسيحيين، ويتوافد إليها الزوار من جميع المناطق، لذلك تشكل نموذجاً تراثياً لكل لبنان (…) ونحن نتمسك بكل حبة تراب من بلدنا”.

بدوره، قال أحد بائعي الدبس والعسل والمؤونة المنزلية، فارس فايق، إنه يأمل أن “يشكل هذا اليوم محاولة للنهوض بالمنطقة مجدداً بعد أزمة كادت تطيح بالبلاد (الحرب الأخيرة) شعبنا لديه أمل لإعادة إنعاش بلدنا وتثبيت هويتنا الوطنية والعربية”.

أما الدرزي مفيد محمود، وهو صاحب محل لبيع المؤونة المنزلية، فقال إن “هذا اليوم تاريخي وعيد وطني، لأنه يجسد العيش المشترك والأرض الغنية، والمنتجات الطبية التي جمعتنا تحت العلم اللبناني (…) وهذا الفرح مستمد من قلوب المحبين لهذه الأرض”.

 

الأناضول

Shares